مميز
EN عربي
الكاتب: الشيخ مهدي بن أحمد بن صالح الصّميدعي
التاريخ: 27/08/2013

تصحيح الأفهام لهدي سيد الأنام

بحوث ودراسات

تصحيح الأفهام لهدي سيّد الأنام والرّدّ على الخوارج مروّجي الفتنة في بلاد الشام

أبرز النقاط في هذا البحث:

حكم إطلاق كلمة طاغية على الحاكم

فإذا ارتكب السّلطان منكراً فللرعيّة معه ثلاث حالات:

المعلوم الذي أخفاه دعاة الفتن:

مفاسد ما قبل المظاهرات ومنها:

مفاسد أثناء المظاهرات ومنها:

أهم المسائل التي وقفَ عليها الخوارج:

المعيار بين أوجه التّقارب:

استمرار الخوارج المعاصرين في استحلال دماء وأموال المسلمين:

الحقوق العشرة التي أجمع عليها أهل السنّة والجماعة:

مقتطفات من البحث

مفاسد ما قبل المظاهرات ومنها:

- ما يضيع من أموال وأوقات في سبيل إقامة المظاهرة وجمع أكبر حشد لها، وإهدار مقدرات الأمة فيما لا طائل تحته وتعطيل الوظائف والمصالح.

- نشر الهلع والخوف بين عامّة النّاس وإزعاج المسلمين الآمنين، ونشر العداوة والبغضاء بين أبناء المجتمع من حرّاس وأمنيين ومتظاهرين..

- تربص أهل الشّر وفتح الباب لهم للإفساد من خلال تلك المظاهرات.

- إظهار ولاة الأمر بمظهر الخصم أمام تلك الحشود التي تجتمع للمظاهرة.

- إخراج النساء من خدورهن وبيوتهن إلى الشوارع في تلك المظاهرات التي يشارك فيها النّساء، ولا تسلني عما يحدث لكثيرٍ منهن في مثل هذا الخروج من أمورٍ لا تُحمدُ عقباها.

- زهد الناس في الوسائل المشروعة وانصرافهم عنها إلى المحدّثات فيتحقق قول ابن عبّاس رضي الله عنه أنه ما أُحدِثت بدعة إلا وأميتت سنة، وصدق رضيَ اللهُ عنه.

مفاسد أثناء المظاهرات ومنها:

- الاختلاط الحاصل بين النساء والرجال ولا يقال نحن نفصل ما بين النساء والرجال فأهل الشّر أدرى بطرق تحصيل ما ينشدونهُ من السّوء وسط هذه الجموع البشريّة الكبيرة.

- الصورة التي يظهر بها هؤلاء المتظاهرون من زمجرة وغضب ورفع صوت وصياح وجلبة مما لا يشك أحدٌ في مجانبته سمت المسلم الذي أمر به الشّرع المطهّر، بل رأينا من يضاهي السنجاب في صعوده على الأشجار وأعمدة الكهرباء وقيامه بخلع ملابسه، وإصداره صيحاتٍ يضحكُ منها العامي ويحمد العاقل ربّه أنه لم يبتله بما ابتلى به هذا..

- المصادمات التي تقع بين المتظاهرين وبين رجال الأمن، فيقع الشّر ما بين المسلمين ويزيد المنكر، وما زالت وسائل الإعلام تنقل ما يندى لهُ الجبين من هذه المصادمات الدّامية، على إثر المظاهرات التي قيلَ عنها في البداية إنها سلميّة.

- إساءة الظّن بولاة أمور المسلمين، وإيغار الصّدور عليهم حينما يأخذون على أيدي المخربين والمفسدين، بل إن مجرّد رؤية المتظاهرين رجالَ الأمن كفيل بإصدار الشّتائم والسّباب من كثيرٍ من هؤلاء المتظاهرين.

- فتح الباب أمام الدّول الكافرة التي تتربّص بالمسلمين للتدخّل بشؤونهم الدّاخلية وإعطاء المسوّغ لهم لإدخال أفكارهم والرجال الذينَ قد تَرَبَّو على أيديهم من العملاء والجواسيس والسّماح لهم بضرب بلاد المسلمين بالأسلحة الفتّاكة وقتل أبناء المسلمين وتدمير اقتصادهم وسرقة أموالهم ونشر العداوة والبغضاء بين أبناء البلد الواحد..

- التحرّش بالنّساء والمرادن من أناسٍ فسقة يستغلّونَ مثل هذه التّجمّعات لإشباع رغبتهم البهيميّة.

