مميز
EN عربي

الباحثة نبيلة القوصي

الكاتب: الباحثة نبيلة القوصي
التاريخ: 15/04/2017

دار القرآن والحديث التنكزية

معالم الشام

دار القرآن والحديث التنكزية


في البزورية إلى جنوب قصر العظم بدمشق القديمة

أنشأها الأمير تنكز نائب الشام سنة 728 هـ

دمشق هي المدينة التي شهد لها المصطفى بعمود النور الساطع الذي سيضيء ما بين السماء والأرض، وسمّاه بعمود الإسلام .. دمشق هي التي دعى لها نبي الله بالبركة وشهد لأهلها بأنهم خيرة الخلق .. دمشق هي المدينة التي نصح بسُكناها نبيُّنا الكريم صحابَته الكرام، فهل أتاكم خبرها يا قاطنيها؟ وهل علمتم أنها لُقبت بمدينة العلم والعلماء، فكانت إليها تُشدّ الرّحال .. دمشق التي زخرت وعمُرت بالمساجد والمدارس، جاذبة إليها العلماء الأجلاء من كل مكان، تدعونا اليوم لنسير بين أزقتها القديمة متلمّسين نسائم إيمانية منادية الغادي والماشي أنْ: قفوا وتأملوا كيف كان من قبلكم يَحيون فوق أرض دمشق العظيمة ...

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

و لنمضِ باتجاه الأموي في الشام القديمة، ثم باتجاه سوق البزورية خلفه، وما أروعها من سياحة!

دار القرآن والحديث التنكزية:

كانت هذه الدار حمّاماً يُعرف بحمّام سويد، هدمه نائب السلطنة بالشام، الأمير (سيف الدين، أبو سعيد، تنكز الملكي الناصري)، وجعله مدرسة لتعليم القرآن والحديث والفقه .. حيث جُلب إلى مصر وهو حدث فنشأ بها، وسمّع البخاري على ابن الشيخ، وصحيح مسلم وكتاب الآثار على غيره، وبنى الجامع المعروف باسمه بحكر السماق، وغيره من الأبنية الدينية والعلمية بدمشق ومصر وفلسطين .. وقيل أنه في عهده أمّن الرعايا ولم يظلم ذمّياً أو غيره .. دُفن في تربته جوار جامع تنكز، رحمه الله.

موقعها: شرقي حمام نورالدين الشهيد بسوق البزورية تجاه دار الذهب، فجاءت في غاية الحسن.. وهي جيدة البناء، أهم ما بقي منها واجهتها الحجرية، والباب ذو المقرصنات الرائعة.

كما أن الأمير تنكز قد جدّد المساجد والمدارس ووسّع الطرقات واعتنى بها، وذكره أهل دمشق في ذاك الوقت بأفضل الأخلاق والآثار التي خلفها ورائه، وتأسفت لموته دمشقُ الشام لأعمالِ الخير التي أحدثها أينما حلّ وارتحل بين البلاد، ورثاه الصفدي بأبيات طويلة.

صلى الله عليك يا رسول الله .. ماذا ارتأيتَ وجل عندما سألك الصحابة: إلى أين المفر عند ظهور الفتن؟ فأومئتَ برأسك تجاه الشام ثلاث مرات قائلاً قولك الشريف: (عليكم بالشام، عليكم بالشام.. فإنها صفوة الله تعالى من أرضها، ويُسكِنها خيرَته من عباده).

كلام بالغ الروعة والمعنى، لكن لمن؟ لمن كان صدقه في إرضاء الله ونبيه محفورٌ في نفسه قبل أي شيء آخر!

فها نحن بين أحضان مدرسة أُقيمت تعظيماً للقرآن والحديث على يد سلفنا الذي اجتهد على نفسه لينال حظوة من رضى الرسول الكريم، فهذا الأمير لم تشغله الدنيا بزينتها ومتاعها، بل أتته راغمة، وما ذاك إلا لمن كان همّه الآخرة .. ومِن هؤلاء نتعلم كيف نُحيي هِممنا ونُغذيّها عشقاً وحباً واتباعاً لمن بُعث مُتمّماً لمكارم الاخلاق، عليه أفضل الصلاة والسلام.

المصادر والمراجع:

- الدارس في تاريخ المدارس / النعيمي

- العمارة العربية الإسلامية / للريحاوي

تحميل