مميز
EN عربي
الكاتب: عبد الله من الجزائر
التاريخ: 12/11/2011

ما أعظمك يا شام ولكن حرام التمرد على العلماء الكرام..!!

مشاركات الزوار
فما أعظمك يا شام ولكن حرام التمرد على العلماء الكرام..!!
عبد الله من الجزائر
قال الله تعالى: (وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً).
(115) النساء.
الشقاق: وهو الخلاف، وهنا بمعنى المخالفة أي: مخالفة النبي، وفي ذلك نزل الوعيد الشديد في قوله جل وعلا:"فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" النور63.
وقرن الباري سبحانه وتعالى في هذه الآية بين مخالفة النبي وبين مخالفة سبيل المؤمنين وهم العلماء ابتداء بالصحابة رضي الله عنهم ثم الذين اتبعوهم بإحسان إلى يوم الدين .
والمعنى فكما يجب على كل مسلم اتباع نبيه صلى الله عليه وسلم وعدم مخالفته في الصغيرة والكبيرة فكذلك الحال بالنسبة للعلماء الأفاضل والذين هم ورثة الأنبياء، بدليل قول النبي: "وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما."
الراوي: أبو الدرداء المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: تخريج مشكاة المصابيح - الصفحة أو الرقم: 1/151، خلاصة الدرجة: حسن كما قال في المقدمة.
هذا من أعظم المناقب لأهل العلم، فإن الأنبياء خيرُ خلق الله تعالى، فورثتُهم خيرُ الخلق من بعدهم، ولمَّا كان كل موروث ينتقل ميراثه إلى ورثته ـ لم يكن بعد الرسل من يقوم مقامهم في تبليغ ما أُرسلوا به إلا العلماء، كانوا أحق الناس بميراثهم.
وفي هذا تنبيه على أنهم أقرب الناس إليه، فإن الميراث يكون لأقرب الناس إلى الموروث، وهذا كما أنه ثابت في ميراث الدينار والدرهم، فكذلك هو في ميراث النبوة، والله يختص برحمته من يشاء.
وفيه أيضًا إرشادٌ وأمرٌ للأمة بطاعتهم، واحترامهم، وتعزيرهم، وتوقيرهم، وإجلالهم، فإنهم ورثةُ مَنْ هذه بعضُ حقوقهم على الأمة، وخلفاؤهم فيهم.
وتوقير العلماء يكون بالدعاء لهم والثناء عليهم والسؤال عنهم وتفقد أحوالهم وزيارتهم والأخذ عنهم ونشر علمهم وفتاواهم وستر عيوبهم والذب عنهم ونصيحتهم ومؤازرتهم على البر والتقوى وتعظيم منزلتهم عند العامة والخاصة .
وفيه تنبيه على أن محبتهم من الدِّين، وبُغضهم منافٍ للدين، كما هو ثابت لموروثهم.
قال على رضى الله عنه : محبة العلماء دِينٌ يُدانُ اللهُ به
وقال الشاعر:
ولولا العلم ما سعدت نفوسٌ *** ولا عُرف الحلالُ من الحرامِ.
لكل قوم هاد:
ومن رحمة الله تعالى أن جعل لكل قوم مرشد يرشدهم لما فيه خير دينهم ودنياهم قال سبحانه وتعالى :"إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ" الرعد7، فلكل قرية ولكل بلدة وبلاد مرشد يرشدهم لما فيه خير دينهم ودنياهم .
فأهل كل قوم مطالبون بالرجوع إلى علمائهم وأئمتهم لأنهم هم أعلم بأحوالهم من غيرهم.
والفتوى لها زمان ومكان .
والحمد لله تعالى أن من الله علينا بمرشدين وهداة مهديين في جميع الأمصار والأعصار .
ومن جملة هؤلاء علماء الشام هذه البلدة الطيبة التي بارك الله فيها وفي أهلها من سابع سماء وحدث بذلك الصادق المصدوق عليه صلوات الله وسلامه ،فعن زيد بن ثابت قال كنا عند رسول الله نؤلف القرآن من الرقاع فقال رسول الله :"طوبى للشام فقلنا لأي ذلك يا رسول الله قال لأن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليها."
قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ وصححه الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة " رقم/503
طوبى للشام :
وأول من ينالهم الله بهذه البشرى هم علماؤها باعتبارهم أنهم المقربون عند الله، فنقول طوبى لعلماء الشام في كل الأعصار والأمصار ثم طوبى لمن سلك سبيلهم واتبع نهجهم بدليل الآية السابقة التي وضحت أن من اتبع غير سبيلهم باء بالخسران .