- عندما تستعر حمّى الغضب في صدور المتظاهرين فلا تَسَلْ عن كثرة من يُدفع أو يُطأ بالأقدام بل وقد يقتله المتظاهرون تحت أقدامهم خلال المظاهرة. يقولُ ابنُ عمر رضي اللهُ عنهما: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلّم يقول: "لن يزالَ المؤمن في فسحةٍ من دينه ما لم يُصب دماً حراماً"، أخرجه البخاري. وعن عبد الله بن عمرو رضي اللهُ عنهما أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلّم قال: "لزوالُ الدّنيا أهونُ عندَ اللهِ من قتلِ رجلٍ مسلم"، أخرجه النّسائي والتّرمذي.

- حمل المتظاهرين الصّور المحرّمة كصور القتلى وصور الأعداء المشبوهة وهذا مخالف، لما جاءَ عن عبدِ اللهِ بن مسعودٍ رضي اللهُ عنه قال: سمعتُ النّبيّ صلى اللهُ عليهِ وسلّم يقول: "إن أشدِّ النّاسِ عذاباً عندَ اللهِ يومَ القيامة المصوّرون"، متّفقٌ عليه.

وعن عائشة رضي اللهُ عنها أنها اشترت نمرقةً فيها تصاوير فلما رآها رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم قامَ على الباب فلم يدخل فعرفت هي في وجهه الكراهية، قالت: قلتُ: يا رسولَ الله أتوبُ إلى الله ورسوله ماذا أذنبت؟ قال: ما بالُ هذه النّمرقة؟ قالت: اشتريتها لتقعدَ عليها وتتوسّدها، فقال رسولُ الله صلى اللهُ عليه وسلّم: "إن أصحابَ هذه الصّور يعذّبونَ يومَ القيامة ويقالُ لهم أحيوا ما خلقتم". وقال: "إن البيتَ الذي فيهِ الصّور لا تدخلهُ الملائكة". متّفقٌ عليه.

قلتُ: فهؤلاء المتظاهرون الذينَ يحملونَ هذه الصّور إذا لم تصحبهم الملائكة فجديرٌ أن تصحبهم الشّياطين والعياذُ بالله.

- سعادة الكفّار وأهل البدع برؤية بلاد المسلمين وقد هاجت فيها الفتنة وماجت، وفرحهم بما يقع بين المسلمين من الشرور والقتل نتيجة هذه المظاهرات.

أهم المسائل التي وقفَ عليها الخوارج:

أولاً: الخوارج الأوائل كفّروا الصّحابة رضي الله عنهم وأسقطوا إمامتهم ولم يعترفوا إلا بإمامٍ منهم، قالوا عثمان رضي اللهُ عنه ولّى أقاربه وجعلَ الخلافةَ حكراً على بني أميّة فخرجوا عليه واعتصموا في المسجد هم ونسائهم وصبيانهم، خرج عليهم عثمان رضي الله عنه وقال: لكم ما تريدون، ثم أخذ يغير وينفذ مطالبهم وهو رضي الله عنه لم يولِّ أيَّ أحدٍ منهم، ولّاهم أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه فلمّا رأوا ذلك قالوا لا بدَّ أن يخلع الخلافة، فقد اعترف بخطئه وأصروا على ذلك، ثم تنادوا بينهم لنزحفنَّ إلى قصرِ الخلافةِ وإسقاط عثمان، وفعلاً حاصروهُ حتّى أردوهُ قتيلاً رضي اللهُ عنه.

وقالوا في عليٍّ رضي اللهُ عنه أفسدَ في الأرض وسفكَ الدّم الحرام وكَثُرَ في وقتهِ الفتن وهو متعنّت برأيه ولا يعترف بالشّورى ولا يُحَكِّم كتابَ الله، فكفّروهُ وخرجوا عليه ولمّا ناظرهم وأسقطَ حجّتهم أظهروا لهُ التّقيّة وجاملوهُ ثمَّ غدروا به في ليلةٍ رمضانيّة رضيَ اللهُ عنه..

ثانياً: لم يعترفوا بتفسير الصّحابة رضي اللهُ عنهم، وقالوا نحنُ رجال وأنتم رجال وردّوا تفسير الصّحابة وفسّروا الدّين حسب رغباتهم وأهوائهم.

ثالثاً: أوجبوا الخروجَ على أئمّة المسلمين وأفتوا بجواز خروج النّساء والصّبيان باعتبار أن الظلم إذا وقع على ربّ الأسرة شملَ العائلة والنّساء والصّبيان منها فلا بدَّ أن يخرجوا.

رابعاً: استخدموا المساجد في الاعتصامات والثّورات فقد تجمّعوا في مسجد المدينة وخرجوا على إمام المسلمين.

