مميز
EN عربي
الكاتب: مهيب الحضرمي
التاريخ: 07/04/2012

الحرية كما فهموها...

مقالات
بسم الله الرحمن الرحيم
الحرية كما فهموها...
مهيب الحضرمي
v الحرية كما فهمها أول من نادى بالحرية كشعار:
§ جاء في كتاب كواشف زيوف للشيخ عبد الرحمن حسن حبنكة رحمه الله ص60 وما بعدها بتصرف
من خفايا الثورة الفرنسية: دبر اليهود مكايدهم لاستغلال الثورة النفسية التي وصلت إليها الشعوب الأوروبية، لا سيما الشعب الفرنسي ذو المزاج الثوري الانفعالي الحاد، فأعدّوا الخطط اللازمة لإقامة الثورة الفرنسية، الرامية إلى تغيير الأوضاع السياسية والاجتماعية والفكرية.
وفعلاً قامت هذه الثورة الكبرى عام (1789م). واستطاع اليهود أن يجنوا الثمرات لأنفسهم، واستطاعوا أن يظلّوا في الخفاء بعيداً عن الأضواء، وأن يزوّروا كثيراً من الحقائق من الحقائق التاريخية لستر مكايدهم وغاياتهم. واستطاعوا أن يصوروا هذه الثورة وما جرّت وراءها بالصورة الجميلة المحببة، وأن يجعلوها إحدى الأعمال التاريخية المجيدة، وذلك عن طريق الدعايات والإشاعات المزخرفة المقرونة بالشعارات البراقة التي انخدعت بها الجماهير، وأخذت ترددها بغفلة وجهل وحماقة، وهي لا تدري الهدف الذي ترمي إليه. ووضع اليهود شعاراً مثلثاً لهذه الثورة هو: (الحرية – المساواة - الإخاء).
إذ دعا (روتشيلد الأول) اثني عشر رجلاً يهودياً من أرباب المال العالميين إلى (فرانكفورت) وتدارسوا في إعداد الخطب اللازمة لإقامة الثورة الفرنسية، واتفقوا على وضع إمكاناتهم المالية لتنفيذها.
ثم عرض (روتشيلد) عليهم الوثائق المكتوبة التي عهد إليه بها جماعة النورانيين من الحاخامين اليهود وقرأها عليهم، وتتضمن هذه الوثائق تنظيم خطة للعمل مرسومة بدقة بالغة وعناية فائقة. ومما جاء في الوثائق المكتوبة ما يلي:
- إن الحرية السياسية ليست سوى فكرة، فهي ليست أمراً واقعياً، أي: إنها لا يمكن أن تصبح أمراً واقعياً.
فكل ما يقتضيه الوصول إلى السلطان السياسي هو التبشير بالتحرر السياسي بين الجماهير، وعندما تعم هذه الفكرة تقبل الجماهير بالتنازل عن امتيازاتها وحقوقها التي تمنحها إياها الأنظمة الشرعية دفاعاً عن هذه الفكرة، ويستطيع المتآمرون آنئذ، الاستيلاء على جميع هذه الامتيازات والحقوق.
- يجب تبني (نفسية التجمعات الجماهيرية) للتمكن من السيطرة على زمام الجماهير، والسبب في ذلك هو ان الجماهير عمياء وعديمة التفكير، وسريعة الانفعال، وأنها دوماً تحت رحمة أي تحريض من أي طرف جاء
ولا يستطيع إنسان التحكم في الجماهير وتسييرها حسب مشيئته سوى حاكم طاغية، والطغيان المطلق هو السبيل الوحيد لبناء الحضارة التي نريدها.
وفي اللحظة التي تسيطر فيها الجماهير على حريتها تنقلب هذه الحرية حالاً إلى فوضى.
- لا يوجد مكان في العالم لما يسمى بـ (الحرية) و(المساواة) و(الإخاء).
ليست هذه سوى شعارات كنا أول من تظاهر بتبنيها، ووضعناها في أفواه الجماهير لترددها كالببغاوات.
- سوف نثير حماسة الجماهير وانفعالها إلى درجة قصوى، عن طريق استعمال تعابير خلابة، مثل (الحرية) و(التحرر) إلى آخره...
وحينئذٍ يمكن توجيه الجماهير إلى تحطيم واكتساح كل شيء، حتى القوانين الطبيعية والإلهية والخلقية.
للاطلاع على المقال كاملاً اضغط هنا.
