مولانا الإمام الشيخ أحمد الرفاعي (قدس الله سره)
مولانا الإمام الشيخ أحمد الرفاعي (قدس الله سره)
مولده و نشأته (رضي الله عنه):
ولد الأمام الرفاعي (رضي الله عنه) في النصف الأول من شهر رجب سنة 512ﻫ في قرية (حسن) من أعمال واسط محادية لأم عبيدة بالبطائح، في زمن الخليفة المسترشد بالله العباسي، ونشأ في حجر خاله الشيخ منصور فأدبه وهذبه، ثم تولى أمر تربيته العلامة المقرئ الحجة الشيخ علي أبو أفضل الواسطي (قدس الله سره) وتخرج على يديه.
***
نسبه من جهة أبيه (رضي الله عنه):
هو السيد أحمد محي الدين أبو العباس الرفاعي ابن السيد أبي الحسن علي دفين بغداد ابن السيد يحي نقيب البصرة أبي أحمد المهاجر من المغرب ابن السيد أبي حازم ثابت بن السيد علي الحازم أبي فراس بن السيد أبي علي أحمد المرتضى ابن السيد علي أبي الفضائل ابن السيد الحسن الأصغر رفاعة الهاشمي المكي نزيل بادية إشبيلية بالمغرب ابن السيد أبي رفاعة المهدي ابن السيد أبي القاسم محمد ابن السيد الحسن أبي موسى رئيس بغداد نزيل مكة ابن السيد الحسين عبد الرحمن الرضي المحدث ابن السيد أحمد الصالح ويقال له الأكبر ابن السيد موسى الثاني ويقال له أبا يحي وأبا سبحى ابن الأمير الجليل السيد أبي محمد إبراهيم المرتضى ابن السيد الإمام موسى الكاظم بن السيد الإمام جعفر الصادق بن السيد الإمام محمد الباقر ابن السيد الإمام علي زين العابدين بن السيد الإمام أمير المؤمنين الحسين الشهيد بكربلاء ابن السيد الإمام أمير المؤمنين أسد الله الغالب سيدنا علي ابن أبي طالب وأم سيدنا الحسين سيدة نساء العالمين وبضعة سيد المرسلين سيدتنا فاطمة الزهراء النبوية بنت سيد الخلق وحبيب الحق نور عيوننا وقلوبنا كشاف مدلهماتنا وكروبنا، روح الأرواح وباب المفتاح، بحر المعارف التي تفجرت منه بحور العرفان، مولى العوالم سيدنا محمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه وتابعيه إلى يوم الدين .. آمين).
هذا نسب سيدنا السيد أحمد (على الوجه الأصح).
أما نسبه من جهة أمه كما صححه الثقات:
الحسيبة المعمرة الزاهدة العابدة الصالحة أم الفضل فاطمة الأنصارية أخت الباز الأشهب والترياق المجرب الإمام العارف بالله صاحب وقته ذي الكأس النوراني والفتح الصمداني شيخ الطوائف منصور الزاهد البطائحي الرباني نسبة من قرية من قرى البطائح اسمها الرب، لأبويه وأبوهما العارف الكبير الشيخ يحي النجاري ابن الشيخ موسى أبي سعيد ابن الشيخ كامل بن الشيخ يحي الكبير ابن الإمام الصوفي الشهير محمد أبي بكر الواسطي ابن موسى بن محمد بن منصور بن خالد بن زيد بن متى وهو أيوب بن خالد أبي أيوب بن زيد الأنصاري النجاري الصحابي الجليل (رضي الله عنه وعن أصحاب رسول الله أجمعيـن).
***
صفاته الخلقية (رضي الله عنه):
كان السيد أحمد الرفاعي أسمر اللون، متوسط القد، نير الوجه، شعره اسود، وفي صدره شعر اسود، خفيف العارضين، وسيع الجبهة، مدور الوجه، حسن المبسم.
كان (رضي الله عنه) يلبس قميصا أبيض ورداءً أبيض، وخفا من صوف أبيض، ذا هيبة عظيمة، لا يتمكن جليسه من أباحة النظر إليه مع رفقه وظرافة طبعه وخلقه وشيمته.
***
علمه وسنده (رضي الله عنه):
قرأ القرآن الكريم حفظا عن المقرئ الشيخ عبد السميع الحربوني، ثم تولى تربيته علي أبو الفضل الواسطي (قدس الله سره)، فبرع في العلوم النقلية والعقلية، وفي العشرين من عمره أجازه الشيخ الواسطي إجازة عامة بجميع علوم الشريعة والطريقة، والبسه خرقته المباركة، وكان يلازم درس الشيخ أبي بكر الواسطي، وتبحر في العلوم الشرعية وتفقه على يد خاله الشيخ منصور البطائحي وأجازه (رضي الله عنه). وقبل وفاة خاله الشيخ منصور عهد إليه (رضي الله عنه) بمشيخة شيخ الشيوخ ومشيخة الاروقة المباركة المنسوبة إليه فتصدر على سجادة الإرشاد.
