مميز
EN عربي
الكاتب: العلّامة الشهيد محمد سعيد رمضان البوطي
التاريخ: 14/03/2016

الكلمة التي كانت سبباً في وأد فتنة الجزائر

بحوث ودراسات

كلمة الإمام الشهيد البوطي

التــــي وجهها للشعـــب الجزائري

والتي كان لها الدور الرئيسي في إطفاء الفتنة هناك في تسعينيات القرن الماضي

السلام عليكم ورحمة الله وبعد..

يحييكم على البعد في دمشق أخ عرفكم فأحبكم، ويعتقد إلى هذه الساعة أنكم أيضاً أحببتموه. أحبكم لأنه آنس فيكم صدق الإسلام، وصدق الاعتزاز بدين الله، وأحببتموه لأنكم رأيتم فيه الإخلاص في الكلمة عندما يقولها، والموضوعية في الحديث عندما يُلقيه، عرفتم أنه لا يستبطن مصلحة ولكنه يهدف معكم إلى هدف واحد: "هو السير إلى مرضاة الله سبحانه وتعالى". وكم يسوؤني أيها الإخوة أن أكون بعيداً عنكم في هذه السنوات، وأن تنقطع صلتي بكم وتنقطع صلتكم بي. ولكنها محنة من المحن التي يبتلي الله سبحانه وتعالى بها عباده. فهل لكم أن تُصغوا إليّ أيها الإخوة بأذن الإنسان المسلم، بأذن الإنسان الذي لا يضع بين يديه إلا ميزاناً واحداً هو ميزان مرضاة الله سبحانه وتعالى؟ هل لكم أيها الإخوة في ساعة قدسية نلتقي فيها على ساعة من نقد الذات بالرجوع إلى الماضي وحصاده؟ هل لكم أيها الإخوة إلى أن نتداعى إلى مجلس يُرضي رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال: "الدين النصيحة. قلنا لمن؟ قال: لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم". إذن فاسمعوا أيها الإخوة مني إلى هذه الكلمات، أسأل الله عز وجل أن يجعلني وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه:

ألسنا جميعاً مسلمين أيها الإخوة؟ أعلم سلفاً الجواب عن هذا السؤال البدهي، كلكم يقول: نعم، وهل لنا إعتزاز بانتماء غير الإسلام؟ إذن كلنا مسلمون.

ماهو الإسلام أيها الإخوة؟ الإسلام هو أن يعرف الإنسان ربه سبحانه وتعالى واحداً متصفاً بسائر صفات الكمال منزهاً عن سائر صفات النقصان، وأن يجعل كيانه خاضعاً لسلطان هذه المعرفة، وأعتقد أننا جميعاً ندرك أن الإنسان إذا أسلم لله عز وجل وجهه، وإذا عرف صفات الله سبحانه وتعالى التي وصف الله عز وجل ذاته العليّة بها. إذا أسلم الإنسان بحق هذا الإسلام فاض قلبه حباً لهذا الإله، وفاض قلبه مهابةً له، ومخافةً منه، ومن ثمّ فإنّ مشاعر هذا الحب ومشاعر هذا الخوف تدعوه أن لا يتحرك إلا طبق ما يرضي الله سبحانه وتعالى، إن تكلم فباسم الله يتكلم، وإن سلك فإنما يسأل عمّا يُرضي الله سبحانه وتعالى من سلوكه، لا يخطو خطوة إلا بعد أن يستوثق أنّ فيها رضى الله، ولا يمارس عملاً إلا بعد أن يتأكد أنّ ذلك هو ما يرضي الله سبحانه وتعالى، ولا يقول كلمة إلا بعد أن يعلم أنّ فيها رضى الله سبحانه وتعالى. أعتقد أننا جميعاً متفقون على هذا الذي أقوله أيها الإخوة.

