روعة البيان القرآني في ظلال النظم
روعة البيان القرآني في ظلال النظم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنَّا لنهتدي لولا أن هدانا الله. والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ أشرف المرسلين، وخاتم النبين، أنزل عليه القرآن بلسان عربي مبين، هدى للناس، وبيناتٍ من الهدى والفرقان.
أما بعد:
فإنَّ التدبر الأمثل للقرآن الكريم من أشرف الأعمال العلمية وأجلِّها، وأوضحها سبيلاً لمعرفة أصول دين الله وتمثل العقيدة الراسخة والنهج القويم في السلوك والمعاملات والعبادات وفي شتى مناحي الحياة والكون؛ ذلك أن َّالقرآن فيه كنوز ضخمة لا تنضب فيوض معانيه، من اللطائف والحقائق والإعجاز وهو:
كالبدر من حيث التفتّ رأيته يهدي إلى عينيك نوراً ثاقبا
كالشمس في كبد السماء وضوءها يغشى البلاد مشارقاً ومغارباً
إنَّ تدبر آيات كتاب الله ذات المعاني المباركة التي لا تنضب معينها يحتاج إلى بصيرة منيرة، وفهم ثاقب، يقبل العلماء على القرآن الكريم ويستمتعون بما يفتح به الله عليهم من تلك اللطائف والمعاني والحقائق، ويغترف من هذا البحر مغترفون كثيرون، وكلٌّ منهم يغترف على مقدار وعائه، وقد يصيب مصيبون في فهم دلالات القرآن، وقد يخطئ مخطئون، وقد يتنحى مغرضون.
إنَّ هذا القرآن الكريم لا يمنح كنوزه إلا لمن يقبل عليه بهذه الروح روح المعرفة الناشئة للعمل، وإنّه لم يجئ ليكون متاع عقلي، ولا كتاب أدب وفن ولا كتاب قصة وتاريخ، وإن كان هذا كلُّه من محتوياته – إنما جاء ليكون منهاجَ حياة، منهاجَ هدايةٍ، منهاجاً إلهياً خالصاً، وقد تلقاه الصحابة –رضي الله عنهم – بشعور التنفيذ العملي، وكان يفتح لهم آفاقاً من المتاع وآفاقاً من المعرفة،لم تكن تفتح عليهم لو أنهم قصدوا إليه بشعور البحث والدراسة والاطِّلاع.
من أغراض البحث لتوجيه الدارسين إلى تذوق ثقافةٍ عربيةٍ تتجه إلى جني ثمار القرآن الذي استأثر بانتباه المسلمين وعنايتهم إلى غير ما حد.
ولا يخفى غنى القرآن عن فكر. فقد جعل العرب والمسلمون من القرآن الكريم منبعاً لتفكيرهم في شتى مجال حياتهم في أمور دينهم ودنياهم، فعبدوا الله بتلاوته كما عبدوه باتباع أوامره واجتناب نواهيه واستخلصوا من القرآن عقيدتهم وبنوا عليه منهج حياتهم، معاملاتهم وسلوكهم وعلاقاتهم مع الآخرين ولقد فسروه بالمأثور والحديث.
وأقاموا له ضوابط نحوية تعصم الألسنة من الخطأ في تلاوته، وتكلموا في المجاز لبيان طرق تعبير القرآن عن المعاني، واحتفظوا بالشعر الجاهلي والإسلامي وأنشؤوا الأدب نقداً ليصلوا من وراء كل ذلك إلى بيان إعجاز القرآن بتفوقه على هذه النصوص الأدبية التي كانت موضع فخر العرب ومناط اعتزازهم بفصاحتهم وقدرتهم على البيان.
وتدبرُّ القرآن الكريم لا يتمُّ إلا بفهم معانيه ورسوخ تعابيره في الفكر وقد كان القرآن الكريم منبع العلوم كلِّها وخاصَّةً علوم اللغة العربية.
واسمحوا لي أن أوجهكم نحو امتلاك بعض المفاتيح التي تعين على فهم لغة القرآن وتمكِّن فينا رسوخ هذا الفهم، وذلك من خلال سورة الفاتحة ومن خلال الأسئلة المنطلقة من كل لفظٍ فيها ومن كل تعبيرٍ ومن كل جملة ومن كل تقديم وتأخير وتعريف تنكير ونحو ذلك.
