مميز
EN عربي
الكاتب: أ.عبد الله لعريط
التاريخ: 28/09/2016

وصايا ومنن تبعد عنك الهم والحزن

مشاركات الزوار مشاركات في المواعظ والرقائق والأذكار والسلوك

وصايا ومنن تبعد عنك الهم والحزن

عبد الله لعريط الجزائري

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمدَ لله تعالى، نستعينُه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يهدِه الله فلا مضل له، ومن يضلِلْ فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبِه ومن تبِعه بإحسان إلى يوم الدين.

عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: " ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفّر الله بها من خطاياه". رواه البخاري ومسلم.

قوله (من نصب) أي من تعب.

قوله (ولا وصب) وهو المرض.

قوله (ولا هم) وهو المكروه الذي يلحق بالعبد وقد يكون على شيء لم يحصل بعد، والحزن ما يلحقه بسبب حصول مكروه في الماضي، وهما من أمراض الباطن، والأذى ما يلحقه من تعدي الغير عليه، والغم ما يضيق على القلب.

فالحديث جمع كل ما يصيب العبد في نفسه وقلبه وبدنه مما قد يؤثر عليه وعلى حياة أهله وأسرته وقد يفسد صفو إيمانه وتقواه.

فالمخرج بحول الله موجودا وسهلا لمن يسره الله عليه، وسوف أسوق بعض الأسباب والتدابير التي يجب اتخادها والعمل بها حين تنزل على قلب العبد نازلة من هم وغم وحزن لا قدر الله، حتى يسهل الأمر ويتيسر بمشيئة الله.

1) يجب أولا اليقين بأن كل بلاء من هم وحزن وضيق وشدة له مخرجا وحلا وسوف ينجلي مهما كبر البلاء وعم الضيق الأرجاء، فالله أكبر من كل شيء، وهو قادر على صرف كل مكروه وأنين بين الآونة والحين، قال الله تعالى:

(وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ) (الإسراء 82) ففي القرآن شفاء وسكينة وطمأنينة وراحة بشرط الإيمان واليقين بذلك.

2) يجب أن يكون العبد على علم بأن البشر لا يمكن لهم أن يبقوا على حال واحدة، ويستمروا على منوال واحد فدوام الحال من المحال، فتارة فرح وتارة ترح، وتارة سعة وتارة ضيق، وتارة عزة وتارة ذلة، وتارة قوة وتارة ضعف. والموت يفصل بين ذلك كله.

عن الأغر المزني (رضي الله عنه) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مئة مرة.) رواه مسلم

الغين: قال القاضي عياض رحمه الله: قيل المراد الفترات والغفلات عن الذكر الذي شأنه الدوام عليه. وقيل: هو شيء يعتري القلب مما يقع من حديث النفس، فإذا كان هذا حال المقربين فكيف بمن دونهم، وهذا العلم يخفف من حدة المعاناة على كل مصاب بحول الله تعالى.

3) التغيرات والحالات التي تمر على العبد هي من الله وبإذن منه سبحانه قال الله تعالى: (وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ) (يونس 107) فإذا كانت الذرة تتحرك بإذن الله فكيف بالعبد طولا وعرضا، وهذه المتغيرات تحدث لحكمة أرادها الله تعالى، وفي الحقيقة هي من عوامل استمرار الحياة وبعث القوة من جديد.

4) يجب على العبد حين يلم به شيء مما تكرهه النفس أن يتوقف عن ممارسة عمل أو شيء ما ربما لا تشتهيه نفسه، أو عليه أن يغير هيئته أو مكانه أو حتى يسافر، قال الله تعالى: (وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ۚ) (يونس 100)

المراغم: المتحول أي يتحول من حال إلى حال كما يتحول المسافر من مكان إلى آخر،

والسعة: سعة في العيش وفي الرزق وفي الصدر بعد الضيق، وقد تكون الذنوب هي من أسباب الضيق والحرج فيجب الإقلاع عنها والعودة والإنابة، عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزيد في العمر إلا البر، ولا يرد القدر إلا الدعاء، وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه. "

5) لا ينفعل العبد ولا يضطرب، فهذا لا يجدي نفعا، بل عليه بالصبر والتريث والبحث عن الحل فالغضب والإضراب من عوامل تعطيل وتأخير الحلول، أخرج البخاري رحمه الله " أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَوْصِنِى، قَالَ: لاَ تَغْضَبْ، فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: لاَ تَغْضَبْ. قال الرجل ففكرت حين قال النبي صلى الله عليه وسلم ما قال فإذا الغضب يجمع الشر كله".

6) للعلم قد يتغير مزاج العبد من أكلة أكلها أو حتى رائحة شمها أو نظرة أثرت فيه، فيحاول صرف تفكيره عنها، ولا صارف لها إلا الله فبالدعاء بحول الله تنصرف.

7) الذي يجب تعظيمه هو الله فلا شيء أعظم ولا أكبر منه سبحانه وتعالى فكل شيء بذكره يهون وهو رب الكون قال الله تعالى (مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا) (نوح 13) ما لكم لا ترون لله عظمة.

8) حتمية الالتجاء إلى الله والاستعانة به فقد يكون هو الذي طلبك وأراد أن يبتليك ليمنحك، أو يمكنك ويرفعك. قالَ النبي صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَكُونُ لَهُ عِندَ اللهِ المَنزلةَ فمَا يَبلُغُها بعَمَلٍ، فمَا يَزَالُ يَبتَلِيهِ بِمَا يَكرَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ إِيَّاهَا". صحيح الترغيب.

9) لا يرد الله طارقاً على بابه، قال الله تعالى: (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ) (النمل 62)

المضطر: الذي ضاقت عليه الأرض بما رحبت وضاقت عليه نفسه وطلب يد العون والغوث فلم يجدها من أحد، وتقطعت به الحبال وانقطعت عنه السبل فلم يجد سوى الله، إذا دعاه: ترغيب في الدعاء، فارج الهموم وكاشف الغموم، مزيل الأحزان ومرضي المنان الحنان، فعلى العبد ألا يظن بربه سوءا ولا يشك في قبول الله له، أو يخاف أن الله سوف يطرده من على بابه، فهذا محال، بل إن الله تعالى يجيبه ومن واسع رحمته يمده ومن عظيم كرمه يزيده. يكشف عنه اللأْواءُ والسوء والأسواء والداء والأدواء

- اللأواء: ضيق المعيشة وشدة المرض.

- وربما ساد وزاد ورفع شأنه بين العباد ويجعله خليفة وقائدا قواد.

- قائدا قواد: قَوِيُّ القِيَادَةِ.

10) اللجوء لدعوة الوالدين والتحنن لهما والبر بهما، كما جاء في الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال الن

تحميل