§ والحرية.. كما وردت في البروتوكول الأول لبروتوكولات حكماء صهيون:
· الحرية: مجرد فكرة. والدهماء قوة همجية، وهذه القوة تتجلى في كل مناسبة واقعة. وفي اللحظة التي تتسلم فيها الدهماء الحرية، وتجِدُ نفسها قادرة على التصرف كما تشاء، تقع الفوضى فوراً، وهذا الضرب من الاختباط أسوأ ضروب التردي الإنساني الأعمى.
· فكرة الحرية مستحيلة التحقيق على الناس، لأن ليس فيهم من يعرف كيف يستعملها بحكمة وأناة. وانظروا في هذا، فإنكم إذا سلمتم شعبا الحكم الذاتي لوقت ما، فإنه لا يلبث أن تغشاه الفوضى، وتختل أموره، ومن هذه اللحظة فصاعدا يشتد التناحر بين الجماعات والجماهير حتى تقع المعارك بين الطبقات، وفي وسط هذا الاضطراب تحترق الحكومات، فإذا بها كومة رماد. وهذه الحكومة مصيرها الاضمحلال، سواء عليها أدَفَنَت هي نفسها بالانتفاضات الآكلة بعضها بعضا من داخل، أم جرها هذا بالتالي إلى الوقوع في براثن عدو من خارج.
· كنا نحن أول من نادى في جماهير الشعب بكلمات الحرية والعدالة والمساواة، وهي كلمات لم تزل تردد إلى اليوم، ويرددها من هم بالببغاوات أشبه، ينقضُّون على طُعم الشرك من كل جو وسماء، فأفسدوا على العالم رفاهيته كما أفسدوا على الفرد حريته الحقيقية، وكانت من قبل في حرز من عبث الدهماء.
· وكان من شأن المعنى المجرد لكلمة "الحرية" أن عضَّدَنا في إقناع الدهماء في جميع البلدان أن حكوماتهم ما هي إلا حارس الشعب والشعب هو صاحب القضية، فالحارس يمكن تغييره وتبديله، كقفاز قديم نبذ وجئ بجديد. وإنما هي هذه المُكْنة، مكنة تبديل ممثلي الشعب، ما جعل الممثلين طوع امرنا، وأعطانا سلطة تسخيرهم.
v أما العلماء الربانيون فقد فهموا الحرية بشكل آخر. فقد قالوا:
إنّ المعنى الحقيقي للحريّة هو: أن يتحرر الإنسان من رقّ نفسه، ومن سلطان مجتمعه، وينعتق من أسر هذا كلّه، ويبقى تحت سلطان واحدٍ أحد، فردٍ صمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، فإذا تحقق الإنسان بهذا المعنى - أخي الحبيب - صار حراً حرية حقيقية... !
و ذلك بمعنى، أنّ الإنسانَ إذا قدّم أمر الله تعالى على أمر غيره، وقدّم أمر الله تعالى على شهوة نفسه وهواه، وقدّم أمر الله تعالى على عُرف مجتمعه وبيئته، وقدّم أمر الله تعالى على كلّ أمر وعلى كلّ شيء، وأطاع الله تعالى في كلّ لحظة ونفس من أنفاسه، فإنه يكون قد فاز بالحريّة الحقيقية المطلقة عندئذٍ... !
فكيف يكون حُرّاً من لا يقوى على مخالفة نفسه وشهوته ولو بترك لقمة من غدائه أو عشائه...؟!
كيف يكون حراً من لا يستطيع أن يغلب نفسه بترك ساعة من نومٍ آخرَ الليل ليقوم فيستغفر ربّه وينعم بمناجاته.. ؟!
كيف يكون حرّاً من لا يملك نفسه ولا يحجزها عن أكل الحرام... ؟! أم كيف يكون حرّاً من لا يستطيع كفّ نفسه عن اللغو وعن فضول الكلام... ؟!
كيف يكون حراً -أيّها الأخوة الكرام- من لا يستطيع أن يخالف عادةً في مجتمعه القريب منه، كأسرته التي امتلأت بالفساد والمعاصي والمخالفات والآثام، لأنه لو خالفها فسينظر إليه على أنه منغلق وغير منفتح، فلا يتمكن حتى من أن يقيم شرع الله في امرأته وأولاده... ؟!
كيف يكون حراً من لا يستطيع أن ينصح أخاه وصديقه لأنه سيخسر صداقته معه بسبب نصيحته..؟!
