ردود على شبهات وتصحيح لأفكار ومسارات حول المرأة المسلمة وحجابها
أثارت بعض أقنية التلفزة والمجلات والجرائد شبهات حول الحجاب الإسلامي للمرأة المسلمة بقصد إقناعها أن الحجاب لا حاجة إليه لأنه لم يرد في القرآن ما يلزمها به وأنه عادة من العادات سادت الجزيرة العربية في وقت ما وبعض الشعوب الأخرى القديمة من عهد (حمورابي ثم أثينا ثم روما وبيزنطة)...!
وليس في أصول الدين شيء اسمه (الحجاب), وأن الحجاب أشبه بالكمامة على فم الكلاب حتى لا تعض المارة وأنه جعل من المرأة شبحاً أسود مخيفاً, هذه بعض الطروحات التي تطرحها هذه الزمرة من الكتاب والإعلاميين, فما مدى صحتها وواقعتها من الدين الإسلامي...؟
أقول وبالله التوفيق: أرأيت قارئي الكريم أسئلة تطرح أسفه وأجهل من هذه....!؟
ترى.... هل في أصول الدين وأركانه (نظام الحكم وقانونه؟) وهل فيها (أحكام الأسرة من زواج ونسب وطلاق وحقوق للزوجين؟) وهل في أركان الإسلام وأصوله (تحريم الربا والزنى والقتل والكذب...؟) وهل..... وهل... وهل ......
بأي منطق يتكلم هؤلاء... هل لعاقل يحترم نفسه ويفكر بعقله أن يلقي مثل هذا الطرح وهذا الهراء....!
وأن أصول الدين معروفة وهي (الصلاة والصيام والزكاة والحج) وليس الحجاب من بينها.... وأن الدعوة إلى الحجاب دعوة سياسية أكثر منها دينية....!
هل بلغت الجهالة بك هذا الحد بالإسلام ودينه وأصوله حتى تسلك الحجاب في سلك أصول الدين وتقول بعد ذلك: فما دام مفقوداً فيها فهو ليس من الإسلام....! من أين لك أن تصدر هذا الحكم....!؟
استغرب حقاً مثل هذا السؤال من أناس يعيشون في عصر (الانترنت وقنوات التلفزة ووسائل الإعلام الأخرى المقروءة والمسموعة), هلا كلف أحدهم نفسه فاستقرأ بعض هذه الوسائل ليعلم الجواب ويسكت ولا يفضح على رؤوس الأشهاد.....!
وأية سياسة في (الحجاب؟) يا هذا حبذا ذكرت لنا نوعها واتجاهها ومصدرها, أهي يمينية أم يسارية, اشتراكية أم رأسمالية, ديمقراطية أم استبدادية, غربية أم شرقية....!؟
ما علاقة (الحجاب؟) بالسياسة أيها (الفيلسوف), إن (الحجاب) أمر رباني أمر الله به المرأة المسلمة حتى يصونها ويحفظها من التعرض لها من الفاجرين والفسقة والزائغين ولذلك قال تعالى في آخر آية الحجاب: {ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ}[الأحزاب:59], ولتتميز المسلمة من الكافرة والعفيفة من الفاجرة والحصينة من المستهترة.
ثم ّ إنّ تشبيهك (الحجاب) بالكمامة التي توضع على فم الكلاب (نقلا من كاتب تونسي) لئلا تؤذي المارة أو تعضهم تشبيه وقح وسوء أدب لكن (كل إناء بما فيه ينضح), (و الكلام من صفة المتكلم) وليتك عكست الكلام فقلت: الحجاب وضعته المرأة المسلمة لئلا تعضها الكلاب من المارة ولئلا تؤذى من الفسقة والفجرة وهذا أوفق وأليق وهو ما صرح به القرآن الكريم لكن في أدب جم حيث قال: {فَلَا يُؤْذَيْنَ}[الأحزاب59], وهي كلمة بليغة تعم كل أنواع الأذى من الفسقة (الذين يزيغون) أبصارهم الخائنة تبعاً لنفسياتهم المريضة ليلتهموا المارات من النساء الحافظات القانتات و ليصونهن عن الكلاب الجائعة والذئاب المفترسة والضواري الفتاكة {فَلَا يُؤْذَيْنَ}.
