الباحثة نبيلة القوصي
قبر عاتكة
"معلم أثري تاريخي أموي"
قال المؤرخ الجغرافي الشيخ ابن عساكر في كتابه تاريخ دمشق:
(عاتكة بنت يزيد بن معاوية بن أبي سفيان بن حرب بن أمية، أم البنين الأموية، أمها أم كلثوم بنت عبد الله بن عامر بن كريز، وهي زوجة عبد الملك بن مروان، وأم يزيد بن عبد الملك، وإليها تنسب أرض عاتكة خارج باب الجابية، كان لها بهذه المنطقة قصر وبها مات زوجها عبد الملك بن مروان، وقد توفيت بدمشق ودفنت بجانب قصرها خارج باب الجابية).
فمن هي عاتكة؟
وصفت بأنها عالمة، واشتهرت بسخاءها على المحتاجين، حتى قيل أنها أنفقت مالها على الفقراء من آل سفيان، وعرفت بأنها كانت تضع خمارها بين يدي اثنى عشر خليفة كلهم حرم: أبوها يزيد بن معاوية وأخوها معاوية بن يزيد وجدها معاوية بن أبي سفيان وزوجها عبد الملك بن مروان وأبو زوجها مروان بن الحكم وابنها يزيد بن عبد الملك وبنو زوجها الوليد وسليمان وهشام وابن ابنها الوليد بن عبد الملك، وإبراهيم بن الوليد المخلوع وهو ابن زوجها أيضاً.
وأنجبت عاتكة بنت يزيد لعبد الملك بن مروان (يزيد ومروان وأم كلثوم)، وتصدقت عاتكة بنت يزيد بمالها كله لفقراء آل أبي سفيان وأوقفته عليهم.
وكانت ممن حدث بالشام من النساء، روى عنها: مهاجر الأنصاري.
لمّا قُتل مصعب بن الزبير، بعث عبد الملك بن مروان رأسه إلى الكوفة ثم بعثه إلى أخيه عبد العزيز بن مروان، بمصر ثم سيره إلى دمشق، فأخذته عاتكة بنت يزيد بن معاوية فغسلته ودفنته وقالت أما رضيتم بما صنعتم حتى تطوفوا به في المدن، هذا بغي.
الوصف التصويري:
قبر عاتكة، ضمن دار متواضعة مؤلفة من ثلاث غرف وخلعة صغيرة وموضأ وفسحة، لها باب شمالي نافذ إلى الطريق وبجانبه كوة للشموع، يتوضّع القبر في إحدى الغرف وهو مبني بالبيتون وفوقه تابوت خشبي مسجى بثوب مخملي أخضر وهو خال من الكتابة وحوله قفص حديدي مطلي باللون الأخضر يتصدّره محراب مجدد وسقف خشبي للحجرة .
ويخبرنا ابن عساكر، بأن محيط قبرها ومنطقته كان أرضاً لها بني عليه قصر حمل اسمها، كانت تسمى أرض عاتكة وقصرها، من أجمل المناظر الغربية بدمشق بل هي ملحقة بأراضي الغوطة الغربية .
وفاتها:
أدركت وفاة حفيدها الوليد بن يزيد، سنة 126 هجري/ 744 م، ودفنت في دمشق بمنطقة باب الجابية، رحمها الله.
وماذا بعد الوقوف عند أسطر تاريخية قديمة؟
والنبي صلى الله عليه وسلم، قد قال:
(كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإن في زيارتها عظة وعبرة).
والعبرة والعظة وجدت أيضاً في كتب التاريخ التي تملأ رفوف المكتبات، وخدمات الأنترنيت، ولكن لا يصلُ إلى المفيد من قراءة التاريخ إلا من يملك همة عالية، توصله إلى حكمة راشدة لخير الأعمال والأقوال.
وما أحوج الإنسان إلى مخاطبة عقله ووجدانه، أو قلبه ونفسه، ليحفز ويغير إلى الأفضل، ومن منا لا يرغب بالأفضل، وكما قال السلف: السعيد من وعظ بغيره.
المصادر و المراجع :
ـ تاريخ دمشق / ابن عساكر.
ـ معجم البلدان / أبو ياقوت الحموي.
ـ الحوليات الأثرية / مديرية الآثار و المتاحف مجلد 35.