مميز
EN عربي

الفتوى رقم #56001

التاريخ: 21/11/2016
المفتي:

مفاسد الغيبة والنميمة وما ينتج عنهما من قطع الأرحام

التصنيف: الرقائق والأذكار والسلوك

السؤال

السلام عليكم مرض العصر أخطر من السرطان وهوينتشر بسرعة فائقة مابين الأرحام فنجد أن الزوجة تقاطع أهل زوجها والزوج يقاطع أهل زوجته بدون أسباب موضوعية ولكن مبنية على القيل و القال والحسد و البغض و النميمة و السئال المطروح عليكم مع الرجاء لكم بالأجابة حصرا من الكتاب و السنة هو التالي هل عبادتنا و صلاتنا يقبلها ربنا سبحانه و تعالى جوابكم سوف أقرأه على الطرفين عسى الله أن يجعل مخرجا لهذا المرض سئالي الثاني حول الغيبة و النميمة و اللذي يقول لك أنا أستمع و لاأتكلم بالنميمة و اللذي ينقل كل ما سمعه بسرعة فائقة حول أعراض الناس ما ذا نقول له بربكم ياشيوخنا الأجلاء جازكم الله خيرا
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته؛ أخا الإيمان لاشكَّ أنَّه مرض استشرى كالسرطان, وقد غدا أمراً مستحسناً لدى شريحة واسعة من مجتمعِنا الذي غرق في أَتُونِ الجهل بأحكام الله تعالى غرقاً استحوذَ على القلب فغطاه رانُ الغفلة الحاجبة عن مراقبة المولى الذي نهانا وحذَّرنا وأنذرنا بقوله في بيانه الواضح: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ* يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ* يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ) فالخالف لمنهج الحبيب الأكرم صلى الله عليه وسلم الذي وَعد حَسَنَ الخلُق حافِظَ اللسان بمرافقته في الجنة, واقع في وعيده بحرمانه الرحمة في الدنيا وحرمانه نعيم الجنة في الآخرة. لِنُصْغِ جميعاً إلى بيان الله تعالى: (وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبا) اتقوا الله بالائتمار بما أمركم, والانتهاء عما نهاكم, واتقوا قطيعةَ الأرحام, ففي الآية دليلٌ واضح على تعظيم حقِّ الرحم وحفظ حرمتِها بوصلها وعدم قطعها أو إيذائها, وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الرَّحِمُ معلَّقةٌ بالعرش تقول: من وصلني وصلَه الله ومن قطعني قطعه الله), وفي الصحيحين أيضاً يقولُ عليه الصلاة والسلام: (إنَّ الله تعالى خَلَقَ الخلقَ, حتى إذا فَرغَ منهم قامتِ الرَّحِمُ فقالت: هذا مقامُ العائذُ بك من القطيعة قال: نعم؛ أما تَرْضَيْن أنْ أَصِلَ مَن وَصَلَكِ وأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قالتْ: بلى قال: فذلكَ لكِ , ثم قال صلى الله عليه وسلم: واقرأوا إن شئتم (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) وفي الصحيحين عن جُبَيْرِ بن مُطْعِم أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يدخلُ الجنة قاطع) قال سفيان في روايتِه: يعني قاطعَ رحم. هذا؛ وحقيقة القطيعة هنا بمعناها في الحديث هي الإيذاء أولاً؛ بعدم نجدتها إذا وقعت في ضيق. ثانيا؛ بغِيبتِها في غيبتها. ثالثاً؛ بهتك حرمتها بين الناس. رابعاً؛ بكسر خاطرها في صدِّها عن حقِّها بالكلمةِ الجارحة أو البُعد المفرط المترجم للاستخفاف بها. خامساً؛ بِعَدَمِ صلتِها بالمال عند الحاجة لأنها أولى من الغريب ف (الأقربون أولى بالمعروف) وفي الأثر النبوي: (لا يقبل الله صدقةَ أحدكم وفي أهله محاويج) أي أهل حاجة. سادساً؛ بعدم تكريمها في المجالس إذا حضرت. وغير هذا من كل ما يُفَسِّرُ معنى الامتهان أو التَّقصير. وعن الحسن قال: مَن سألك بالله فأَعْطِه, ومن سألك بالرحم فأعطه. أي عملاً بقوله سبحانه: (وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ) أقول: هي لفتةٌ ربانيةٌ أنْ نحفظ أرحامنا مِن الضياع بحفظ حرمتهم عند اللقاء, وحفظ أمانتهم في غَيْبَتهم, فإنَّ الله تعالى سائلُنا كما أخبر سبحانه ثم حذّر بقوله: (وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) حافظا لأعمالكم فيجازيكم بها. ذكِّرِ الجميع بأنَّ طولَ العمر وبركةَ الرزق في صلةِ الرَّحِم كما في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم: (مَن أَحَبَّ أنْ يُبسط له في رزقه, ويُنسأَ له في أثره _يطول عمره_ فَلْيَصِلْ رحمَه) وحذِّرْهم من القطيعة بأنها سببُ رفع الرحمة يقول صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الطبراني: (إنَّ الملائكةَ لا تنزل على قومٍ فيهم قاطعُ رحم) وعِظْهُم بأنَّ عاجِلَ العقوبةِ تَنْزِلُ على قاطع الرحم كما جاء في مسند الإمام أحمد ومسلم عنه صلى الله عليه وسلم: (ما مِنْ ذَنْبٍ أجدر أن يعجِّلَ اللهُ لصاحبِه العقوبةَ في الدنيا مع ما يُدَّخرُ له في الآخرة من البغيِّ وقطيعةِ الرَّحِم) أَخْبِرْهُمْ أنَّ الإساءةَ في حقِّ الرحم مردودةٌ على صاحبها بتبِعَةِ الخُسران والسؤال بين يدي الديّان ففي الصحيح أنَّ رجلا جاءَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يشكو إليه سوء خلق قرابته فقال: يا رسول الله! إنَّ لي قرابة أصلُهم ويقطعوني, وأُحْسِنُ إليهم ويُسيئونَ إليَّ, وأَحْلُمُ عنهم, ويَجْهَلُون عليَّ, فقال صلى الله عليه وسلم: (لئن كنت كما قُلْتَ, فكأنَّما تُسِفُّهُمُ الملَّ _الرماد الحار_ ولايزالُ معك مِن اللهِ ظهيرٌ عليهم ما دُمْتَ على ذلك) والخلاصة أنها شواهدُ بين التذكير والتحذير ينبغي أنْ تدفع القارئ والسامع المحبَّ لله ورسوله صلى الله عليه وسلم إلى حفظ نفسه من ضياعِها بالتقصير في حقِّ ما كلَّفه سبحانه من الصلة الصافية الهادفة التي سيسأله عنها حيث ذكَّره ووعظَه فقال: (وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) هدانا الله تعالى جميعاً لأهدى سبيل وأقوم طريق آمين. ولا تنسونا من صالح الدعاء جزاكم الله عنا خير الجزاء.