مميز
EN عربي

الباحثة نبيلة القوصي

الكاتب: الباحثة نبيلة القوصي
التاريخ: 26/09/2020

عبد الرحمن الحلحولي

أعيان الشام

تخبرنا الحوليات الأثرية لمديرية الآثار والمتاحف بدمشق، أن الزاهد عبد الرحمن الحلحولي وشيخ المالكية يوسف الفندلاوي كانا من شهداء معركة دارت بين الفرنج وأهل دمشق، في عصر مضى.


عبد الرحمن الحلحولي: من كبار علماء دمشق وأعيانها، خرج مع أهل دمشق للدفاع عنها أثناء الحصار الصليبي للمدينة، واستشهد في 6 ربيع الأول سنة 543 هجري الموافق 1148ميلادي، وكان مع الشيخ الفندلاوي حين استشهد في الربوة.


ويذكر أبو ياقوت الحموي في كتابه "معجم البلدان" :


حلحول: بالفتح ثم بالسكون، وضم الحاء الثانية وسكون الواو، وحلحول: التي نسب إليها عبد الرحمن، هي قرية فيها قبر يونس بن متى، صلوات الله عليه، وكان قد سكنها سبع سنين وبنى بها مسجداً يعبد الله فيه، وهذه القرية بين بيت المقدس ومشهد الخليل إبراهيم، صلوات الله عليه، ثم سار إلى الآفاق وكان آخر أمره أن انقطع في مسجدٍ بظاهر دمشق.


فمن هو عبد الرحمن الحلحولي؟


اسمه: هو أبو بكر عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن الحلبي الجعدي، الحلحولي، المحدث الزاهد.


وُلد بحلب ونشأ بها، ثم انتقل إلى مصر، وصحب بها الصالحين والزهاد، ثم انتقل بعد ذلك إلى دمشق وسكنها في موضع بظاهر دمشق على فرسخ منها، يقال له: مسجد شعبان.


وهو أحد عباد الله الصالحين، حسن السمت، يتكلم بكلام نافع، آثار الزهد والصلاح عليه لائحة ظاهرة.


وكان آخر أمره أن الإفرنج نزلت على باب دمشق، في سنة 543 هجري، وحاصروا دمشق حصاراً شديداً، وقَرُب أن يخرج البلد من أيدي الدمشقيين، فحارب جماعةٌ - ومنهم الصلحاء والعلماء - ومنعوا الإفرنج عن دخول البلد، فاستشهد عدد كبير، مثل: عبد الرحمن الحلحولي، وإمام المالكية الفندلاوي، وغيرهما، والله تعالى يرحم الجميع، ويثيبهم على ما فعلوا من بذل أرواحهم.


وذكر النعيمي في كتابه، "الدارس في تاريخ المدارس" محدداً قبر عبد الرحمن الحلحولي: في بستان الشعباني من جهة شرقه في الربوة، وهو المسجد المحاذي لمسجد شعبان المعروف الآن بمسجد طالوت.


ويخبرنا ابن كثير في البداية والنهاية: دخلت سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة: (وفيها استغاث مجير الدين ابن أتابك بالملك نور الدين صاحب حلب على الفرنج، فركب سريعاً والتقى بهم بأرض بصرى، فهزمهم، ورجع فنزل على الكسوة، وخرج ملك دمشق مجير الدين أرتق، فخدمه واحترمه وشاهد الدماشقة حرمة نور الدين حتى تمنوه.


وفيها حاصر الفرنج دمشق وهم 70 ألف مقاتل، ومعهم ملك الألمان في خلق كثير، وذلك في يوم السبت 6 ربيع الأول فخرج أهل دمشق في 130 ألف مقاتل، فاقتتلوا معهم، وكادوا يأخذون البلد ولكن الله سلم وحماهم بحوله وقوته، وكان ممن استشهد الفقيه الكبير الفندلاوي، شيخ المالكية، مع الشيخ الزاهد عبد الرحمن الجلجولي، رحمهم الله).


جعلنا المولى وإياكم من خيرة الخلف لخير سلف صالح، قد تركوا أثراً عظيماً في سيرهم اللامعة.


حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا مات الإنسان انقطع عنه عملُه إلا من ثلاثةٍ: إلا من صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ يُنتفَع به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له )، رواه مسلم.


حديث عظيم فيه موعظة لنا، فلنتدارك به أيامنا وزماننا.


أرجو الله لي ولكم حسن التدبر في إيجاد كل منا بصمته وأثره الجميل، ليتركه على أرض دمشق المباركة قبل فوات الأوان.


  المصادر و المراجع:


ـ البداية و النهاية / ابن كثير


ـ أبو ياقوت الحموي / معجم البلدان


ـ الدارس في تاريخ المدارس / النعيمي


ـ الحوليات الأثرية/ مديرية الآثار مجلد 35

تحميل