خامساً: لا يثقونَ بدينِ أحد إلا من كانَ على عقيدتهم ومنهجهم، ويستخدمونَ القرآنَ الكريمَ لإقامة حجّتهم على غيرِ حقٍّ وعدل وكلّ من يأتي غليهم يقسّمونهُ اليمين الغموسَ بكتاب الله.

سادساً: يعتبرونَ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر محصوراً بمن هو على عقيدتهم ويمنعونَ غيرهم من ذلك ويقولون هو حقّ الإمام العترف به عندهم لأنه لم يأذن بذلك..

سابعاً: كل فتوى تصدر من مخالفيهم فهي باطلة وإن كانت مجمع عليها ومؤصلة في الكتاب والسنّة، ويعتبرون العلماء الذينَ ليسوا على رأيهم علماء سلاطين لا يجوز الأخذ بفتواهم.

ثامناً: يمنعون العلماء وطلاب العلم والأئمة والخطباء من القيام بواجب الدّعوة إلى الله تعالى في الأماكن التي يسيطرونَ عليها باعتبار أنهم مخالفون وزنادقة وساكتون عن الحق..

تاسعاً: إذا جادلهم أحدٌ أو ناظرهم أو أثنى على غريمهم فجروا به، وإن لم يتراجع ويستغفر قتلوهُ ومثّلوا به، وأسوء عقوبة يستخدمونها قطع اللسان والتمثيل بالمخالف..

عاشراً: يعقدون الولاء والبراء على نقل الأخبار وإن كانت من مصادر مجهولة ويحكمون على ظاهر الكلام غير مبالين بقصد المتكلم.

حادي عشر: يستحلون دماء وأموال المسلمين ويخفرون ذممهم ويتورعون في أموال ودماء أهل الذّمة..

ثاني عشر: يعتبرون الركيزة الأساسية في التعامل مع الشّباب أحداث الأسنان، ثم يبدؤون يزرعون فيهم الثّقة بالمدح والثناء والتعظيم فيرفعوا أحداً منهم ليكونَ مفتياً أو قاضياً على جهلٍ تام وهو لا يملك أي قدر من العلم في كتاب الله وسنة نبيّه صلى الله عليه وسلّم..

ثالث عشر: يعتبرون المكان الذي يسكنونه ويعيشون فيه دار إيمان ويُكّفّرون من لا يهاجر إليهم ويعتبرون دار غيرهم دار كفر فيجب فيها الجهاد والهجرة (في ديار أهل الإسلام) وليس في أمريكا وغيرها..

رابع عشر: يستخدمون تقية الرافضة في حالة ضعفهم، يبايعون إماماً بالسرّ ويعملونَ على تسقيط الإمام المجمع عليه بتتبع العثرات وإثارة الشّبه، فيحشدون الناس ويثيرونهم بالتظلم والقهر والمطالبة بالحرية وكرامة الإنسان.

خامس عشر: يفرحون بقتل المسلم المخالف لهم ولو كان من أتقى الناس ويسجدون شكراً لله لسماع خبر قتله..

سادس عشر: يظهرون عداوتهم للكفار ويخفون تعاملهم معهم تحت القاعدة (يجوز الاستعانة بالكافر البعيد على الكافر المتغلب)، وإذا ضاقَ عليهم الأمر استنجدوا به واستنصروهُ علناً.

سابع عشر: ليس لهم ولاء ولا يعترفون بحق أحد، يصبحُ أحدهم أميراً مؤمناً ثم يقع بخطأ أو يرتكب ذنباً فيكفّروهُ ويخلعوه،فإذا ما تابَ واستغفر قتلوه..

ثامن عشر: أحب كلمة عندهم (كلمة الكفر) ويعتبرون ان من أذنب فقد كفر ثم يستغفر الله من ذلك شجاعة وعبادة.

تاسع عشر: يتقلبون ليس لهم ثبات، إذا قالوا شيئاً أو فعلوا أمراً ثم ظهر أنه مخالفٌ للنصوص اولوه وساقوا له شواهد.

عشرون: يستخدمون النصوص القرآنية التي نزلت بحق اليهود والنصارى على المسلمين..

المعيار بين أوجه التّقارب:

أوجه التّشابه:

- هناك تشابه كبير بين جماعات اليوم التي تنادي بالحرية والديمقراطية وتدعوا إلى الثورات والانقلابات والخرج على السلاطين وتستغيث بقوى الكفر وبين أسلافهم الأوائل من الخوارج والمعتزلة..

