مميز
EN عربي
الكاتب: الباحثة نبيلة القوصي
التاريخ: 07/07/2015

التابعي الجليل أبّان بن عثمان بن عفان

أعيان الشام

التابعيّ المحدّث الفقيه المؤرّخ

أبّان بن عثمان بن عفّان رضي الله عنهما

(20_105 ھ) دُفن بالباب الصغير

إخوتي الكرام:

ندعوكم من خلال زاوية (معالم وأعيان) للتعرف على أحد كبار التابعين الذين يُعدّون من أوائل علماء السير والمغازي، نشأ في كنف والده الصحابي عثمان بن عفان رضي الله عنه، فقد رأى وسمع وشارك بنفسه أحداثاً وأخباراً ليُمنَح فيما بعد وسام شرف تدوين السير والمغازي، وجاء ترتيبه الأول ضمن الطبقة الأولى من الرواة....

أبّان بن عثمان بن عفان، ابن الخليفة الراشدي وأحد السابقين للإسلام والمبشرين بالجنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان أثر بيئته الإيمانية التي كبر وترعرع فيها أن تفتّحت نسائم بصيرته الروحية والعقلية منذ الصغر، ليصبح من خيرة الأبناء الصالحين، فهلّا قرأنا بتأمل عميق لسيرته... نتلمّس من رب العباد الفائدة الروحية والفكرية...

§ عصره:

عصر الصحابة الكبار والتابعين الأجلّاء، الذين شهدوا بداية الحركة العلمية الفكرية الواسعة المستمدة من الوحي النبوي المحمدي ....

سُمّيت فترته بالمرحلة الانتقالية بين دراسة الحديث ودراسة المغازي، فكان من نتاجها الجمع بين الحديث والتاريخ، ويعد من فصحاء الإسلام.

§ مولده ونسبه:

هو الإمام الفقيه المُحدّث المؤرّخ، أبّان بن عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس القرشي الأموي المدني، ويُكنّى بولده سعيد (أبا سعيد).

وُلد في المدينة المنورة سنة 20 للهجرة، أمه هي أم عمرو بنت جندب بن عمرو بن الحارث الدوسي.

سمع من أبيه عثمان بن عفان، وزيد بن ثابت، وجابر بن عبد الله... و(بنو أبّان) هم بطنٌ من بني أمية.

§ أبناءه:

سعيد الذي يكنى به، وعبد الرحمن وعمرو وعبد الله، وكانوا من العلماء والرواة المحدثين.

وكان لأبان أخوة: عمر وعمرو.

§ روى عنه:

عامر بن سعد بن أبي وقاص، وهو من أقرانه، أبو الزناد عبد الله بن ذكوان، ومحمد بن شهاب الزهري، وعبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وعمر بن عبد العزيز، وميمون بن مهران، وعمرو بن دينار... وغيرهم الكثير.

§ مناصبه:

وُلّي المدينة المنورة سبع سنين عهد عبد الملك بن مروان، وشغل منصب القضاة، فقد تعلم القضاء من والده، وتعلم منه فنون القضاء قاضي المدينة المنورة أبوبكر بن حزم.... وفي عهد الوليد بن عبد الملك، تولى إمارة موسم الحج من دمشق عدة مرات.

§ أقوال العلماء في أبّان:

يحيى بن معين يسمّي تابعي أهل المدينة ومحدّثيهم عشرة، فسمّى أبّان منهم.

البلخي: (أبّان مدنيّ تابعيّ ثقة من كبار التابعين).

عمرو بن شعيب: (ما رأيت أعلم منه في الفقه والحديث).

روى عنه التابعون وتابعو التابعين، حيث كان من الثقات فقيهاً محدّثاً، لكن شهرته بالسير والمغازي كانت أكبر، واهتم بالإسناد ومنهج الحديث، روى له البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه...

§ صفات سطرها له التاريخ:

لم يترك مؤلفات مدوّنة، فعصره كان عصر الحفظ بعناية وقوة وإتقان في الصدور، يتداول أهله العلوم شِفاهاً، كان قليل الرواية للحديث، ويحمل توقيراً وهيبة يليقان لجلال النبوة المحمدية....

أما عن صفاته الخَلْقِيّة، فقد كان به صمم شديد، وحوَل وبرص، ومع ذلك كان يميل للدعابة والفكاهة مع من حوله، ويُنشد الكثير من الشعر....

وبلغة هذا العصر يسمى من "المعاقين جسدياً"، لكنه عند رسول الله من العظماء الذين اجتهدوا وجاهدوا أنفسهم ليكون لسيد الخلق شامة وعلامة تميزت بشذى عطر تقواها، وطلب رضى الله والرسول بصدق وإخلاص، ليكون خير خلف لخير سلف _بإذن الله_.

§ وفاته:

توفي في عام105للهجرة في عهد يزيد بن عبد الملك رحمه الله، لكن هناك خلاف في مكان دفنه، فبعض المصادر تقول أنه أصيب بالفالج قبل سنة من وفاته ودُفن بالمدينة، بينما الحوليات الأثرية السورية تقول إنه دُفن في تربة باب الصغير بدمشق.

وربما نشأ الخلاف هذا لتنقّله المستمر بين المدينة المنورة ودمشق وتولّيه وظائف عدة، ولمعرفتنا أن أغلب الصحابة والتابعين قد قدموا إلى الشام تبرّكاً بقول المصطفى (عليكم بالشام) ....

إن قراءة تحليلية متأنّية لشخصيته الجليلة توصلنا إلى حقيقة نفسية روحية رائعة، فقد غُذّي قلبه بالحب الصادق لله ورسوله، فأوتي من العلم النافع الذي منحه القوة إيماناً ولساناً فصيحاً بليغاً، محصّناَ من أي أفكار سلبية بسبب عيوب جسدية قد تكون عند الله امتحاناً لزيادةٍ في رفع المقام...

فهنيئاً لمن أدرك فصبر ثم شكَر .... اللهم اجعلنا من عبيد الإحسان ولا تجعلنا من عبيد الابتلاء يا رب، آمين.

المصادر:

الإصابة في تمييز الصحابة/ لابن حجر العسقلاني.

سير الأعلام/ للذهبي.

شذرات الذهب في أخبار من ذهب/ لابن العماد.

تاريخ دمشق/ لابن عساكر.

الحوليات الأثرية العربية السورية/مديرية الآثار

تحميل