ونحن عندما نبحث عمّا يُرضي الله عز وجل في سلوكنا وأقوالنا، أين نجد المرجع إلى ذلك؟ لا نجد مرجعه إلا في القرآن الذي تنزّل وحيه من عند الله سبحانه وتعالى أو في السنة الصحيحة المُطهرة التي تنزّلت وحياً غير متلو على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي ما قد شرحه سلف هذه الأمة من كلام الله ومن كلام سيدنا رسول الله، ألسنا متفقين أيها الإخوة على هذا إلى هذه النقطة؟ ألسنا جميعاً مسلمين؟

إذن ألسنا جميعاً نخشى الله سبحانه وتعالى ونشعر بعظمة الله؟ إذن أليس من حق هذه المحبة وهذه الخشية أن تضبطنا في سلوكنا بأوامر الله، وأن تحجزنا عن نواهي الله سبحانه وتعالى؟ هل فينا من يشك ويرتاب أيها الإخوة في الأجوبة عن هذه الأسئلة الواضحة النيرة؟ إذن فتعالوا بنا إلى كتاب الله الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا، كتاب الله وسنتي" تعالوا إذن أيها الإخوة نرجع إلى كتاب الله ونرجع إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قد اندلقت إليه الجزائر من هذه الأعمال التي تعيشونها، والتي تحولت الجزائر من جرّائها إلى هرج ومرج كما أنبأنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أفكانت هذه الأعمال التي لا تزال مستمرة متفقة مع هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أحباب رسول الله، يا من كنتم ولا زلتم تعتزون بانتسابكم وانتمائكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول الله عز وجل: (ولا تزر وازرة وزر أخرى) قانوناً ربانياً لا خلاف فيه، كيف يجوز لكم أيها الإخوة وأنتم مسلمون أن تفسدوا في الأرض فتقتلوا الأبرياء، وتغتالوا الضعفاء وتذبحوا الصغار والكبار من الرجال والنساء، وتحرقوا المنازل وتهلكوا الحرث والنسل، لأن الدولة أو لأن فئة من الناس حجبوكم عن الحق الذي كان ينبغي أن تصلوا إليه؟ إذا كان أولئك الناس هم خصومكم، فبأي شرع ودين وفي أي آية من كتاب الله رأيتم أن إفساد الأرض وقتل البريء، وأن إشاعة البلابل وأسباب القلق وإشاعة أسباب الهلاك والاضطراب أمر مشروع في إحراج من قامت بينكم وبينهم خصومة في سبيل أن ينغضوا الرأس ويعطوكم ما تطلبون؟

هذه نقطة أيها الإخوة أقولها لكم: لا يجوز شرعاً إذا قامت بيني وبين إنسان خصومة بغض النظر عن صاحب الحق في هذه الخصومة (أنا أفترض أنني أنا صاحب الحق) هل لي والخصومة قائمة بيني وبين زيد من الناس أن أذبح أهله، أن أقتل أولاده، أن أثير الاضطراب من حوله في سبيل أن يقع في ساحة من القلق وأن يقع في ضيق من الهلع فيخضع لقراري؟ هذا شيء لم يشرعه الله ولم تشرعه الإنسانية إطلاقاً. كلكم يقرأ كلام الله: (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام، وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد). خصومتي مع زيد من الناس، خصومتك معي أنا، لك أن تناقشني ولك أن تضيق علي السبيل ولك أن تفعل بي ما تشاء.

وافرض أنك المحق وأنا المخطئ ولكن ليس لك أن تعمد إلى البرآء فتشفي غليل نفسك لإهلاكهم وللإساءة إليهم، ما ظَلمَ هؤلاء الناس أحداً، ما ظلم هؤلاء طرفاً من الأطراف، هم برآء أيها الأخوة كيف يمكن أن أجيز هذا؟ أين أنتم من قوله تعالى: (ولا تزر وازرة وزر أخرى). شيء آخر أيها الأخوة ألم تقرأوا كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني وقاتل النفس بغير حق والتارك لدينه المفارق للجماعة" هل هؤلاء الذين قتلتموهم وسفكتم دماءهم، هل هؤلاء الذين روعتموهم، والجزائر كلها تعاني اليوم من قلق وهلع واضطراب، هل وقعوا في واحدة من هذه الأمور الثلاثة أيها الإخوة؟ ربما تقولون إن الحكام غير مسلمين وإن الذين يقفون من حولهم أعوان لهم فهم أيضاً يلحقون بهم.

