رثاء أهل الوفاء
رثاء أهل الوفاء
حسن البوطي
أخوَين من مجموعة أخوة مباركة تميزت بالصفاء .. أخوةٌ عرفناهم، فأحببناهم حتى صاروا لنا كالأشقّاء .. لكنني لم أكُن أتخيّلُ بأني سأكتب يوماً لأقربهم منّا مودّةً .. رثاء.
خالد .. صاحب الجود والكرم والسخاء.. معطاء عطوف على الصغار والأيتام وخدومٌ للضعفاء .. محبٌ للعلماء .. ذو شهامةٍ وإباء .. وله على موقع نسيم الشام يداً بيضاء..
هو مَن أكرمه الله بخدمة جدّي في حياته .. وفي رحيله عن دار الفناء، فكان مرافقاً للشيخ، وكان الذي قام بحمل الشيخ الشهيد عند استشهاده على كرسيّ درسه الغراء..
واليوم رَحلَ خالد .. رحلَ اشتياقاً ولحِق بشيخِه شيخ الشهداء .. ولم يرحل وحيداً بل اصطحب معه أحد إخوانه ... فكان علينا نزول البلاء، فقدنا حبيباً عظيماً كريماً، يعمل خيراتٍ بالخفاء .. ويمتلئ قلبه نوراً وضياء ..
ارتقى إلى رب الأرض والسماء تاركاً وراءه قلوباً تفطّرت حزناً وألماً ولأواء .. رضينا بالقدر وبالقضاء .. فالله يقدّر ما يشاء ..
فالحمد لله وإنا لله وإنا إليه راجعون فنِعم الإخاء أنت وأنعِم بالأخوة الأصفياء ..
عزائي لنفسي في هذا الرثاء..
عزائي لأبٍ و لأمٍّ فقدوا اثنين من أبنائهما قد قطعت بينهم المسافات والسُّنون .. على أمل قُرب اللقاء.
عزائي للأخوة الذين لا نراهم إلا أنهم مِنّا ونحن منهم، فهُم مَن ترى فيهم كل المحبّة والوفاء.
عزائي لنساءٍ فقدنَ أزواجَهُنَّ، وأطفالٍ فقدوا آباءهم .. ولكن لا رادّ للقضاء .. والله يسكب في قلوبهم صبراً جميلاً والموعد على الحوض عند سيد الأنبياء ..
عزائي لوالدي وسيدي الدكتور محمد توفيق، الذي لم يكن يرى خالداً إلا أنه واحداً من أعزِّ الأبناء ..
عزائي لأخي الدكتور محمود الذي كان خالداً له من أعزِّ الأعزاء، وأوفى الأوفياء ..
ثم عزائي لأعِزَّائي وأصحابي الذين شاركوه وعاشوا معه السَّرَّاءَ والضَّرَّاء ..
والأمل الذي نعيشه اليوم هو اللقاء .. لقاءٌ يجمعنا وأحبابنا في العلياء .. في جنة الفردوس يا خالد ويا محمد وتحت لواء نبينا وسيدنا محمد سيد الرسل والأنبياء .. مع الأحبة على الحوض موعدنا نشرب من يده الشريفة المباركة شربةً فيها الهناء ..
فمِنّا الرجاء .. واللهَ الكريم نرجو أن يُجيب الدعاء .. دعاء من اغرورقت عيونهم بالبكاء ويظلُّ لطف ربي يستظلُّ به الجميع على السواء ..
أخوك المحب المشتاق.. حسن البوطي