مميز
EN عربي
الكاتب: أ.عبد الله لعريط
التاريخ: 26/01/2020

القول المستوفي في الشماتة والتشفي.

مشاركات الزوار

 


القول المستوفي في الشماتة والتشفي.


 


الأستاذ : عبد الله لعريط


 


إن الحمدَ لله تعالى، نستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهدِه الله فلا مضل له، ومن يضلِلْ فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبِعه بإحسان إلى يوم الدين.


بين يدي المقال :


كثر في زماننا الحسد والغيرة والتشفي في الناس ، وأصبح كثير من الناس في حيرة ودهشة من هذا الصنف من البشر الذين لا يرقبون في عبد إلا ولا ذمة حين البلاء والمصيبة .


وهنا نشير أن العبد مطالب بمعرفة بعض أوصاف الخصوم وصفات أعداء النعم حتى يكون على علم بمكرهم فلا تصيبه الدهشة ولا الحيرة منهم لو قدر الله له أمرا من الشر .


فمن جملة أوصافهم ما ذكر بعض الشعراء في أبياتهم الشعرية  :


وَيَوْمَ السَّعْدِ وَجْهُ الخَصْمِ تَعْلُوهُ غُبْرَةٌ -----وَفِي الْكَرْبِ نَابُ الضَّحْكِ يَبْدُو تَشَفِّيًا .


غُبْرَةٌ : لَوْنُهُ بِهِ غُبْرَةٌ، كناية عن تغيُّر الوجه للغمّ .


من صفاتهم : ألد الخصوم للعبد من تراه يوم سعدك وفرحك عابس الوجه حزين مهموم مغموم يعلو وجهه قتر و سواد قاتم وكأنه وتر أهله ، فلا يعجبه فرحك وسعادتك بل تؤلمه وتفسد عنه حياته .


بينما لو يقدر الله لك مكروها أو مصيبة وغيرها من حوادث الزمن  ، تراه  فرحا مسرورا يتهلل وجهه كأنه مذهبة أو البدر يوم تمامه ، ويسعى سعيا حثيثا في نشر خبرك محدثا أقرانه وخلانه  بما ألمَّ بك باديا على وجهه علامة السرور يضحك حتى تبدو نواجذه فسبحان العلي القدير !!.


وهؤلاء يجب الحذر منهم ودعوة أهل الإصلاح لإرشادهم وإصلاح قلوبهم لأنهم أخطر من الأمراض العضوية وأشد فتكا من الجراثيم ومن الكوارث البيئية .


وإذا ساد هؤلاء وتسلطوا فاعلم أن النهاية وشيكة بالأفراد والجماعات .


الحاسد للنعم : قال بعض الحكماء :" ما رأيت ظالماً أشبه بمظلوم من حاسد؛ إنه يرى النعمة عليك نقمة عليه.". وبالتالي فسوف يسعى لإزالتها بكل ما أوتي من قوة وقد يفسد على الناس حياتهم بالتعدي والجور والظلم والزور .


المخرج لكل حاسد : يجب أن تكون على علم بأن المنعم والمتفضل على عباده بالنعم هو الله ، قال الله تعالى :" أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ:" النساء 54.


فلا يجوز أن تحسد أخاك على نعمة أنعمها الله عليه ، وبالتالي فيكون سخطك عليه هو سخط على أقضية الله ، والويل لك ثم الويل إن كنت تسعى في إلحاق الضرر بمن تفضل الله عليهم بالنعم ولو كانوا من خصومك وأعدائك .


عنْ وَاثِلةَ بنِ الأسْقَعِ رضي الله عنه  قالَ: قَالَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ"لا تُظْهِرِ الشَّمَاتَة لأَخِيكَ فَيرْحمْهُ اللَّهُ وَيبتَلِيكَ" رواه الترمذي وقال: حديث حسنٌ.


الشماتة : شمَت بعدوِّه : فرح بمكروه أصابه.


التشفي : التَّشَفِّي مِنَ الأَعْدَاءِ : الشُّعُورُ بِالسُّرُورِ نِكَايَةً مِنْهُمْ ، كَأَنَّهُ يَأْخُذُ ثَأْرَهُ مِنْهُمْ.


اعلم أن التشفي من الإخوان   منهي عنه وأنه من علامات مرض القلوب ويجب التوقي منه وعلاجه يكون بمعرفة حقوقك تجاه إخوانك في سرائهم وضرائهم ، ومعرفة أن ما يصيبهم من مصيبة فبإذن الله .


واعلم كذلك أن الشماتة والتشفي من صفات المنافقين عياذا بالله ، قال الله تعالى :" إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ ۖ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّوا وَّهُمْ فَرِحُونَ". التوبة  (50). ، وأن الجزاء من جنس العمل فقد يدور الزمان وتبتلى بنفس المصيبة أو المُلمَّة التي تشفيت لأخيك منها  ، وهذا جزاء وفاقا .


فعليك بتقوية اليقين في قلبك والإكثار من ذكر الله الذي يزيل عنك هذا الحجاب الذي يعمي البصيرة ويهوي بصاحبه في حفر العار والشنار ثم النار وبئس القرار  .


من خاف التشفي أو الشماتة :  ينبغي للعبد أن يلتجأ لربه بالدعاء والإستعاذة به من امثال هؤلاء كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ بالله من شرهم روى الإمام البخاري رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه, أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :"  تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جَهْدِ الْبَلاَءِ ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ ، وَسُوءِ الْقَضَاءِ ، وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ ".


 وعليه أن يردد قول الله تعالى :" قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ". التوبة -51-.".


هو مولانا : المولى أي الناصر لمن استنصره ، فلا ناصر للعبد من شياطين الجن والإنس سوى الله ، فليلتجأ العبد لجواره وليخلص الولاء له وليفر إليه فهو نعم المولى ونعم النصير .


اللهم احفظنا من زيغ شياطين الجن والإنس ، ونعوذ بك من قهر الرجال ومن شماتة الأعداء ومن الحور بعد الكور .

تحميل