عندما تقولون هذا الكلام استندوا في قراركم هذا إلى نص من كتاب الله أو كلام من رسول الله صلى الله عليه وسلم وافعلوا بعد ذلك ما تشاؤون. أين وجدتم في كتاب الله ما يعطيكم مبرراً لتكفير إنسان يعلن في كل صباح ومساء أنه مسلم يُصلي، يدين بهذا الإيمان الذي تدينون به؟ وأنا أعلم أنّ الجزائر كلها مسلمة. من الذي قال أنني إذا شعرت بحقد على زيد من الناس فإن الله جعل التكفير سلاحاً أعطاني إياه لأستعمله لإشفاء غليلي به؟ من الذي قال هذا؟ أين أنتم من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تسمع وتطيع وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك إلا إن ترووا كفراً بواحاً لكم عليه من الله سلطان".

أيها الإخوة لماذا غُيبت هذه الأحاديث؟ لماذا غُيّب كلام الله في هذه المعمعة التي يصفق لها الشيطان والتي ابتعدتم فيها عن الإسلام كل الابتعاد. ألا تذكروا هذا الحديث، الحديث الصحيح الذي يرويه البخاري عن حذيفة بن اليمان واسمعوا ماذا يقول: "قال سيكون أمراء من بعدي تعرفون منهم وتنكرون، ألسنتهم ألسنة المؤمنين وقلوبهم قلوب الشياطين" انظروا ماذا يقول، وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسوأ الصفات، ومهما رأيتم اليوم من حكام لن تجدوا أنهم بلغوا إلى تلك الدرجة، قال له حذيفة فماذا تأمرني يا رسول الله إن أدركتهم؟ قال: "تسمع وتطيع وإن ضرب ظهرك وإن أخذ مالك إلا أن تروا كفراً بواحاً لكم عليه من الله سلطان". أين هو الكفر البواح الذي لكم عليه من الله سلطان؟

الذي لم يعلن أنه كافر لا أستطيع أن أكفره لا أستطيع أن أزيل صفة الإسلام من إنسان إلا إذا أزال هو صفة الإسلام من ذاته أولاً؟ وأنتم أدرى الناس بأن هؤلاء لو تركوكم تصلون إلى الحكم لما خطر في بالكم تكفيرهم أبداً، ولما لاحقتموهم لتقولوا إنهم كفرة، ولكن تكفيركم لهم له ترجمة واحدة هو أنهم لم يتركوكم تصلون إلى الحكم، ولم يتركوا كراسيهم ليقولوا لكم تفضلوا، ولو أنهم فعلوا هذا لنسيتم اتهامكم إياهم بالكفر.

إذاً هذا استغلال أيها الإخوة رخيص لدين الله. أقول لكم أيها الأخوة هذه الحياة قصيرة ومآلنا جميعاً أن نقف بين يدي الله، والمسلم عندما يريد أن ينفذ أمراً من الأمور يعتلج بين جوانحه الشك أهو حق أم لا؟ ينبغي أن يتخيل أنه واقفٌ بين يدي الله وأن القيامة قد قامت وأن الله يسأله لماذا فعلت كذا؟ فما حجتكم التي هيأتموها في إيمانكم لتقولوا لله هذه هي حجتنا؟