أما قولك: بأن الحجاب عرفه العرب في جاهليتهم قبل الإسلام وفي عصور انحطاطهم وأنه من عهد (حمورابي ثمّ أثينا ثمّ روما وبيزنطة...), فإنه محض افتراء.... هلا ذكرت دليلاً واحداً على تقولك هذا (إن كنت مدعياً فالدليل أو ناقلاً فالصحة, {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}[النمل:64], ولا برهان عندك ولا دليل بل إنك تقول منكراً من القول وزوراً....!
لا (أيها الفيلسوف أو المتفلسف).... أنت في طرحك هذا مفترٍ, فما كان الحجاب معروفا ًفي الجاهلية (وهذا الأدب الجاهلي أمامك, من شعر ونثر) فهل تجد فيه ما يشير إلى الحجاب من قريب أو بعيد... والشعر سجلّ العرب وديوانهم.....!
إنك لن تجد شيئاً من هذا.... بل الذي تجد فيه هو (التبرج) الذي أشار إليه القرآن الكريم, قال تعالى: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}[الأحزاب:33], فأيهما نصدق كلامك وافتراءك على التاريخ أم قولك الله عز وجل وهو أصدق القائلين: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً}[النساء122].
وكذلك في العهود التي ذكرتها من (حمورابي إلى روما إلى أثينا). متى عرفت هذه الشعوب الحجاب؟ وإن (أثينا) أيها الفيلسوف كان يشيع فيها (الخلاعة) على نطاق واسع حتى أوصلتهم إلى تصوير جسد المرأة وهي عارية ونصبوها (تماثيل) في الساحات العامة مكشوفة دون أي ستار يستر جسدها وسوأتها وهذا تاريخ (أثينا) أمامك, استنطقه ثمّ أخبرنا في أي عهد من عهودها عرفت الحجاب ونحن بالانتظار..!؟
أما أن (الحجاب) جعل المرأة شبحاً أسود مخيفاً طوال ألف وثلاثمائة عام....!
نعم... يخيفك أنت وأمثالك من ذئاب البشر وسباع الوحوش لئلا يقربوا منها فيؤذوها ويجرحوا كرامتها بمخالبها وأظلافها وأسنانها ويلتهموا لحمها ويدوسوا شرفها ويدنسوا طهارتها ممن في قلوبهم مرض وفي نفسياتهم خبث وفي أبصارهم خيانة..... وما أكثرهم...! ولبيان هذه الحقيقة قال تعالى: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ}[الأحزاب32], وأمرت المؤمنات إذا سرن في الطريق أن يتسترن ويحتمشن وألا يحدثن أصواتاً أثناء مشيهن لئلا يلفتن إليهن أنظار الرجال من أمثالك الذين يتصيدون حركاتهن ويتربصون بهن فقال تعالى: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ}[النور:31], ومثل ضرب الرجل أيضا كل ما يلفت إليهن أنظار الرجال (من عطر وسفور وزينة وجه ولين في الكلام...) وغير ذلك كل هذا مأخوذ من الآيتين السابقتين, فالنظرة الخائنة والحركة المثيرة والزينة المتبرجة والجسم العاري كلها لا تصنع شيئاً إلا أن تهيج ذلك السعار الحيواني المجنون. ثمّ جاءت السنة الشريفة كذلك وبينته أتم بيان.
وأما أن (الحجاب) حرم المرأة من التعلم والتعليم, فهذا بهتان آخر وكذبة أعظم وافتراء واضح, يكذبه واقع المرأة (المسلمة المتحجبة) ماضياً وحاضراً, ويفضحه ويكشف عن زيفه الآيات القرآنية الكثيرة والأحاديث النبوية الشريفة التي بلغت التواتر منذ ظهور الإسلام إلى اليوم ابتداء من أزواج النبي الطاهرات وأمهات المؤمنين الزاكيات اللائي كن معلمات ورائدات في التعليم للنساء والرجال معاً, ولم يمنعهن القرآن ولا الرسول عليه الصلاة والسلام من التعلم والتعليم ما دامت هناك حاجة لكن القرآن أمرهن بالأدب مع الرجال الأجانب فقال: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ}[الأحزاب32], حفاظاً عليهن وصيانة لمكانتهن لأنهن لسن كغيرهن من النساء,وأمر الرجال الأجانب عنهن -إن بدت لهم حاجة – في الاستفسار عن شيءٍ أو سؤال منهن فعليهم أن يسألوهن من وراء حجاب قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ}[الأحزاب53].