كان (رضي الله عنه) فقيها عالما مقرئاً مجوداً محدثاً مفسراً متمكناً في الدين وتفقه على مذهب الأمام الشافعي (رضي الله عنهم) أجمعين.
***
سنده في الطريقة (رضي الله عنه):
لبس (رضي الله عنه) الخرقة الشريفة من يد الشيخ علي أبو الفضل الواسطي (رضي الله عنه) وهو لبسها من يد شيخه أبي الفضل ابن كافح الواسطيء وهو لبسها من الشيخ غلام ابن تركان، وهو من الشيخ أبي علي الروذباري، وهو من شيخ الطائفة الشيخ أبي القاسم الجنيد البغدادي، وهو من خاله الشيخ سري السقطي، وهو من الشيخ أبي محفوظ معروف الكرخي، وهو من الشيخ داوود الطائي، وهو من الشيخ حبيب العجمي، وهو من الشيخ حسن البصري، وهو من مولانا الإمام علي ابن أبي طالب (كرم الله وجهه)، وهو عن سيد الأنام خاتم الأنبياء الكرام سيدنا محمد (صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه القادات العظام).
***
أقواله وإرشاداته (رضي الله عنه):
· صونوا عقائدكم عن التمسك بظاهر ما تشابه من الكتاب والسنة.
· نزهوا الله عن سمات المحدثين وصفات المخلوقين، وطهروا عقائدكم من تفسير معنى الاستواء في حقه تعالى بالاستقرار كاستواء الأجسام على الأجسام المستلزم بالحلول، تعالى الله عن ذلك.
· عظمـوا شأن العلم تعظيماً يقوم بواجباته، لأنه درك حقائق الأشياء مسموعاً ومعقولاً.
· يا ولدي، إذا تعلمت علماً وسمعت نقلاً حسناً فاعمل به، ولا تكن من الذين يعلمون ولا يعملون، يا ولدي، نجاة العالم عمله بعلمه، وهلاكه ترك العمـل.
· خمس من علامات الآخرة: الخشية من الله، والخشوع لله، والتواضع، وحسن الخلق، والزهد الذي يتحكم في القلب.
· ولتكن أيها الأخ الصالح كثير الأدب مع خلق الله تعالى، كثير الرحمة والشفقة على والديك أمك وأبيك، وَصولاً لرحمـك، متودداً لجيرانك، رؤوفاً رحيماً متحققاً بأخلاق نبيك (صلى الله عليه وسلم).
· ولتكن باراً بجارك، فقد قال المصطفى (صلى الله عليه وسلم): (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه).
· من شرط الفقير أن لا يكون له نظر في عيوب الناس.
· من لم يحاسب نفسه على كل نفس ويتهمها في جميع الأحوال، لا يكتب عندنا في ديوان الرجال.
· ينبغي للمريد أن يفرح إذا أنقطع الناس عن زيارته، ليخلو لعبادة ربه، وكذلك ينبغي له أن يغتم ويضيق صدره إذا أقبلوا عليه، فكم طيرت طقطقة النعال حول الرجال من رأس، وكم أذهبت من دين.
***
أوراده (رضي الله عنه):
كان (رضي الله عنه) يقرأ بعد كل صلاة مفروضة خمس مرات هذا الورد المبارك:
بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم لا تؤمني مكرك، ولا تنسني ذكرك، ولا تكشف عني سترك ولا تجعلني مع القوم الظالمين، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأستغفرك وأتوب إليك، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
اللهم صلِّ على سيدنا محمد النبي الأمي الطاهر الزكي صلاة تحل بها العقد وتفك بها الكرب، وعلى آله وصحبه وسلم (في كل يوم مئة مرة).
اللهم يا ميسر كل عسير يسـِّـر مرادي بفضلك الواسع (في كل يوم مئة مرة).
اللهم صلِّ على سيدنا محمد طب القلوب ودوائها، وعافية الأبدان وشفائها، ونور الأبصار وضيائها، وعلى آله وصحبه وسلم (في كل يوم مئة مرة).
***
وفاته (رضي الله عنه):
مرض (رضي الله عنه) مرضاً شديداً، وكان ذلك في بطنه، ومكث فيه شهراً مما أدى إلى وفاته، دامت بركته، وذلك يوم الخميس ثاني عشر جمادي الأولى، سنة خمسمائة وثمانية وسبعين عن ست وستين، وكان يوماً مشهوداً.
وكان آخر كلامه (رضي الله عنه): أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله.
دفن في (أم عبيدة) في العراق، في قبة جده الشيخ يحيى النجاري. رحمه الله تعالى رحمة واسعة، وجزاه الله خير ما جزى أولياءه وأحبابه.