أيها الأخوة هذه الحياة ماضية، ووقفتكم بين يدي الله عسيرة، ولسوف يسألكم ما الذي جعلكم تسفكون الدماء؟ وما الذي جعلكم تهلكون الحرث والنسل، وأنا إنما جعلت من الإسلام مظلة سلم وأمان وطمأنينة؟ متى كان الإسلام عبارة عن ساحة تزرع بالألغام وتزرع بالقنابل التي تتفجر هنا وهناك بالدمار؟ هذا هو الجواب على من يقول أن هؤلاء الحكام غير مسلمين، ليس لكم أي دليل على أنهم غير مسلمين، دليلكم الذي تعرفون أنهم لم يمكنوكم من الوصول إلى الحكم. أرأيتم لو أنهم مكنوكم وقالوا لكم: تفضلوا، عندئذٍ ستنسون أنهم كفرة أو فجرة.

هذا شيء .. وشيءٌ آخر أيها الأخوة لا يجوز لكم أن تتصوروا أن الذين من حولهم من أعوان من موظفين من صحفيين من أناس يخدمون المجتمع يقومون بشؤون الدولة يقومون بالخدمات المتنوعة فيما يتعلق بالهيئة التنفيذية للدولة. من الذي قال أن هؤلاء كفرة لأنهم أعوان للحاكم؟ من الذي قال هذا؟ إن النبي صلى الله عليه وسلم رأى من أرسل إلى أهل مكة كتاباً يقول لهم أن محمداً صلى الله عليه وسلم آت ليفتح مكة فخذوا حذركم منه وقد كان من المسلمين الذين يعيشون في المدينة المنورة وعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعمله، ولعلكم تعرفون يا مسلمين من هو؟ إنه حاطب بن أبي بلتعة، وسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم لماذا صنعت ذلك؟ واعترف بخطئه. فهل استلب منه رسول الله صلى الله عليه وسلم صفة الإسلام؟ هل قتله لأنه من أعوان الظلمة؟ بل عندما اقترح أحد الصحابة قتله رفض رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك وقال: ألا تعلم أنه قد شهد بدراً، ولعل الله قد اطلع على من كان في بدر فقال اصنعوا ما شئتم فقد غفرت لكم.

بأي حق تجعلون السير في ركاب الدولة كفراً؟ من الذي قال هذا الكلام أيها الإخوة؟ هذه الحياة ستنقضي كما قلت لكم ولسوف تقفون بين يدي الله عز وجل، ولسوف يسألكم الله سبحانه عن الدماء التي أثقلتم بها أعناقكم وكواهلكم، ما هي حجتكم بين يدي الله تعالى؟!

أيها الأخوة هل قرأتم ذات يوم هذه الآية في كتاب الله تعالى: "من أجل ذلك كتبنا على بني اسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً". أما استوقفتكم هذه الآية؟ أما أخذت هذه الآية بمجامع قلوبكم يا من يسعون سعيهم في خدمة دين الله؟ يا من تعلنون أننا مسلمون مؤمنون بكتاب الله. والله إنّ هذه الآية لتجعل القلوب تتصدع خوفاً من أن يريق الإنسان قطرة دمٍ لإنسان قد حصن الله تعالى دمه "من أجل ذلك كتبنا على بني اسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفسٍ أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً".

أيها الأخوة سيسألكم الله عن هذه الآية التي ضيعتموها فبماذا تجيبون؟ ما الجواب الذي هيأتموه؟

أيها الإخوة أعود فأقول شيئاً آخر ربما كان يجول في خاطركم: إنكم تشعرون بجرحٍ بليغ من أن حقكم القانوني والسياسي قد أهدر، وأنكم قد وصلتم إلى الحكم فأغلقت أبوابه أمامكم، هذا الجرح كان ولايزال يحملكم على سلسلة هذه الأعمال التي تقومون بها. حسناً أنا أسألكم أيها السادة أيها الإخوة المسلمون، أنتم عندما طرقتم أبواب الحكم وابتغيتم الوصول إليه، أكنتم تطرقونه سياسيين تريدون أن تمارسوا عملاً سياسياً كالسياسيين المحترفين أم إنكم تريدون أن تستخدموا السياسة للدين الذي أنتم دعاته؟ قطعاً أنتم تعلنون أنكم إسلاميون وأنكم تستخدمون السياسة للدين وليس العكس، إذن فاعلموا أيها الإخوة أن خسارتكم عندما حُرمتم من الحكم خسارة سياسية وليست خسارة إسلامية أبداً. ووالله لو أنكم وصلتم إلى الحكم لكان ربحكم ربحاً سياسياً وليس ربحاً إسلامياً أبداً.

