مميز
EN عربي

الفتوى رقم #56792

التاريخ: 23/05/2017
المفتي:

آثار سلبية يشعر بها الحريص على دينه في الغرب

التصنيف: الرقائق والأذكار والسلوك

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله شاب 28 سنة مهندس سوري الان اعيش في المانيا مجبرا بسبب الحرب و اشعر انني مقصر كثيرا بالعبادات و الانقطاع الطويل للصلاة و اعتقد ان السبب هو انعدام المقدرة على الزواج حاليا و الشعور بالوحدة و الحرب القائمة مع العلم ان عائلتي ما زالت هناك الذي يحصل لي انني استطيع بعون الله التغلب على هذه المشاعر اسبوع و اقوم بالعبادات و كل شيء و تتغلب علي مدة ثلاث اسابيع لا استطيع القيام بهم بشيء. فما هو الحكم الاسلامي لهذه الحالة يرحمك الله و السلام عليكم
؛ وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته, وبعد؛ فإنَّ خيرَ واعظٍ لمثلِ حالتِك كتابُ الله تعالى فقد خاطبَ المولى الجليل بكلامِه الفئتين الهالكين والفالحين, أما الأول: فبقوله تعالى: (وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَاباً أَلِيما), وأما الفئة الفالحة فتلك التي تضاعَف افتقارُها ورجاؤها لمولاها سبحانه عند شدَّتِها لاسيما لحظاتِ اسرافِها على نفسِها مُتَحَقِّقَةً بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) وبقوله تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ* أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) فليس مِن مَداخِلِ النجاةِ والسكينةِ للقلبِ والعَوْدِ إلى عافيَةِ الحالِ مجاوزةُ الخطوطِ الحُمُرِ, بل لابُدَ مِن العُكوف الدائم على أعتاب عبوديتك لربِّك المالكِ أمرَك وروحَكَ, والناهضِ بهمَّتك, والواعدِ بأنْ يُصَلِّيَ عليك صلاةَ رحمةٍ ويَهْدِيَكَ سواءَ السبيل, ثم اعلم بأنَّه ما أُنِيحَ باللَّائِمَةِ والخُسران إلا على اليهود من بني اسرائيل الذين تضجَّروا من التكاليف لحُبِّهِمُ الدنيا وغفلتِهم عن الآخرة ففضحهم الله تعالى بقوله: (قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ* وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ* قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) ثم كشف سبحانه وتعالى عن حقيقة اعراضِهم بقوله: (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُون*وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ*وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ* وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ* أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ*وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ* الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ* يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ* وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ) حاول أنْ تقفَ وِقْفَةَ تأمُّل عند بيانِه تعالى: (وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ* الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) لِتَعْلَمَ أنَّه لايستثقلُ الصلاة إلا غافلٌ ولايستعذبها إلا خاشعٌ يقظ راضٍ بقضاءِ مولاه راجٍ لُطْفَه عالِم أنه على الحقيقةِ التي جردها خالقها بقوله: (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ*سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ* مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ* لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) ثم سَلْ نفسك: تُرى من أيِّ الفريقين أنتَ؟؟ أقول: استَدْرِكْ على نفسِك قبل فوات الأوان, وسلْ مولاك سبحانه أنْ لايجعلك من الخاسرين. ختاما؛ لِنَعْلَمْ أنه لاتسقط الصلاة حتى عن المريض العاجز عن القيام والركوع والسجود فيقال له صلِّ بالإيماء _أي بحركة الرأس_ وعليه؛ فمادام قادراً على حركة بعض جوارحه لايعفى عن الصلاة حتى وإن لم يستطع الصلاة إلا برأسه أو حتى عينيه, فكيف بمن يتمتع بعافية جوارحه, ولعلَّك تتساءل: لم هذا الإصرار _وربُنا غني عن عبادتنا؟_ والجواب هو: لمسيس حاجة العبد للصلة بينه وبين ربه على حدِّ ما قيل [الصلاة صلةٌ بين العبد وربه] ولِعَظيم العناية الإلهية المدَّخَرَة لِمُقيمِ الصلاة كما في بيانه سبحانه: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) أدعو الله تعالى لك من أعماق فؤادي أنْ يعافيك من جَوْرِ من أنت عندهم وفتنتهم, كما أسأله أن يجعلني سبحانه وتعالى وإياك من المقيمي الصلاة على النحو المرضي آمين يارب العالمين. ولاتنس أن تخصني بدعائك فدعاء المكروب مستجاب.