مميز
EN عربي

الفتوى رقم #55967

التاريخ: 21/11/2016
المفتي:

آداب على من عهد إليه التدريس في المساجد مراعاتها

التصنيف: الرقائق والأذكار والسلوك

السؤال

السلام عليكم و رحمة الله انا شاب عمري 17 سنة و الحمدلله أطلب العلم في أحد مساجد دمشق و ما زلت لم أختم القرآن و لكن أساتذتي و المشرفين علي قامو بتسليمي انا و بضعة من اصدقائي حلقات لطلاب في المرحلة الإبتدائية و أنا في نظري ما زلت غير مؤهل و أخاف من هذه المسؤولية فربما قد أخطئ أنا فأتحمل مسؤولية هذا الطفل في يوم القيامة انصحوني بارك الله بكم
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته؛ وبعد أخا الإيمان فإنَّ سؤالَك دليلُ وَعْيِك, وخوفُك دليلُ عافية قلبِك إنْ شاء الله تعالى, وكما قال مَن لا يَنطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم (مَن خاف أدلج ومَن أدلج بَلَغَ المنزلَ ألا إنَّ سِلْعَةَ اللهِ غالية ألا إنَّ سلعةَ الله الجنة) فأنا معك في ذلك المنهج أنْ نُراقِبَ أنفسَنا فيما حُمِّلْنا مِن أمانة لاسيما تعليم الجيل, والمرءُ إن كان قاصراً في حقِّ نفسه, فبالأولى في حقِّ غيره, ثم إنَّ الخطر الكبير في ذلك الشأن شهوةُ النفس في رؤيتِها أهليَّةَ التعليم بمنطلق الفوقيَّة الْمُذِلَّة للمُتعلِّم, وما يؤسَفُ له أنَّ الكثير منا يقع في شَرَكِ هذا الهوى, بل ربما يتعدَّى إلى الاستحواذ على الطالب أنه له لا لِسواه, فيتغيَّظُ لو تحوَّل إلى غيرِه بحُكْمِ حاجته لباقي العلوم, وتلك هي الطامة الكبرى لكونها مدخلَ الشركِ الخفيِّ المترجِم لباطنِ الإثم المنْتِج خُسراناً للثواب برمّتِه, هذا وقد أشار أهل الله إلى أنَّ المعلِّم أحوجُ إلى تهذيب النفس وتزكيتِها مِن المتعلِّم ذلك أنَّ سريانَ الحال هو ما يُعوَّلُ عليه فنصيحتي أوَّلاً؛ أنْ لا تتجاوزَ حدَّك في صحبة الطلاب, فربِّ طالبٍ عند الله تعالى هو المطلوب قد كُتِبَ له أنْ يكون سببَ نجاتك يوم الحساب, ثانياً؛ أنْ تتذكر بأنَّ ما تعلَّمْتّهُ مِن علم إنما هو عاريةٌ مُسْتَردةٌ قادرٌ مولانا سبحانه سَلْبَهُ متى شاء فَكُنْ في محراب الأدب لتنال الأرب فهماً عن مولاك سبحانه الذي وفقك لتعليمهم أنَّه تعالى جعلَهم مدخلاً لسترك وزيادةِ معرفتك فالحقُّ أنْ تعتبر بوجودهم معك أنهم المعلِّمون على الحقيقة تستقي منهم أنوار هدايتِك بعنصر اعتقادِهم وحُسْنِ ظنِّهم. ثالثاً؛ أنْ لا تتغيَّظَ إذا قَصَّرَ الطالبُ بل عليك متابعةُ أمورِه بتفريج كُربته قبل إلزامِه بالرجوع إلى الطلب فإن التحبُّب مُقدَّم على ذلك فكم مِن مَغموم ينقطع وقلبُه ببيت الله معلَّقٌ لكنَّ غَمَّهُ غلبَه فمَنَعَهُ, فجَنِّدْ نفسَك لخدمته ذلك أنه لا سيادة بلا خدمة. رابعاً؛ أنْ تتعامل معهم بِلُطْفِ القولِ والتودُّدِ فما يدريك لعله الواحد منهم يغدو من أبرز الدعاة إلى الله العلماء العاملين الربانيين فتُذْكَر بالخير والدعاء في قادمات الأيام في الدنيا, ومدخرَ القبول في الآخرة. خامساً؛ اصدُق في تعليمهم بأنْ لا تتعدى ما تعلَّمتَ وأنْ لا تتخطى إلى ما لا يَسْتَوْعِبُون فإنَّ في ذلك فتنتَهم وتضليلهم. سادساً؛ اربط قلوبهم بالله تعالى ورسوله الأكرم صلى الله عليه وسلم عبرَ أورادٍ خفيفة من الذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. سابعاً؛ أسِّسْ في قلوبهم أنَّ القصدَ من طلبِ العلم رضى الله سبحانه ورضى حبيبه ومصطفاه عليه الصلاة والسلام. ثامناً؛ الصغير حديث عهد بالله تعالى فهو ذو فِطْرَةٍ سليمة ينعكس صفاؤها على كلِّ من يصدق في أمانتهم. تاسعاً؛ لا تَغْفُلْ عن أن هؤلاء الصغار سيكبَرون وأنَّ كلَّ ما يتلقَّونه يُطبع في الذاكرة فالصغير لا يَنسى, فإذا غادرته على ذكرك الحسن ومنهجك السليم طاب ذكرك عنده. عاشراً؛ احرص على أنْ لا تُعَلِّقَه بشخصك فإنَّ الصغير يكبَر وفهمُه يتسَّع فيقلِّب الأمور فاجعله يوم يقلبها يحمد فعلك لا يُسَفِّهه. حادي عشر؛ عامِلْهُ بالمكارم الهادية لتُحفَظ في قلبه وإياك أن تستخفَّ بشيء يصدر منه فلربما استَخَفَّ بك في الكبر بما تلَقَّى في الصِّغر. ثاني عشر؛ لا تصاحبْه صُحْبَةَ الصديق المرافق له في الذهاب والإياب فإنَّ البُعد عن مواقع التُّهَم مِن أَهمِّ الشروط في التعامل مع الصغار حتى أنَّ فقهانا كرَّهوا النظر إلى وجوههم بالتحديق الشاغل فإنَّه من أبواب الفتنة. أدعو لك بالتوفيق والسداد, والرشاد. ولا تنسني من صالح الدعاء.