مميز
EN عربي

الفتوى رقم #56783

التاريخ: 23/05/2017
المفتي:

حول أولياء الله .. والسلوك

التصنيف: الرقائق والأذكار والسلوك

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لدي اسئلة فارجو ان تجيبني عنها يا شيخنا أمدك الله بالعافية والقوة والصحة والسلامة والعلم النافع والفتوحات الربانية. السؤال الاول: هل من سار الى الله واذنب ثم تاب هل يمكن ان يجعله الله تعالى من اوليائه؟ السؤال الثاني: هل الولي الصالح يخطئ ويذنب؟ السؤال الثالث: حكم اتباع طريقة من طرق الصوفية على شيخ قد شهد له بالصلاح والتقوى وانه ولي من اولياء الله؟
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته, ومَتَّعَني جلَّ في علاه وإياك وجميع المسلمين بسلامة السبيل الأقوم مَقْروناً بِعوافي الدارين وبعد؛ فإنه لاعصمةَ إلا للأنبياء على نبيِّنا وعليهم أفضل الصلاة والسلام, وفي الحديث المحفوظ لدى العام والخاص؛ (كلُّ بني آدمَ خطَّاء وخيرُ الخطائين التوابون) والحجابُ عن مسار الأولياء هو الإصرارُ على المعصية, لاعينُ المعصية فمَنْ زلَّتْ قدمُه, ثم آبَ إلى مولاه بالتوبة الخالصة وهي النصوح المترجِمة نَدَماً وإِقْلاعاً عن الذنب وعقدَ العزم على عدم العَوْدِ إلى الذنب فهو مِن المقبولين بنصِّ البيان الإلهي: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) وعليه؛ فإذا كان المتلبِّس بالإسراف على نفسه مَدْعُواً إلى دائرةِ إضافة التشريف فكيف بمن تزكى مِن آثار المعصية تلبيةً لدعوة الرحمن بِعَوْدٍ حميد إلى مَن دعاه بموعودِ السعادة الأبدية, فهل يُتَصَوَّرُ مقبولٌ عند ربه بمثل تلك الرعاية والعناية مِنْ غيرِ ولايةٍ علوية؟؟ قال تعالى: (إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً) أقول: وبذلك يُعلم جواب السؤال الثاني. أما السؤال الأخير: فقد تُشكل صيغةُ السؤال على البعض, والحقُّ أن يقال: هل من اللازم شرعاً تزكيةُ النفس على يد من توفَّرت فيه شروطُ التربية السلوكية الصحيحة التي مِن أهمها العلمُ الصحيح المترجَم بالعقيدة السليمة ومعرفةِ حكمِ الشرع فيما أَمَرَ ونَهى, والحالةِ المرضية المترجَمة بالقُدوة الصالحة والحالِ الرباني الْمُثْمِر ثأثيراً واضحاً في كلِّ ناظرٍ وسامعٍ ومُجالسٍ فعلى هذا السؤال الجوابُ أنَّه ما لايَتِمُّ الواجبُ إلابه فهو واجبٌ ومن المعلوم أنَّ الدِّلالةَ الله تعالى جاءتْ عبرَ صحبةِ الأخيارِ بدءاً بالسيد المختار صلى الله عليه وسلم وانتهاءً بكل وارث محمديٍّ أحبَّ لعبادِ الله تعالى ما يحبُّ لنفسه فتزكيةُ النفس فرضُ عين بنص الكتاب قال تعالى: (لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ) وفي الصحيح: (العلماءُ ورثةُ الأنبياء). ولمستشكل أنْ يسأل: أليس بالإمكان الاكتفاء بالرجوع إلى الأوامر والنواهي من مصادرها دون التعويل على شيخ أو مُعَلِّمٍ؟ والجواب محفوظ لدى الجميع من كتاب الله تعالى القائل: (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) الذين هم المشار إليهم بقوله تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء), فكيف يَغدو من أهلِ الذكر من يتوجَّه إلى الله بمخالفته بيانَه, وعليه؛ فبالدليل العقلي فضلا عن النقلي أنَّ أحداً لايملك أنْ يغدو من أهل الذكر إلا إذا تلقى الذكر من أهل الذكر. والله تعالى أعلى وأعلم. مع الرجاء بالدعاء.