مميز
EN عربي
الكاتب: الشيخ محمد ياسر القضماني
التاريخ: 14/02/2016

الحُبُّ ما الحُبُّ !

مقالات مقالات في الشعر والأدب

الحُبُّ ما الحُبُّ !

د. محمد ياسر القضماني

قيل لي: ألا تكتب عن الحب في الإسلام؟!

قلت: بلى: ولم لا أكتب عن الحب!

الحبُّ وما الحبُّ، وما أدراك ما الحب؟!

أستَعظمتُم كلامي ـ واستهجنتم بياني؟!

ليس هذا ذنبكم! وأبعد الله من أساء إليك يا أيها الحب!

لما عكّروا صَفوك؟!

لماذا شوّهوا وجهك؟!

لماذا دنّسوا عِرضك؟!

لماذا إذا قلنا ينبغي أن نُحِبَّ، أو أن يكون هنالك الحب، ذكروا الفُحش، وتخيّلوا الخنا، وسُبُل الزّنا؟!

لماذا أساؤوا سُمعتّك؟!

لماذا خفضوا رُتْبَتك؟!

لماذا أذهبوا بهجتك؟!

لماذا ضيّعُوا حُرْمتك يا أيها الحب؟!

ألم تقرأوا القرآن؟!

كم ذَكَرَ الله فيه الحبّ في أسمى آياته، وأصفى حالاته، وأزكى صلاته!

أخبرنا أنه يُحبُّ، ويحبُّ من يُحِبُّ

نعم، الله يحب المؤمنين، والمؤمنون يحبون ربهم، بل إنّ المؤمن أحب شيء في هذا الوجود إلى قلبه هو الله، والمحبوب الأعظم أخبر عن ذلك بقوله: (والّذين آمنوا أشدُّ حبّاً لله)!

بل إن الحب بين العبد والرب لا ينفصم ولا ينقطع ولا يزول: (يحبّهم ويحبّونه) حتى الحروف مجتمعة لا تتفرق!

وإن عُدِم هذا المخلوق المحب لأفنى الله هؤلاء الخلق الجاحدين اللّؤماء ليأتي بمخلوق يحبه.

(يا أيها الّذين آمنوا من يرتدّ منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبّهم ويحبّونه..)

يرضاهم ويجتبيهم للمحَابِّ، فَيَلجُّون في مناجاته، ويتألّهون في صِلاته وصَلاته.

إنني أتذوق هذه الشفافية، وأحسّ بسموّ هذا التكريم الذي تشي به هذه الآية، عندما يُقدّم الله محبته لعبده على محبة العبد له (يحبّهم ويحبّونه).

فلئن أحبّ الناس من أحبهم، وودّوا من أكرمهم، فالله قد تقدمت محبته، وسَبَقَ إنعامه على مَن يحب!

ولولا محبته لعبده لَمَا أقبل عليه، وتذلَّلَ بين يديه، إن المحبة من العبد لربه سائق إلى استقامته، وباعث على تعظيمه وكرامته.

وهل يَعصى محبوبٌ أمر محبوبه؟!

(من يرتدّ منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبّهم ويحبّونه..) ولم يقل: بقوم يؤمنون ولا يرتدون لينبّه على أن المحبة أصل الاتباع، وعنوان الطاعة!.

ذكِّروا الناس بآلاء الله ونعمه ليزدادوا تعظيماً له وتبجيلاً!

والله ما عصى عبدٌ ربه إلا لجهله به، والإنسان عدو ما يجهل. وقد شاء الله أن يَجعَل حبيبه النبي صلى الله عليه وسلم دالاً عليه، ومقرباً إليه.

ولا يوجد أحدٌ يُعرِّفك على المحبوب الأعظم كهذا النبي الأكرم!

فيا الله زِدنا محبة لك ولنبيّك، حتى تكون أحبّ إلينا من كلِّ حبيب، وأقرب إلينا من كل قريب.

فهل أنتم ممّن يُحِبّ؟! انظروا شَرط دليلكم: (قل إن كنتم تُحبوُّن الله فاتّبعوني يُحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم).

هذا هو الحب الذي نعرف!

وهذا هو القُربُ الذي نرجوا!

13 / 2 / 1421 الموافق لـ17/5/2000

المصدر: كتاب بصائر وذخائر للدكتور محمد ياسر القضماني ص 25.

تحميل