الباحثة نبيلة القوصي
المدرسة الماردينية
المدرسة الماردانية
مسجد الجسر الأبيض
من المباني الأيوبية، 610 هجري
ذكر النعيمي في تاريخ المدارس، من المدارس الحنفية:
المدرسة الماردانية، في سنة (610هـ) أنشأت "عزيزة الدين اخشا خاتون" بنت الملك "قطب الدين" صاحب ماردين، ومن اسم هذه المدينة جاءت تسميتها بــ "الماردينية"، وهي زوجة الملك المعظم "عيسى" بن الملك العادل "أبي بكر أيوب" عام /1213/ م، ابن أخ السلطان صلاح الدين الأيوبي.
وقال القاضي عز الدين الحلبي: وأظن قطب الدين مودود ابن أتابك زنكي أخو نور الدين الشهيد، وهو والدها والله أعلم.
أوقفت "عزيزة الدين" عليها عدة بساتين وحوانيت وأحكار في المنطقة المعروفة اليوم بـ "الجسر الأبيض" ومن شرط واقفها مدرسها أن لا يكون مدرساً لغيرها.
وقد قال عز الدين: أول من درس بها الصدر الخلاطي وبعده برهان الدين إبراهيم التركماني إلى أن توفي، وممن توفي فيه الشيخ زين الدين أبو عبد الله محمد ابن القاضي تاج الدين عبد الله بن علي المارداني، سنة 790 هجري، الأصلي الدمشقي الحنفي المعروف بابن قاضي صور.
الموقع:
تقع المدرسة الماردينية على حافة نهر "ثورا" بجوار منطقة "الجسر الابيض" بالصالحية.
ويؤكد العلبي في خطط دمشق، بأن "عزيزة" عادت إلى ماردين بعد موت زوجها الملك المعظم، وبعضها يشير إلى أنها حجت وانقطعت للعبادة في "مكة المكرمة" وماتت ودُفنت هناك.
وقد دفن في المدرسة "أسنك بن أزدمر" سنة 816 هجري، واشترى له أخوه وقفاً ووقفه على مقرئين، واشترى للمدرسة بسطا.
وذكر أسعد طلس، في ثمار المقاصد:
أن جامع الماردانية: الجسر الأبيض هو جامع المدرسة، ووقف المدرسة بستان المحمديات الفوقاني والتحتاني وحكر أرض في الجسر الأبيض وأرض الجنائن بالجسر الأبيض.
وذكر كرد علي أنها أصبحت مدفنا لآل المؤيد، وقد جدد المدرسة سنة 1350 هجرياً، الشيخ محمد خليل التاجي، وفي سنة 1400 هجري، جددها أهل الخير كما هو مدون.
وما تزال المدرسة الماردانية قائمة إلى اليوم، بعد أن أزيلت الأثار الأخرى.
الوصف التصويري:
لم يبق من بناء المدرسة سوى جامع مسقوف (بجملون قرميدي)، وبجانبه مئذنة على طراز العمارة الأيوبية، وفوق القسم الشرقي منه قبّة التربة، أما المئذنة على طراز العمارة الأيوبية.
بقي أن نشير إلى أنه لم يبقى من المدرسة سوى جامع سمي "جامع الجسر الأبيض"، ومئذنة جرى تجديدها مؤخراً، وبناء حديث من أربع طوابق مقابل الجامع عبارة عن أحد الأوقاف التي أوقفتها "عزيزة" لـلمدرسة الماردينية.
وبعد جولتنا هذه فلنتذكر أن ما يجعل لنا أثراً قيّماً باقي، وسيكون في ميزان أعمالنا حسنات يتضاعف إلى يوم القيامة، هو كل عمل ينفع النفس والغير جميعاً، وسيكون محفوظ عند الله لا يضيع، لقول الله تعالى:
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا).
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:
(يتبع الميتَ ثلاثةٌ، فيرجع اثنان ويبقى معه واحد؛ يتبعه: أهله، وماله، وعمله، فيرجع أهله وماله، ويبقى عمله) . أخرجه البخاري ومسلم.
لأجل ذلك كانت رحلتنا تذكرة وموعظة مع المتعة الروحية في فضاء الحكمة العطائية القائلة: الأعمال قائمة والإخلاص روحها، فرحم الله جميع من ذكرناهم، وارحمنا برحمتك يا أرحم الرحمين.
فلا تقل بأنك لا تملك المال، حيث أنك تمتلك نفس الوقت الذي كان يملكه أولئك الذين سبقونا ... فقط تدبر وتأمل وتفكر كيف تترك أثراً نافعاً.
المصادر و المراجع:
ـ الدارس في تاريخ المدارس | النعيمي.
ـ ثمار المقاصد | ابن عبد الهادي.
ـ خطط دمشق | العلبي.