مميز
EN عربي
الكاتب: غازي البحر
التاريخ: 06/08/2012

مولانا الإمام الشيخ أحمد البدوي (قدس الله سره)

مشاركات الزوار
مولانا الإمام الشيخ أحمد البدوي
(قدس الله سره)
اسمه ونسبه (رضي الله عنه):
هو الإمام السيد أحمد البدوي، ابن علي بن ابراهيم بن محمد بن أبي بكر بن إسماعيل بن عمر بن علي بن عثمان بن حسين بن محمد بن موسى بن يحيى بن عيسى بن علي بن محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن الإمام علي الرضا بن الإمام موسى الكاظم بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام علي زين العابدين بن السيد الإمام الحسين ابن السيد الإمام علي (كرم الله وجهه ورضي الله عنه).
***
ولادته ونشأته (رضي الله عنه):
ولد (رضي الله عنه) سنة ست وتسعين وخمسمائة 596ﻫ بمدينة فاس من المغرب، بمحل يقال له (زرقا الحجر) في حياة أبويه وإخوته، وكان أكبرهم أخوه حسن، وهو الذي ذهب به إلى شيخه الشيخ عبد الجليل، فألبسه الخرقة الصوفية، ونشأ في عفاف وصيانة، وعبادة وديانة، وكان يدعى في صغره بالزاهد، وكان (رضي الله عنه) يتلثم بلثامين بحيث لا يرى الناس منه إلا عينيه، ولهذا كني بأبي اللثامين، ولعمامته عذبتان، ولذلك عرف بالبدوي.
وسمع أبوه قائلاً في المنام يقول له: يا علي انتقل من هذه البلاد إلى مكة فخرج وسافر إلى مكة بعياله وأولاده وكان عمر الشيخ أحمد سبع سنين.
ونشأ (رضي الله عنه) بمكة، وحفظ القرآن، وكان يقرأ على السبع، وكان يقرأ الفقه.
وكان (رضي الله عنه) يتعبد بجبل أبي قبيس وفتح عليه به وتسلك على يد الشيخ برِّي، ثم سافر إلى العراق بسبب رؤية رآها، وزار بها الأولياء، منهم الشيخ عبد القادر الجيلاني (رضي الله عنه)، والشيخ أحمد الرفاعي (رضي الله عنه).
ثم رجع إلى مكة وجاءته المواهب الإلهية، فتغيرت أحواله، واعتزل الناس، ولازم الصمت، فكان لا يكلم من يحبه إلا بالإشارة. وكان يمكث الأربعين يوماً لا يأكل ولا يشرب ولا ينام، ويكون شاخصاً بصره إلى السماء، وانقلب سواد عينيه إلى حمرة.
***
صفاته الخلقية (رضي الله عنه):
كان (رضي الله عنه) غليظ الساقين، طويل الذراعين، كبير الوجه، أكحل العينين، طويل القامة، قمحي اللون، أقنى الأنف، وفي أنفه شامـتان من كل ناحية شامة سوداء أصغر من حبة العدس، وكان بين عينيه جرح موسى، جرحه ولد أخيه الحسين بالأبطح حين كان بمكة، ولم يزل من حين كان صغيراً باللثامين والعذبتيـن.
***
أقواله الكريمة (رضي الله عنه):
قال سيدي أحمد البدوي (رضي الله عنه):
إن الفقراء كالزيتون فيهم الكبير والصغير ومن لم يكن له زيت فأنا زيته يعني من كان صادقاً في فقره صافياً كالزيت ماشياً على الكتاب والسنة فأنا مساعده في جميع أموره وقضاء حوائجه الدنيوية والأخروية لا بحولي ولا بقوتي ولكن ببركة النبي (صلى الله عليه وسلم).
وقال يا عبد العال: إياك وحب الدنيا فإنه يفسد العمل الصالح كما يفسد الخل العسل وأعلم يا عبد العال أن الله يقول ﴿إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَالَّذِينَ هُم مُحْسِنُون﴾.
يا عبد العال: اشفق على اليتيم وأكس العريان وأطعم الجوعان وأكرم الغريب والضيفان عسى أن تكون عند الله من المقبولين.
وقال يا عبد العال: عليك بكثرة الذكر وإياك أن تكون من الغافلين عن الله تعالى واعلم أن كل ركعة بالليل أفضل من ألف ركعة بالنهار.
ويقول أحسنكم خلقاً أكثركم إيماناً بالله تعالى والخلق السيء يفسد العمل الصالح كما يفسد الخل العسل.
وقال يا عبد العال: هذه طريقتنا بنيت على الكتاب والسنة والصدق والصفاء وحسن الوفاء وحمل الأذى وحفظ العهود.