معنى هذا الكلام إنكم عندما حُرمتم عن حقكم في الوصول إلى الحكم لم يُكلم الإسلام من هذا الحرمان أبداً ولم يُسأ إلى الإسلام بحد ذاته أبداً. أنتم دعاة إلى الإسلام أنتم مبلغون عن الله وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبواب التبليغ مفتحة، أبواب الدعوة مفتحة، عشرة أبواب مفتحة منها باب العمل السياسي فليُغلق باب منها، ولنسلك إلى الله خلال الأبواب التسعة الباقية، لم يُغلق أحد سبيل تعريف الناس بالإسلام، والجزائر هذا ما تحتاج إليه، لم يقل لكم أحد لا تذهبوا إلى القرى لتعلموا الناس دينهم ولتملأوا قلوبهم بحب الله وبحب رسوله، لم يمنعكم أحد أن تمارسوا عملاً تربوياً تنهضون به المجتمع الجزائري إلى الإسلام العلمي، بعد أن ارتقى الشعب الجزائري إلى الإسلام العاطفي، الأبواب مفتحة. لماذا تركتم الأبواب كلها لأن باباً واحداً أُغلق أمامكم؟ ولو دخلتم في هذا الباب لا والله لما كان كسبكم إلا كسباً سياسياً.

أين أنتم يا أيها الذين تنعتون أنفسكم بالجهاد (وأنا أسأل الله أن يكتبني وإياكم من المجاهدين) أين أنتم من وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم من مناشدته إياكم أن تكونوا جميعاً قائمين بالجهاد الدعوي جهاد الدعوة إلى الله؟ أين أنتم من الحديث الذي غيبتموه حتى نسيتموه "نضر الله إمرأ سمع منا مقالة فوعاها فبلغها كما سمعها فرُب مبلغ أوعى من سامع" ألا تلاحظون كيف يناشدكم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تبلغوا أن تُعلموا الناس دينهم، ماذا صنعتم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "بلغوا عني ولو آية"؟ أين أنتم من قول الله تعالى: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن"؟

أيها الإخوة راجعوا عقولكم عودوا إلى أنفسكم. عودوا فاجلسوا في ساعة من النقد الذاتي وقدروا أن الموت قد حان وأنكم وفقتم بين يدي الله تعالى، وأن هؤلاء القتلى كلهم يأخذون منكم بالخناق ويقفونكم بين يدي الله تعالى. ماذا أعددتم من جواب يا مسلمون؟ يا أيها الذين تقولون إنكم تسيرون لإقامة المجتمع الإسلامي؟

شيءٍ ثانٍ أقوله: المجتمع الإسلامي كلنا دعاته وكلنا حماته وكلنا جنود لإقامته ولكن كيف يُقام المجتمع الإسلامي؟ وكيف أقامه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ لو عدتم إلى سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم (لعلكم لا تقرأونها) لوجدتم أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما كان ينشر هذا الدين لم يكن يفكر بحكم لم يكن يفكر بدولة، لكنه كان يُفكر بأن ينشر دين الله عقيدة في القلوب وأن يغرس محبة الله في النفوس وأن يوجه القلوب والناس جميعاً إلى عقدٍ مع الله تعالى، هذا ما كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما انتشر الإسلام ثم انتشر ثم انتشر بهذه الطريقة كان جواب الله لهم........

تحميل