إنّ الحرية أيها الأخ الحبيب لا تصدق على أحدّ منا، ما لم يتحرر من كلّ هذه التبعات والمهلكات، ويبقى عبداً لله خالصاً حقّاً، يتسابق لمرضاته، ويحيي قلبه بالصدق معه والإلتزام بهديه، ويُقدّم أمره على كلّ أمر، ويُقّدم رضاه على كلّ أحد، وحتى يلزم نفسه بأوامره وطاعاته، وما يقرّبه إلى مولاه وخالقه... ورحم الله سيّدي بديع الزمان سعيد النورسي إذ يقول: ((يا بني وطني لا تسيئوا تفسير الحريّة كي لا تذهب من أيديكم...! ولا تصبوا التقاليد العفنة، في قوالب برّاقة...! إن الحرية لا تتحقق ولا تنمو إلا بتطبيق أحكام الشريعة ومراعاة آدابها))...!
تلك هي الحريّة المطلقة أخي الحبيب، وإذا ما تمتع بها الإنسان ونال حظوته منها فإنّه ينعتق بذلك من أسر نفسه -وما أخطر أسر النفس وأهوائها– وينعتق بذلك من أسر مجتمعه وعاداته بشتى صنوفه وأضرابه...
"إذاً فلتعلم أنّ الحريّة الحقيقية المطلقة إنما هي الوجه الثاني لعبودية الإنسان ومملوكيته لله تعالى"...!
"فكن عبداً حقيقياً لمولاك وانظر كيف تكون حرّاً الحريةَ المطلقة التي لن تكون مصغياً فيها إلا إلى الأمر الصادر إليك من الواحد الذي لا ثاني له، وهو مولاك الأوحد سبحانه وتعالى"... !
v وهكذا أقحم أحد المعاصرين - ممن ينسبون أنفسهم للعلم – الحرية بالشريعة الإسلامية. حتى اعتبرها أول مقاصد الشريعة (الضرورات) الخمس عندما قال في مغالطة فكرية جديدة:
(إن الدِّينَ قد جاء لحِفظ الضروريّات الخمس، (الدينُ)، ثم (النفسُ)، ثم (العقلُ)، ثم (النسلُ)، ثم (المالُ)، وإن فوقَ كلِّ هذه المقاصد، ويرأس كل هذه المقاصد: (الحُريّة). إذْ لا يُمكنُ أن يكون هُناكَ دينٌ يُعتَدُّ به عندَ الله تعالى إلّا مـن خــلال حُــريّـةٍ منحها الله تعالى للإنسان، فلا يقبل الله من عبدٍ دينًا جاءَ به من خلال الإكراه والإجبار، فلا بُدَّ أن يكون الدّينُ الذي جاء الإنسان بهِ إلى رَبّه عزّ وجل مُـختارًا طائعًا، وألّا يكونَ مُجبَرًا ضائعا) انتهى.
- من العجيب أن يأتي اليوم من يستدرك على أكابر الأصوليين ليضيف مقصداً سادساً، لا ليتبع لها، بل ليكون هذا المقصد هو الضرورة التي ترأس بقية الضرورات. ولعل هذا من قبيل جعل الدين خادماً لانتماءات وميول سياسية.. ومعلوم أن استغلال الدين أمر مقيت.
- من المعلوم أن حرية الإنسان وتصرفاته مقيدة بما يخدم الضرورات الخمس.. وليس العكس كما أوهم وتوهم.
- وهل يعقل أن يكون لكل إنسان الحرية المطلقة في اختيار الدين الذي يناسب هواه.. بشرط أن يمارس حريته في اختيار الدين الذي يريد، وهذا شرط قبول الله له؟؟!!.
ولعله قصد بيان الله القائل: (لا إكراه في الدين).. لكن العبارة لم تسعفه ولا يمكن حملها إلا على ما أشرنا إليه.. هذا من حيث الظاهر.. والله يتولى السرائر.. والاعتراف بالخطأ ليس عيباً لكن الإصرار عليه طامة وخاصة ممن لبس لبوس العلم.
وأخيراً أختم بما روي عن أبي سريجة موقوفاً أنه قال: (... لغير الدجال أخوف علي وعليكم، قال فقلنا: ما هو يا أبا سريحة؟ قال: فتن كأنها قطع الليل المظلم، قال فقلنا: أي الناس فيها شر؟ قال: كل خطيب مصقع، وكل راكب موضع، قال فقلنا: أي الناس فيها خير؟ قال: كل غني خفي، قال فقلت: ما أنا بالغني ولا بالخفي، قال: فكن كابن اللبون لا ظهر فيركب، ولا ضرع فيحلب)
[قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الذهبي في التلخيص: على شرط البخاري ومسلم]
قال ابن الأثير في النهاية: الخطيب الْمِصْقَع: البليغ الماهر في خطبته، الداعي إلى الفتن الذي يحرض الناس عليها. والراكب المُوضِع: المسرع فيها.

تحميل