قال الشيخ عبد العال: خدمت الأستاذ أربعين سنة ما رأيته غفل عن عبادة الله طرفة عين وسألته يوماً ما من حقيقة الفقر الشرعي فقال: الفقير أثنا عشر علامة رواها الإمام علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) وهي:
1. أن يكون عارفاً بالله تعالى.
2. مراعياً لأوامر الله تعالى.
3. متمسكاً بسنة النبي (صلى الله عليه وسلم).
4. دائم الطهارة.
5. راضياً عن الله على كل حال.
6. موقناً بما عند الله.
7. آيساً مما في أيدي الناس.
8. متحملاً للأذى.
9. مبادراً لأمر الله تعالى.
10. شفيقاً على عباد الله تعالى رحيماً لهم.
11. متواضعاً للناس.
12. علماً بأن الشيطان عدو له كما أخبر الله تعالى ﴿إِنَ الشَيْطَانَ لَكُم عَدُوّ فاتَّخِذُوهُ عَدُوّا﴾.
ثم سأله عن التفكير والتوبة والذكر والوجد والصبر والزهد والإيمان، فأجاب شيخه وأستاذه السيد أحمد البدوي بما يشفي الغليل ويريح العليـل ويُبْرَهِن على علم جليل.
وهذه كلمات عرفها المتشرفون والمتصوفة بعبارات شتَّى ولكن السيد كشف عن الحقيقة وأبرزها صافية جلية إذ قال (رضي الله عنه) في حقائق هذه الأسماء والمصطلحات:
التفكير: أن تفكّروا في مصنوعات الله وفي خلق الله ولا تفكروا في ذات الله فإن الله لا تحيط به فكرة.
التوبة: حقيقتها الندامة على ما مضى من الذنب والإقلاع عن المعصية والاستغفار باللسان والعزم على أن لا يعود إلى المعصية والصفاء بالقلب فهذه هي التوبة النصوح التي أمر الله بها في كتابه العزيز ﴿يا أَيُهَا الَّذِينَ آمنوا تُوْبُوا إِلَى الله تَوْبَةً نَصُوْحَا﴾.
الذكر: حقيقة الذكر هو أن يكون بالقلب لا باللسان فقط فإن الذكر باللسان دون القلب شفشفة واذكر الله بقلب حاضر وإياك والغفلة من الله تعالى فإنها تُورِث القسوة في القلب.
الوجد: الوجد أن يكثر ذكر الحق لا إله إلا هو فتُقْذَف نور في القلب من قبل الله تعالى فيقشعر منه جلده فيشتاق إلى المحبوب لا إله إلا هو فيلحق المريد الوجد ويتعلق بالله كله وعندما يزيد الوجد يصير ولها وهو إفراط الوجد وعندئذ يبلغ المريد الدرجة العليا في التسامي الروحي.
الصبر: هو الرضا بحكم الله والتسليم لأمره وأن يفرح الإنسان بالمصيبة كما يفرح بالنعمة, قال تعالى ﴿ وَبَشِّر الصَابِرِيْنَ الَذِينَ إِذا أَصَابَتْهُم مُصِيْبَةٌ قَالُوا إِنَا لِلَهِ وَإِنا إِلَيْهِ رَاجِعُون ﴾.
الزهد: هو مخالفة النفس بترك الشهوات الدنيوية وأن يترك سبعين بابا من الحلال مخافة أن يقع في الحرام.
الإيمان: أثمن شيْ وأكثر الناس إيمانا أتقاهم وكلما حسنت أخلاق المريد زاد إيمانه وأحسنكم أخلاقا أكثركم إيمانا بالله.
ومن وصيته لخليفته عبد العال لا تشمت بمصيبة أحد من خلق الله ولا تنطق بغيبة ولا نميمة ولا تؤذ من يؤذيك وأعني عمن ظلمك وأحسن إلى من أساء إليك وأعط من حرمك يا عبد العال أتدري من هو الفقير الصابر الصادق ؟ قلت: منك تحصل الإفادة قال: هو الذي لا يسأل أحد أن أعطى شكر وإن مُنِع صبر صابر لحكم الله تعالى عامل بالكتاب والسنة.
فمن هذه الوصية العطرة على شخصيته هذا الولي الكبير ونقف على سر روحانيته الكبرى ويكفي دليلاً على ذلك قوله المنقول عن الإمام السيد البكري قال: قال البدوي «من لم يكن له علم فلن تكون له قيمة في الدنيا والآخرة ومن لم يكن له حلم لم ينفعه علم ومن لم يكن عنده سخاء لم يكن له من ماله نصيب ومن لم تكن عنده شفقة على خلق الله لم تكن له شفاعة عند الله ومن لم يكن له صبر فليس له في الأمور سلامة ومن لم يكن عنده تقوى فليس له منزلة عند الله ومن حرم هذه الخصال السِّتّ فليس له منزلة في الجنة» وتلك عظات بالغات من جوامع الكلم تدلّ على علم وتقوى وفضل كبير.
***
وفاته (رضي الله عنه):
توفي (رضي الله عنه) وانتقل إلى رحمته تعالى سنة 675 ﻫ في طندتا بمـصر وقبره مشهور يزار (رضي الله عنه).
***
منقول

تحميل