مميز
EN عربي
الكاتب: الدكتور محمد خلف بني سلامة
التاريخ: 07/02/2016

شذّاذ الآفاق

مشاركات الزوار

شذّاذ الآفاق
د . محمد خلف بني سلامة
بسم الله الرحمن الرحيم شذّاذ الآفاق يهدمون المدرسة الكلتاوية في حلب وينبشون قبر شيخها . بقلم الدكتور محمد خلف بني سلامة نائب عميد الدراسات العليا والبحث العلمي جامعة العلوم الإسلامية العالمية .
الكلتاوية هي الهضبة المرتفعة المطلة على باب الحديد في حلب، انشأها الأمير طقتمر الكلتاوي في منتصف القرن السابع الهجري، وقام الشيخ محمد بن أحمد النبهان باستكمال بناءها عام 1964م لتصبح مدرسة ومسجد في وقت واحد، يقول الشيخ كامل الغزي في كتابه (نهر الذهب في تاريخ حلب) (....وموضع هذه المدرسة من أنزه ما يكون في مدينة حلب داخل سورها، لأنها على نَشَرٍ من الأرض يسامت قلعة حلب، مقبلة على المدينة وبرها إقبال الوجه على المرآة وهذه البقعة تُعرف بالكلتاوية الكبرى، وقد زارها يوماً طبيب نفسي فقال: تصلح هذه البقعة أن تكون حجراً صحياً للراحة والاستجمام.
لم يكن بناء الكلتاوية مجرد بناء لمسجد ومدرسة إنما هو جزء من تربية روحية ومجاهدة نفسية وعندما ارتفع بناء الكلتاوية الجديدة تحت إشراف الشيخ النبهان رحمه الله كان يقول ( سنبني الكلتاوية الجديدة لكي تكون منارة علمية ومَعلَمة ثقافية، سنبنيها بأيدينا وبجهدنا لكي تُؤسس على تقوى من أول يوم، وسنقيم مدرسة للعلم والمعرفة والسلوك لتكوين علماء يعملون بما يعلمون لا تلهيهم دنياهم عن آخراهم، ومضى الشيخ يُشرف على البناء وقام إخوانه بالعمل معه بجد ويقف صف طويل من الرجال من أسفل الشارع إلى أعلى مكان في مسافة تزيد عن مائتي متر ينقلون الحجارة والأسمنت في جسر بشري متواصل يعملون لله بصدق وهم سعداء بذلك، ارتفع البناء وظهرت معالم الكلتاوية الجديدة ولم يقبل الشيخ رحمه الله أي أسهام من جهة رسمية، تغيرت فيها الملامح القديمة وأصبحت واحة يلحظها الناظر شامخة وارفة الظلال تحيط بمنارة شامخة وقبتين حيث كهف السعداء وصفاء الخاطر.
فكانت المدرسة تقبل الطلاب وتسهر على تعليمهم وتربيتهم لها نظامها الصارم في الدراسة والسلوك يؤهل خريجها لدخول الأزهر الشريف وكانت المدرسة التي تتكفل بكل ما يحتاجه الطالب، فيدرس فيها علوم القرآن وتفسيره وعلوم الحديث الشريف ومصطلحه والفقه وأصوله والعقيدة والسيرة النبوية والتاريخ الإسلامي والأخلاق واللغة العربية واللغة الإنجليزية والجغرافيا وبعض العلوم الكونية وحفظ القرآن كله . وفي يوم مظلم أظلم وأسود من قلوبهم اتجهت مجموعة عسكرية مكونة من عدة فصائل إلى جامع الكلتاوية فعملوا على تسويته بالأرض وحفروا ونبشوا قبر الشيخ وزوجته وأخيه وأحد ابنائه حيث تم نبش هذه القبور ليلاً وإخراج العظام والرفات من هذه القبور ورميها في الشوارع، كما قاموا بتخريب المكتبة بالكامل تحت مسمى (إزالة أحد صروح الشرك الذي كانت تصرف له العبادة من دون الله) .
لقد استخدم هؤاء الشذاذ كل ما يملكون لهدم كل القيم وطمس كل معالم الإسلام والإنسانية ففعلوا فعلتهم ليلاً والناس نيام لخوفهم وجبنهم وحقدهم لقد ارتكبو أبشع من ذلك في نوى عندما هدموا ونبشوا قبر الإمام النووي رحمه الله لا شك إنه الخوف.
فما هذا العمل الإجرامي إلا دليل على حقدهم وعلى فكرهم الظلامي الذي يهدف إلى تدمير الفكر الديني الحقيقي، وهذا ليس بغريب على هذه الشرذمة الضالة بارتكاب مثل هذه الجرائم بحق الأموات من علماء وصلحاء الأمة فقد فعلوا أكثر من ذلك بحق الأمة ككل.
وهذا يدلل على أن هؤلاء الشذاذ الهمج ما هم إلا وجهاً لعملة واحدة مع الصهيونية، فأي دين على وجه الأرض هذا الذي يسمح بنبش قبور الأموات وأن تداس هذه القبور بالأرجل وتلقى رفات الأموات وتبعثر في كل مكان .

تحميل