مميز
EN عربي
الكاتب: الباحثة نبيلة القوصي
التاريخ: 07/02/2012

‏ابن أبي عصرون

أعيان الشام

‏ابن أبي عصرون


شيخ الشافعية، الفقيه البارع، في الدولة الزنكية والأيوبية، قاضي القضاة، وعالم أهل الشام، أبو سَعدٍ

عبد الله بن محمد بن أبي عصرون 492 هـ - 585 هـ

لمحة عن عصره:

مر العالم الإسلامي في منتصف القرن الخامس الهجري، بتطورات وتغييرات أدت إلى التأثير على دول العالم الإسلامي.

فعندما ضعفت الخلافة العباسية، انفصل عنها إمارات صغيره، وظهرت بعض الدول القوية التي كان لها أثر كبير في محاربة الصلبين، من هذه الدول الدولة الزنكية في المشرق.

وبشكل عام كان الفساد الاجتماعي والضعف الاقتصادي، من سمات الدول الإسلامية في تلك الفترة، مما مهد لظهور الغرق الضالة والمضلة.

ولكن بحكمة نور الدين الزنكي القوية في التعامل مع هذه الظروف، وجعله لإقامة العدل في المجتمع نصب عينيه، ساهم في سيادة الاستقرار السياسي، والعمل على تنشيط الاقتصاد، كل ذلك أدى إلى إغناء الحركة الفكرية والعلمية للعالم الإسلامي بشكل عام، ولمدينة دمشق العريقة بشكل خاص، وكأنها أخذت تدعو علماء العالم الإسلامي للقدوم إليها والتمتع بفضاؤها العلمي العالي المستوى، تحت ظل سيادة الدولة الزنكية والأيوبية المشجعة للعلم والعلماء بكافة الوسائل.

نسبة ونشأته:

هو عبد الله بن محمد بن هبة ابن المطهر علي بن أبي عصرون التميمي الحديثي الأصل، الشافعي، ولد في الموصل 492هـ أو 93ه.

نشأ على حب العلم والتعلم والعمل بما تعلم، ظهرت سماته من خلال قراءة سيرته، حيث حفظ القرآن الكريم وهو في مقتبل العمر، ثم أخذ الفقه من خيرة الفقهاء، ثم أخذت ملامح شخصية الفقهية تتبلور بقوة، مما دفع نور الدين زنكي إلى بناء مدارس في عدة مدن حلب، حماه، حمص، بعلبك، وجعله المشرف عليها، فأصبحت لديه مع الأيام ملكة فقهية قوية تؤهله لتسلم مهام أعلى في المستقبل.

(لا ننسى يا إخواننا، أن الغور في سير هؤلاء العظام الذين سطروا تاريخهم في كتب عديدة، ما هو إلا لتحريك الهمم المتقاعسة والمتكاسلة عن الطاعات، والاكتفاء بالمحدود منها، فعندما نقرأ سير علماء مدينة دمشق العريقة، يجب أن نعمل على تحفيز وتحريك مشاعر اليقظة العلمية لدينا بما ينفعنا وينفع غيرنا، خاصة ما ينفع أبناؤنا أجيال المستقبل، لُنحرك فيهم السعي للعلم المفيد والعمل به، "اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا")).

شيوخ ابن أبي عصرون:

تفقه على المرتضى الشهرزوري والد القاضي كمال الدين، وعلى أبي عبد الله الحسين بن خميس الموصلي

وتلقن على المسلم السروجي، وتلا بالسبع على أبي عبد الله الحسين بن محمد البارع، وبالعشر على أبي بكر المزرفي، ودعوان بن علي وسبط الخياط عبد الله بن علي. والنحو على أبي الحسن بن دُبيس.

تفقه بواسطة على القاضي أبي علي الفارقي، وأخذ الأصول عن أبي الفتح أحمد ابن برهان.

ثم عاد إلى الموصل سنة 523ه وسكن سنجار مدة، ثم رحل إلى حلب والتقى بنور الدين زنكي مشجع العلم والعلماء بحب لله، حيث لمس فيه غزارة وبراعة علمه الفقهيه، فولاه الاشراف على مدارس عدة.

تلاميذه:

حدث عنه جماعةٌ منهم الشيخ موفق الدين ابنُ قادمة، وأبو القاسم، والقاضي أبو نصر بن الشيرازي، وعبد اللطيف ابن سيما، والعماد أبو بكر عبد الله بن النحاس" والإمام بهاء الدين الجميزي، وغيرهم.

الوظائف التي شغلها:

إن الملكة الفقهية التي امتلكها ابن أبي عصرون ساهمت في شغله منصب شيخ وإمام الشافعية في ذلك العصر، فقد برع في الفتيا والتدريس الشرعي، وتشجيع نور الدين زنكي له، نشأُت علاقة ودّ قوية بينهما، حيث اعُرف عن نور الدين حبه الشديد للعلم والعلماء، فولاه القضاء، والإشراف على مدارس عدة في مدن بلاد الشام، ودرس بالغزاليه في الأموي.

ولاه قضاء ديار بكر ومنحه صلاحيات واسعة، ثم انتقل هذا الودّ إلى صلاح الدين الأيوبي، والذي عُرف عنه أيضاً المحبة ومجالسة العلماء.

فعندما مات قاضي الشام كمال الدين الشهرزوري، تولى القضاء ابن أخيه القاسم بن يحيى بن عبد الله الملقب بضياء الدين، وبما أن القضاء من المراتب العالية، ولا ينفع فيها التوريث، وحباً ورغبة من صلاح الدين الأيوبي، تولي ابن أبي عصرون قضاء الشام، أصدر مرسوماً يقضي بتوليه القضاء سنة 573 هـ.

وولى النيابة لأبو المعالي محي الدين محمد بن زكي الدين، عندما فقد بصره ابن أبي عصرون، تولى ابنه محي الدين القضاء كنائب، ولم يعزله صلاح الدين لاحترامه الشديد له، وبقى لسنة 578ه، ثم تولى المنصب أبو المعالي بن زكي المنصب 587ه.

مؤلفاته:

بدأ ابن أبي عصرون بكتابة مؤلفاته منذ الشباب، فقد كان يمتلك ملكة أدبية أيضاً، حيث قام بالتصنيف منذ أن كان في الموصل، إلى أن أصبح في بلاد الشام.

من كتبه: "صفوة المذهب في نهاية المطلب" 7 مجلدات

كتاب "الانتصار" 4 مجلدات

"المرشد" مجلدين

"الذريعة في معرفة الشريعة"

"التيسير في الخلاف" 4 مجلدات

"مآخذ النظر" و "الفرائض" و"الإرشاد"

و"التنبيه في معرفة الأحكام" و"فوائد المهذب" مجلدين

وصنف جزءً في جواز قضاء الأعمى وهو خلاف مذهبه، وفي جوازه وجهان.

وفاته:

توفي ابن أبي عصرون في 11 رمضان سنة 585ه، ودفن في المدرسة التي بناها في منطقة الحميدية والتي تحولت إلى مكتبة لبيع القرطاسية، والتي عُرفت فيما بعد بالعصرونية "رحمه الله"

المراجع:

المعافي بالوفيات / ح 17 / 309

سير الأعلام للدهبي 21/ 125

تحميل