مجاهرة العصاة بالمعاصي هي السبب
مجاهرة العصاة بالمعاصي هي السبب
عبد محب
أيها الأحبة الكرام... اسمحوا لي أن أمتثل لقول الله تعالى: {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ }الغاشية21.
وأن نساهم معاً في انقشاع هذه الفتنة والمحنة التي تطوف بنا.
أذكركم بقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ* وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ}الأنفال21، 20.
وبقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}الأنفال24.
وبقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} الأحزاب59.
وبقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ).
وبقوله تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ).
معلوم أنه ينبغي لحجاب المرأة، كي يسمى حجاباً، أن يحجب مفاتنها أمام الأجانب من الرجال.
ولبس المرأة للبنطال أو للكنزات والقمصان الضيقة في الشارع أو أمام الأجانب من الرجال، يتناقض بحدة مع شرعة الحجاب الذي ينبغي أن يكون فضفاضاً سابغاً ساتراً لكافة المفاتن.
ولقد بين الشهيد الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي رحمه الله، حكم لبس المرأة البنطال، فذكر في كتابه مشورات وفتاوى أنه:
يحرم لبس المرأة البنطال خارج المنزل لأنه يحكي حجم الجسم لا سيما الفخذين، أما إن لبسته داخل المنزل بقصد التشبه بالرجال فيحرم لبسه لقصد التشبه، وأما إن لبسته داخل المنزل دون أن يخطر في بالها قصد التشبه فجائز بشرط أمن الفتنة حتى من المحارم.
وبين الفقهاء في الموقع الإلكتروني (نسيم الشام ـ ركن المرأة)، بينوا حكم لبس مانطو قصير يصل إلى منتصف بطّة رجل المرأة (منتصف الساق).
وأفتوا بأن بطة ِرجل المرأة يجب سترها لونا وشكلا تطبيقا للآية (جلابيبهن)، إذ ينبغي لكي يسمى جلبابا أن يستر الجسم من الكتف إلى الكاحل لا إلى منتصف بطة الرجل، وبالتالي لا يكفي ارتداء البنطال أو الجورب ولو سميكا تحت المانطو القصير، أو التنورة القصيرة، بل ينبغي أن يكون المانطو طويلاً يصل إلى الكاحل.
ألم يئن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق؟
أما آن الأوان لكي تلتقي الناس عندما تلتقي في الطريق أو في أي مكان وقد تسبب كل منهم بلقاءٍ لطيف تسوده طلاقة الوجه وانشراح الصدر؟
عندما تبدو المرأة بادية المفاتن في الشارع أو أمام الأجانب، لا يستطيع أي عبد غيور على أمر الله أن يحافظ على طلاقة وجهه، بل يهيمن عليه الامتعاض، وحق له أن ينزعج.
كيف لا وقد ورد في الحديث أن الله تعالى أمر بإهلاك قرية كانت قد تفشت فيها المنكرات، فقالت الملائكة، وهو أعلم منهم: يارب إن فيها فلان العبد الصالح، فقال تعالى به فابدؤوا، قالوا: لماذا يارب؟ قال: لم يكن وجهه يتمعّر لرؤية منكر. أو كما قال.
كيف لا وقد قال تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ * كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ}المائدة78 79.
فالعبد عندما ينهى عن المنكرات والمعاصي، إنما يبين للناس وينهاهم عنها إشفاقاً عليهم ولطفاً بهم، ومعذرةً إلى ربهم ولعلهم يتّقون، ومن المؤسف أن يجد من العصاة من يتذمر من نهيه بدلاً عن شكره وامتنانه له.
إنني أتساءل: من الذي يتسبب بحدوث الانزعاج وتنغيص العيش؟ أهو من يتمعّر وجهه تنفيذا لمضمون الحديث المذكور عند رؤية المجاهرة بالمعاصي وينهى عن المنكرات؟ أم هو من يجاهر بهذه المعاصي ولا يبالي لا بأمر الله ولا بالآخرين المكلفين بالنهي عن هذه المنكرات؟
لا شك أننا نعلم جميعاً أن المجاهرين بالمعاصي هم السبب.
إننا على يقين في أن عودة نعمة الأمن والطمأنينة ورغد العيش إلينا مرهون بالتوبة والاستغفار كما قال تعالى: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ }هود3.
وكما قال تعالى: إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ.....
فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم، ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدىً من الله، والله لا يهدي القوم الفاسقين؟
إنني أتطلّع إلى يوم نلتقي فيه إن التقينا في أي مكان، وقد تسبب كل منا بأن تتصافح قلوبنا، حيث نلتقي ونحن على طاعة ربنا لا على المجاهرة بمعصيته التي تتسبب لا شعوريا بتمعير الوجوه، وطغيان الانزعاج من تخطي حدود الله على أشواق القلوب المتحرقة للّقاء الأخوي الممتع الذي يريح النفوس في هذه الظروف القاسية، ويسعد الأهل والأقران من حولنا، فالحياة الدنيا قصيرة وما ينبغي أن تضيع انزعاجا وتفرقا بسبب المعاصي والآثام التي تستلزم عند أي عبد يغار على طاعة الله تمعّر الوجوه والنهي عن المنكرات.
إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
إن في هذا لبلاغاً لقوم عابدين.