لذلك نقول لأهل الشام (الكرام) نحن نغبطكم على هذا التكريم من الله لكم ونحن نهتم كثيرا بما يجري من أحداث في بلادكم الطيبة .
لكن نحن مع رسول الله ابتداء وانتهاء ، فنحن لا نرض أبدا أن تعادوا أحباب رسول الله من علمائكم وقد عرفوا والله بورعهم وتقواهم .
سؤال ؟: ما هو تفسير محبة الناس وشوقهم لرؤية ومجالسة علمائكم .؟
إنها والله المحبة التي أشار إليها المصطفي في حديثه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي، قال: ((إذا أحب الله تعالى العبد، نادى جبريل، إن الله تعالى يحب فلاناً، فأحببه، فيحبه جبريل، فينادي في أهل السماء: إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض)) متفق عليه .
والعجب بل الطامة الكبرى في أشخاص ممن ينسبون أنفسهم للعلم والعلم منهم براء ـ تجد منهم من يشحذ لسانه ويبري قلمه السام في أعراض هؤلاء البررة من العماء الخيرة، حتى يصرف الناس عن سبيلهم الذي هو نور على نور .
وكم اغتر كثير من الناس بدعاة الفتن وقد حذرنا منهم نبي الرحمة عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام ومن فتنتهم أنهم كثير والفتنة أكبر أن البررة من الدعاة المخلصين قليل ، فيغتر الناس بكثرة هؤلاء وقلة هؤلاء .
وكم ظلوا وأظلوا كثيرا وظلوا عن سواء السبيل ، وهم يتكلمون بلسان عربي مبين ، أكثركم صلاة وصياما وقراءة للقرآن لكن إذا شبت نار فتنة رقصوا لها رقصة الشياطين في ثوب المساكين، وشحذوا ألسنتهم للنيل من كل مخلص يحاول إطفاء نار الفتنة .
إنه الخزي من الله لهؤلاء: "أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ" التوبة49.
أيها الأهالي الكرام :
لا مفر من الله إلا إليه عن طريق أوليائه وأصفيائه فهم سبيلكم إلى الله وإلى النجاة من مكر الله وعذابه جل في علاه .
فإن قلتم غير هذا فاسمعوا قول ربكم ومن اصدق من الله قيلا: (وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً). (115) النساء.
نوله ما تولى: تتزين له الأهواء، لسان الحال: ما أعظم ما أنت عليه إنك على الحق المبين وعلى النهج السليم والصراط المستقيم، ويا لنهاية المغرور من غره بالله الغرور من أهل الأهواء والفجور، ثم نصله جهنم: نهاية مؤسفة إنه كان ينتظر غير هذا، ينتظر النعيم بأعمال أهل الجحيم .
عباد الله: إن الوقوع في أعراض العلماء هو حرب يعلنها العبد مع الله وهي من أعظم فتن الساعة ،روى الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله إن الله قال: "من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب" رواه البخاري .
فاحذروا فالأمر أعظم مما تتصورون لأن الله توعد بفتنة يشيب لهولها الولدان، قال جل وعلا: "الم{1} أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ{2} وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ{3}." العنكبوت.
جاء في الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم: "بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرّجل مؤمنا و يمسي كافرا أو يمسي مؤمنا و يصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا.".
والفتنة اليوم أعظم لأن دعاتها ألسنتهم أحلى من العسل .
عباد الله: ألزموا علماءكم فإن الخير في اتباع نهجهم، واحذروا عدوكم من بني جنسكم ومن علاماتهم بغض الصالحين والوقوع في أعراضهم وهذا من أعمال أهل الجحيم .
وعجبا في قوم يطلبون النعيم بأعمال أهل الجحيم .
فما أعظمك يا شام ولكن حرام التمرد على العلماء الكرام..!!
احمدوا الله أن فضلكم بعلماء هم من خيرة أهل هذا الزمان .
اللهم تغمدهم بواسع رحمتك وثبتهم على صراطك المستقيم واجعلهم من ورثة أهل النعيم .
سلام على الشام سلام إلى يوم البعث والقيام .

تحميل