أولاً: الفاتحة:
1- )بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ [[الفاتحة:1]
- أسرار البدء بالجار والمجرور.
- متعلَّق الجار والمجرور.
- معنى الرحمن والرحيم.
- تقديم الرحمن على الرحيم.
-2 )الْحَمْدُ للَّه رَبِّ الْعَالَمِينَ[ [الفاتحة:2]
- اختيار الجملة الاسمية: الحمدُ لله ...
- اسم الجلالة ما أصله لغوياً.
- ما معنى الربّ وما أسرار اختيار هذه الكلمة.
- ما مدلول كلمة: العالمين – دون ربِّ الناس.
3- )الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ[ [الفاتحة:3]
- معنى التكرار ...
4- )مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ[ [الفاتحة:4]
- اختيار اسم الفاعل.
- القراءة المتواترة: مَلِك... وتوجيهها...
- أسرار الإضافة: يوم الدين. والدين: شيءٌ معنوي.
5- )إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ[ [الفاتحة:5]
- أصل الضمير: إيّاك.
- تقديم المفعول به.
- اختيار صيغة: نعبدُ دون أعبد.
- اختيار الجملة الفعلية بصيغة المضارع.
- تقديم العبادة على الاستعانة.
6- )اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ[ [الفاتحة:6]
- ترتيب هذا الدعاء مسبوقاً بالأوصاف الجميلة لله عزَّ وجل.
- تعريف الصراط ووصفه، ومعنى الصراط.
- فائدة البدل: صراط الذين أنعمت عليهم .
- فائدة الإضافة: صراط الذين أنعمت عليهم.
- فائدة اختيار )الذين أنعمت( بالاسم الموصول.
- اختيار الفعل: أنعمت؛ بالبناء للمعلوم دون المنعم عليهم.
7- )صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ[ [الفاتحة:7]
- اختيار اسم المفعول.
- أسرار اختيار )غير( دون )لا(
- الفرق بن اسم المفعول) المغضوب عليهم( واسم الفاعل )الضالين(
- أسرار تقديم المغضوب على الضالين.
- أسرار العطف بـ )ولا(
)الْحَمْدُ للّوِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [حمِدني عبدي.
)الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ [أثنى عليَّ عبدي.
)مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [مجَّدني عبدي.
)إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ[ هذه بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل.
ثانياً: كما سنتحدث عن:
أسرار الحروف المقطعة: )آلم(
براعة الاستهلال: التنبيه، الاستفهام، النداء، القسم، الثناء، الأمر، الشرط، التعليل، حروف التهجي.
حسن الختام.
دور الفاصلة: )وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَة] [المائدة: [38، )فَإِن زَلَلْتمْ] [البقرة: [209، )فَتَبَارَكَ اللَّه أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ] [المؤمنون: [14، )فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّه أَن نرْفَعَ] [النور: [36
أسرار اختيار الفعل وتعديته: دلالة المضارع، الفعل هدى.
التضمين: )عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّه] [الإنسان: [6 ، )وَمَن يُرِدْ فِيه بِإِلْحَادٍ] [الحج: [25
التقديم والتأخير: تقديم ما حقّه التأخير) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ] [الفاتحة: 5[، تقديم لأسرار معنوية
)زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ] [آل عمران: 14 [
الحذف: )وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ] [السجدة: 12[
التعريف والتنكير:) وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ] [البقرة: [201
القصر: )إِنَّمَا يَخْشَى اللَّه مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء] [فاطر: 28[
ترتيب التعابير القرآنية: )فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ] [الضحى: 9[
أسرار الفعل الدبتٍ للمجهول: كُتِب، حُرِّم، زُيِّن.
الجملة الاعتًاضية: )وَيَجْعَلُونَ لِلِّه الْبَنَاتِ سُبْحَانَه وَلَهُم مَّا يَشْتَهُونَ] [النحل: 57[
النظم البديع: )وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ[ [هود: 44]
أسرار اختيار الحروف: حروف المعاني.