مميز
EN عربي
الكاتب: Dr. Teeth
التاريخ: 07/01/2012

هذا جزاء التفرّق!

مشاركات الزوار
هذا جزاء التفرّق!
Dr. Teeth
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد الطيب الطاهر الأمين، قائد الغر المحجلين، المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم إنا نعوذ بك أن نضل أو نُضل أو نزل أو نُزل ونذل أو نُذل أو نظلم أو نُظلم أو نجهل أو يُجهل علينا، وبعد:
فلقد مرّ على الابتلاء الذي يعصف بالشعب السوري قرابة عشرة أشهر، والآن بدأنا نرى آثاره التي رآها من تكلم عنه في البداية، سواء بالمشاركة في المظاهرات أو بعدم المشاركة .. وقبل أن أبدأ أسأل الله تعالى أن يجري بهذه السطور كلاماً ينصف الطرفين، دون أن أميل بقصد أو بدون قصد إلى أي رأي من الرأيين، فأنا بصدد عرض ما جرى لا أكثر، وكل منا لديه عقل وعليه أن يحترمه!
نعم، من قال بالمشاركة والمشاركة الواسعة بالمظاهرات، إنما أراد في الحقيقة – على ما يرى – هدم قوة قمعية بكثرة المشاركة، لكن ما يحزن القلب أنه في البداية لم يكن الكثيرون ينادون بالمشاركة، حتى إن البعض استبعد فكرة أن يستجيب الشعب أصلاً للتظاهر، ثم لاحقاً تحركوا! فأبى من كان يلتزم الصمت إلا أن يأمر الناس بالخروج، أو أن يحثّ عليه طارقاً باب العاطفة أكثر من طرقه باب العقل، وبعد أن نادوا واستجاب الكثير لهم، لمسنا نتائج الاستجابة .. فحمص منكوبة، أعزها الله تعالى بعزة من عنده، وإدلب ليست ببعيدة عنها، درعا خسرت شبابها حفاظ القرآن في أول أيام الفتنة! وريف الشام والشام خسرا الصحوة والإقبال الذين انتشرا قبل الفتنة بشهور قليلة على مجالس العلم فيهما، سورية بأكملها عانت من الاستجابة للتظاهر السلمي، فلا يخلو مكان في أرضها المباركة إلا ودماء شهيد – بإذن الله تعالى– قد روته، ثم ماذا بعد؟
أقول لكم: ثم البحث عن بديل وعن منافذ في الشرع الحنيف لحمل السلاح والدفاع عن النفس على الأقل إن لم نقل تحول السلمية إلى مسلحة! وهنا الطامة الكبرى، ومنها سأنتقل إلى الرأي الآخر -الصادق- في عدم المشاركة بالتظاهر السلمي، لأنه في ظل هذا النظام لن يجدي نفعاً، وسيكون مآله إلى حراك مسلح أجمع المسلمون على حرمته.
ذكر رائد هذا الرأي الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي بداية أن نصح الحاكم الجائر يكون أمامه لا وراءه! ثم أوضح لمن بقي عنده شكّ أن الحراك السلمي هذا إن كان سيؤول إلى مسلح - وهو ما حصل- فهو محرم من باب سد الذرائع..
والآن، وفي ظل وجود منفذ في الشرع لحمل السلاح حالة الدفاع عن النفس "فمن مات دون ماله، عرضه، نفسه، فهو شهيد"، وفي ظل فهم الناس الخاطئ لهذا المنفذ، استمرت المظاهرات، وهي سائرة -على ما يقول أصحابها- في طريق إسقاط النظام وتحقيق الغايات والأهداف، يقولون: إن من يبدأ ثورته ثم يوقفها كان كمن يحفر قبره بيده، وهذا ما يمنعهم من العودة، ويطالبون الجميع - فهم ما زالوا يرون أن قيام الجميع يؤذن بسقوط النظام- بالتظاهر، ويشنعون على من يقول بحرمة الخروج هذا، ومن مطالبهم "الديموقراطية"! أي حرية التعبير على ما يقولون.. فوا أسفاه على هذا الذي سجلوه.
الغاية لا تبرر الوسيلة، هذه قاعدة لا يمكن لأحد منا أن ينكرها، فإن كانت غايتك ألا تكون قد حفرت قبرك بنفسك وبيدك، فهذا لا يبرر لك فعل المحرم حتى تجتنبه!
