مميز
EN عربي
الكاتب: الدكتور عبد الإله الحوري
التاريخ: 20/03/2011

أدعية حفظ النفس

مقالات
أدعية حفظ النفس
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الدعاء هو العبادة" ثم قرأ
{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}
وقد أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم في سنته إلى أدعية كثيرة يتقرب بها العبد إلى الله ويناجيه بها، ومن هذه الأدعية التي علمنا إياها النبي صلى الله عليه وسلم أدعية يحفظ الله بها قائلها، ومن هذه الأدعية أدعية يحفظ الله بها الإنسان في دنياه من كل سوء، ومنه ما يحفظه الله بها من الشياطين، ومنها ما يحفظه الله بها من العين، ومنها ما يحفظ الله بها إيمان العبد فلا يموت إلا على الإيمان، وفيما يلي أذكر بعضا من هذه الأدعية لعل الله أن ينفعنا بها.
وقبل أن أذكر هذه الأدعية لا بد من الإشارة إلى أن هذه الأدعية لا تنفع صاحبها ما لم يكن على يقين من صدق النبي فيما أخبر به، فيقرأ العبد هذه الأدعية وهو موقن بأن الله سيحفظه بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، أما إذا قرأها العبد وهو شاك بها، أو غير متيقن منها، أو قرأها على سبيل التجريب فإنها لا تنفعه لأن الله لا يجرب،
وقد جاء في الحديث الذي رواه الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه".
وقد ضرب الصحابة لنا المثل الأعلى في يقينهم بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم فقد روي أنه جاء رجل إلى أبي الدرداء رضي الله عنه فقال: يا أبا الدرداء احترق بيتك. فقال: ما احترق. ثم جاء رجل آخر فقال: يا أبا الدرداء احترق بيتك. فقال: ما احترق. ثم جاء رجل آخر فقال: يا أبا الدرداء انتهت النار فلما انتهت إلى بيتك طفئت. قال قد علمت أن الله عز وجل لم يكن ليفعل. قالوا يا أبا الدرداء ما ندري أي كلامك أعجب؟ قولك ما احترق، أو قولك قد علمت أن الله لم يكن ليفعل؟ قال: ذلك لكلمات سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، من قالها أول النهار لم يصبه مصيبة حتى يمسي ومن قالها آخر النهار لم يصبه مصيبة حتى يصبح:
"اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت عليك توكلت وأنت رب العرش العظيم ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، أعلم أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما، اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم".
فهذا أبو الدرداء أيقن بصدق خبر النبي صلى الله عليه وسلم فأيقن أن الله لا يصيبه بمصيبة وقد قال هذا الدعاء الذي علمه إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم. (التدوين في أخبار قزوين، وتاريخ مدينة دمشق) ومن هذه الأدعية:
هذا الدعاء الذي سبق ذكره عن أبي الدرداء رضي الله عنه.
ومنها ما رواه الترمذي وأبو داود وغيرهما (واللفظ لأبي داود) عن أبان بن عثمان قال سمعت عثمان يعني ابن عفان يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"من قال بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات لم تصبه فجأة بلاء حتى يصبح (وفي رواية الترمذي لم يضرَّه شيء) ومن قالها حين يصبح ثلاث مرات لم تصبه فجأة بلاء حتى يمسي"
وقال (أي: الراوي عن أبان): فأصاب أبان بن عثمان الفالج فجعل الرجل الذي سمع منه الحديث ينظر إليه، فقال له: ما لك تنظر إلي؟ فوالله ما كذبت على عثمان ولا كذب عثمان على النبي صلى الله عليه وسلم ولكن اليوم الذي أصابني فيه ما أصابني غضبت فنسيت أن أقولها.
ومنها: حديث مسلم بسنده إلى سعد بن أبي وقاص أمه قال سمعت خولة بنت حكيم السلمية تقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من نزل منزلا ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك".
ومنها: حديث مسلم عن أبي هريرة أنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ما لقيت من عقرب لدغتني البارحة. قال: "أما لو قلت حين أمسيت أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضرك".
ومنها حديث البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين ويقول: "إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة".
ومنها حديث الترمذي وأبي داود وأحمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا فزع أحدكم في النوم فليقل أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون فإنها لن تضره". وكان عبد الله بن عمرو يلقنها من بلغ من ولده ومن لم يبلغ منهم كتبها في صك ثم علقها في عنقه.
ومنها حديث الترمذي: عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قال حين يمسي ثلاث مرات أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره حمة تلك الليلة". قال سهيل فكان أهلنا تعلموها فكانوا يقولونها كل ليلة فلدغت جارية منهم فلم تجد لها وجعا.
ومنها حديث مسلم عن البراء بن عازب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أخذت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن ثم قل: اللهم إني أسلمت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت. واجعلهن من آخر كلامك فإن مت من ليلتك مت وأنت على الفطرة".
ومنها حديث مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم يأت أحد أفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك ومن قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر".
ومنها حديث البخاري عن شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:
"سيد الاستغفار أن تقول اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. قال: ومن قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة".
فمن حافظ على سيد الاستغفار في الصباح والمساء موقنا به فهو محفوظ الإيمان، أي إنه لن يُضر في إيمانه فإذا مات كان من أهل الجنة.
ومنها حديث البخاري عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه". وقد اختلف العلماء في معنى: (كفتاه): منهم من قال: كفتاه عن قيام الليل، ومنهم من قال: كفتاه كل سوء في ليلته.
ومنها حديث الطبراني عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت".
فهذا محفوظ من الله تعالى فلا يُضرُّ في إيمانه وهو من أهل الجنة إلا أنه يمنعه من دخولها _حقيقةً_ حياتُه فإذا مات دخلها.
ومنها حديث مسلم عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال". وفي رواية لأحمد:
"من قرأ عشر آيات من آخر الكهف عصم من فتنة الدجال" وفي رواية:
"من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف" أي عصم من الدجال.
- ونحتم هذه الأدعية بما رواه أبو داود عن ابن عمر أنه قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح:
"اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي".
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

تحميل