- لا يعترفون بحكومات المسلمين ويسقطون عنها الشّرعيّة من وجهة نظر دينيّة سواءً بالتّكفير أم بغيره..

- يرون حمل السّلاح في وجه المسلمين ويتراوح الأمر بين القيام بعمليات ضد الحكومات، إلى قتل غير المسلمين وسرقة أموالهم واستهداف عامة المسلمين واستباحة دمائهم وأموالهم بذريعة موالاة الحكام كما فعل أسلافهم الخوارج حين قتلوا المسلمين واستباحوا دماءهم في خلافة أمير المؤمنين علي رضي الله عنه وخلافة أمير المؤمنين علي رضي الله عنه بذريعة موالاة الحكام.

- لا يراعون العواقب فلا يحسبون حسبان الأعمال وما تؤدي إليه والاندفاع بالحماس الدّيني غير المنضبط وفق ضوابط الشّريعة الإسلامية..

- مبدأ أمرهم بالاعتراض على ولاة الأمور، وإظهار الإنكار العلني على أمر ليس بمنكر.

- بيان استمرار خروجهم حتى في هذه الأزمنة المتأخرة، وأن آخرهم يخرج مع الدجال، وهذا يدل على وجوب حذر المؤمن من سلوك مسلكهم والبعد عن طريقهم.

والخوارج المعاصرون سلكوا مسلك المتقدّمين منهم من جهتين:

الأولى: إيجابهم الخروج وخلع الحاكم بأسباب غير شرعيّة: مثل دعوى أنّهم ليسوا من قريش، أو لوجود المعاصي والفجور ولكونهم فسّاقاً.

الثانية: إيجابهم الخروج بناءً على ما تقرّر عندهم من كفر الحكّام كما تقدّمَ ذكره.

فالنتيجة أنهم يرون قتال الحكّام وجنودهم من فرائض الدّين، وذلك ليكون الحكم لهم فما أعظمَ معرفةَ الخليفة الرّاشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه بهم حينَ قال: ما يقولون؟ قيل: يقولون لا حكمَ إلا لله. قال: (الحكمُ لله وفي الأرض حكّام ولكنّهم يقولون لا إمارة ولا بدَّ للناسِ من إمارة يعمل فيها المؤمن ويستمتع فيها الفاجر والكافر ويبلّغ الله فيها الأجل).

ثمَّ إنَّ السّنّة النّبويّة عالجت موضوع إصلاح الحاكم إذا حصل منه جور او ظلم بعلاجٍ تتحقّقُ فيه أعلى المصالح وتندفع عن المسلمين أشد المفاسد.

فالخوارج تركوا ذلك كلّه ولجؤوا إلى طريقتهم الفاسدة والأتباع وأتباع الأتباع أشد انحرافاً، وفي هذا العصر راجت هذه الأفكار والمبادئ التي لدى الخوارج عند بعض الجماعات المعاصرة، مما سبّب إحياء هذا الاعتقاد الباطل وانتشاره.

دعواهم أنهم على الحق ويسمون دارهم دار إيمان ويوجبون الهجرة إليها ويعتزلون الجُمَع والجماعات.

إن الخوارج لما ابتدعوا بدعتهم في تكفير المسلمين وغلوا في ذلك كان من آثار ذلك غلوهم في الاعتداد بآرائهم، واعتقادهم أنهم هم أهل الحق وحدهم، واحتقار علم الصّحابة ومنزلتهم وفهمهم للكتاب والسّنّة، وتسمية دار مخالفيهم دار كفر، وإيجاب الهجرة إليهم وغير ذلك من الآثار.

قال ابن الجوزي عن الخوارج: (وإنما المقصود النّظر في حيل إبليس وتلبيسه على هؤلاء الحمقى الذين عملوا بواقعاتهم واعتقدوا أنَّ عليّاً بن أبي طالب رضي الله عنه كرّمَ اللهُ وجهه على الخطأ ومن معهُ من المهاجرين والأنصار على الخطأ وأنهم على الصّواب...

ولا أعجبَ من اقتناع هؤلاء بعلمهم واعتقادهم أنهم أعلم من عليٍّ رضي الله عنه فقد قالَ ذو الخويصرة لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلّم ادعل فما عدلت.

وقال شيخ الإسلام: (الفرق الثاني في الخوارج وأهل البدع أنهم يكفّرون بالذّنوب والسّيّئات ويترتّب على تكفيرهم بالذّنوب استحلال دماء المسلمين وأموالهم وأن دار الإسلام دار حرب ودارهم هي دار الإيمان.

لتحميل البحث اضغط على الملف أدناه .. 

تحميل