ثم ألم ينصحك من قال لك بعدم الخروج أنك ستصل إلى هذه المرحلة؟ وأخيراً، ما ذنب من قال رأيه -يا من تحترم الآراء- إن لم تكن تعتقد أنت نفسك لا غيرك أنه له تأثير بالغ؟ أفبالتشنيع تفض الناس من حوله؟ ألم يتبين لك بعد أن رأيه كان الصواب؟
إني لحزين على ما يجري لأهلي في سورية من قتل وتنكيل وتعذيب، من حرمان ومن عقاب، لكن بنفس الوقت إني لحزين على نفسي إن اتبعت ما تمليه علي العاطفة دون أن أحترم أن الباري عز وجل أكرمني بعقل لأفكر فيه، لا لأتفنن بأكل لحم العلماء!
وهنا لا بد أن أذكر، أن أول من قال لكم أيها الأخوة -الثائرون والقاعدون- وازنوا بين العقل والعاطفة، إنما هو نفسه الذي حذّر من الهرج.. وأذكر أخيراً أني لا أريد فرض رأي أو حتى الميل لرأي لكن كتبت هذا لأقول لكم التالي:
أولاً: ليس هناك أدنى فائدة من سب العلماء وشتمهم، ولكن هناك أضرار فادحة، فاعلم أن "لحوم العلماء مسمومة وعادة الله في هتك أعراض منتقصيهم معلومة، فمن تكلم فيهم بالسلب، ابتلاه الله قبل موته بموت القلب، فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم" هذا الكلام
من تاريخ مدينة دمشق للإمام ابن عساكر، وأيضاً في الحديث القدسي: "من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب".
يقول الإمام أحمد بن حنبل -والكلام منسوب أيضاً للإمام الشافعي رحمهما الله تعالى-: إذا لم يكن العلماء العاملون أولياء الله تعالى، فلست أعلم ولياً لله تعالى في الأرض، والمنطق يقول: إن كان لأمر ضرر بسيط -لا فادح!- ولم يكن له فائدة، فتركه أولى، فكيف إن كان الضرر فتنة أو عذاب أليم؟
فلنكتفِ بما قيل عليهم ولنشحذ ألسنتنا للدفاع عنهم، فإن قلنا ما ورد ولم نزد عليه لكفى، ولنعلم أن سبب تأخر النصر ليس بسبب رأي عالم أو غيره.
ثانياً: لست أكتب ما أكتب لأنتقد أحداً، حاشى أن أنتقد من يحمل دمه على كفه ويخرج تحت رأي علماء معتبرين منهم القرضاوي والصابوني واليعقوبي وشيخ قراء الشام، فضلاً على أن أنتقد من تبين أن رأيه هو عين الصواب فضيلة الأستاذ الدكتور العلامة البوطي، وإنما أكتب لنبتعد عن الخوض بلحوم العلماء درءاً لأضراره، ولنبحث سويةً عن الحل، فما الحل أيها الأخوة؟
سأبدأ بالذين يحرضون على الخروج فهم في الآونة الأخيرة يقولون: إن الأمر بيد الله فعلينا بالالتجاء لله سبحانه وتعالى، ثم سأعود لأقول: إنه في بداية الأحداث قال لنا العلامة البوطي -ممن يقول بحرمة الخروج-: اجعلوا لكم ورداً في الليل تتضرعوا فيه وتلتجئوا إلى الباري سبحانه وتعالى، وحبذا لو كان في الثلث الأخير منه. ألم يقل ذلك قبل الجميع؟ ألم يعلن أن الحل بيد الله؟
هذا ما حصل جراء التفرق بين علماء هذه الأمة، الحل واحد عند الطرفين، لكن لتشنيع أحد الطرفين على الآخر بحجة أن رأيه الصواب،لم يعِ الشعب هذا الحل إلا متأخراً وبإذن الله تعالى سيرفع الابتلاء بعد هذا الوعي الذي أسأل الله تعالى أن يعم البلاد بأسرها، على أن نعلم أن احترام العلماء ضروري.
أخيراً، ما منا إلا من رد ورُد عليه، حاشى الرسل والأنبياء عليهم الصلوات والتسليمات، ولينظر أحدكم عمن يأخذ هذه الأيام، ولينظر من كلامه أقرب للواقع، وإن لم يستطع أن يرَ من الأقرب للواقع، فليرَ إذن من كلامه في بداية الأحداث ينطبق عليها الآن بعد مضي هذه الأشهر.
وإلى مؤيدي النظام السوري الذين يقرؤون هذه الكلمات، إن حكم الخروج في المسيرات والمظاهرات عام، وليراجع كلام العلامة البوطي في موقع نسيم الشام عن هذا الأمر. والسلام عليكم.

تحميل