وكان في مقدمة هؤلاء المعلمات الرائدات في عصر النبوة (أم المؤمنين عائشة الصّديقة بنت الصّديق) رضي الله تعالى عنها وعن أبيها وكانت أعجوبة في العلم والحفظ والذكاء عالمة باللغة والشعر والطب والأنساب وأيام العرب قال (الزهري): لو جمع علم عائشة إلى علم جميع أزواج النبي عليه الصلاة والسلام وعلم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل, وقال (عروة): ما رأيت أحداً أعلم بطبٍ ولا بشعرٍ ولا بفقهٍ من عائشة, ومن مزاياها رضي الله تعالى عنها وعن أبيها أنها كانت أحياناً تنفرد باستنباط بعض المسائل فتجتهد فيها اجتهاداً خاصاً وتستدرك بها على علماء الصحابة حتى إن (الزركشي) رحمه الله تعالى ألفّ كتاباً خاصاً في هذا المعنى سماه (الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة).
وما منعها (الحجاب) من التعلم والتعليم ونشره بين النساء والرجال ولم يمنعها الرسول عليه الصلاة والسلام من ذلك, فبأي منطق تتكلمون!؟
ومن هؤلاء أيضا (حفصة) بنت عمر بن الخطاب وأم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وعن أبيها وقد أخذ منها كثيرون من النساء والرجال ولاسيما الأمور المتعلقة بأحوال النساء وما يكون بينهن وبين أزواجهن وما كان يصنعه أو يفعله الرسول عليه الصلاة والسلام في بيته مما لا يستطيع الرجال معرفته والاطلاع عليه إلا بالسؤال منهن, فإن هذا الكم الهائل من الأحكام الفقهية مما يقع بين الزوج وزوجته من أمور وصل إلينا عن طريق أمهات المؤمنين. من ذلك – مثلاً- كيف كان يغتسل النبي صلى الله عليه وسلم وكيف ينام وكيف كان تهجده وقيامه للعبادة ليلاً........ الخ.
وكان بعض النساء يمنعهن حياؤهن أن يسألن رسول الله عليه الصلاة والسلام فيأتين إلى أزواجه فيسألنهن ويعلمن الأحكام الفقهية والشرعية عن طريقهن ثمّ تابعت المرأة المسلمة (المتحجبة) تعلمها وتعليمها خلال العصور وإلى يومنا هذا... معلمات وطبيبات وممرضات ومربيات وصانعات الرجال وتخريج الأبطال والقادة الفاتحين و معلمي الأمم والشعوب...... فالمرأة مدرسة في نظر الإسلام وما منعهن حجابهن من كل ذلك كما كان بعض النساء الصحابيات يشتركن في الغزوات مع رسول الله عليه الصلاة والسلام ويقمن بمداواة الجرحى وسقيهم مما يسمى اليوم (الإسعاف الفوري) ولم يمنعهن (حجابهن) من هذه المهمة الصعبة والعمل الخطير لتعلم أنت وأمثالك أن (الحجاب) لا يعوق المرأة المسلمة عن أداء واجباتها وقيامها بأصعب المهمات وأعاظم الأعمال.
عن الرُبيّع بنت معوذ قالت: ((كنا نغزو مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ونرد الجرحى والقتلى إلى المدينة)) وفي رواية أم عطية الأنصارية قالت: (غزوت مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم سبع غزوات أخلفهم في رحالهم أصنع لهم الطعام وأداوي الجرحى وأقوم على المرضى) رواه البخاري ومسلم.
أما استفسارك وتعجبك من أداء (المرأة المتحجبة) دورها في القتال أي (وهي مغطاة الوجه)
لمتابعة البحث تفضل بتحميل الملف