مميز
EN عربي

الفتوى رقم #54906

التاريخ: 20/04/2016
المفتي:

العفو عن الناس

التصنيف: الرقائق والأذكار والسلوك

السؤال

السلام عليكم لدي القول التالي: (كل ذنوب العباد بحقِّ اللهِ يغفرُها اللهُ -سبحانه وتعالى- ما لم تكن هذه الذنوبُ نابعةً من الاستكبار، ولكنَّ ربي -عز وجل- يوجِبُ لغُفران الذنب المُرتكبِ بحقِّ الناس أحد أمرين على الأقل: إعادة الحقِّ المسلوبِ إلى أصحابه، أو صفح هؤلاء الناس عمن أذنبَ في حقِّهم) وسؤالي: هل يكفي صفح الناس عن المُخطئين في حقهم؟ أم يجب على المُخطئ طلب الصفح والاعتذار. فهل يُمكنني أن أقول: (يا ربي إني سامحتُ كلَّ من آذاني) ويتحقق بذلك الغفران لهؤلاء المُخطِئين الذين لم يطلبوا مني السماح؟ وشكراً
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته؛ وبعد؛ فإنَّ ما ذكَرْتَ مُرْتَبِطٌ بحَقِّ الغير على الحقيقة وهو مالكٌ هذا الحقّ, والقاعدةُ تقولُ: مَن مَلَكَ حقاً مَلَكَ إسقاطَه, معنويةً كانت الحقوقُ أو حسِّيَةً, غيرَ أنَّ صاحب الحق هو الغانم للثواب لأنه بذلك متاجرٌ الله تعالى وهي رابحة مِنْ غَيْرِ شكٍّ وذلك قِمَّةُ مقاماتِ الإحسان, والإحسان إحسانان؛ إحسان العبد, وإحسان الرب, فالأول جهد محدود لكنه مقبول, والثاني؛ عطاءٌ مأجور لكنه مبرور. أمّا المسيءُ فلا ثوابَ له سوى إسقاطِ الإثم عنه, اللهمَّ إلا أنْ يُتْبِعَ ما صُفِحَ عنه من سيئةٍ إحساناً شكراً لله تعالى أنْ يَسَّرَ ووفَّقَ وأَلْهَمَ, ليغْنَمَ من الله تعالى أجراً كريماً, وعليه؛ فليس طلبُ السماحِ هو الأصلَ بل الصَّفحُ, نعم؛ إنْ أبى صاحبُ الحقِّ ابتداءً, فلابد من استرضائِه بأيٍّ من السُّبُل حتى يَرْضَى, ومع هذا ينبغي أنْ يَعْلَمَ _أي صاحبُ الحقِّ_ أنَّ في قوله تعالى: (وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) تحبُّباً من الله لعبْده فلْيَغْنَمْهُ ليكون محبوبَه كما الدِّلالةُ في بيانه الجليل سبحانه: (وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) ومِن الأدعية النبوية المباركة: (اللهم إنك عفوٌّ تحبُّ العفوَ فاعفُ عني). والمناطُ في القُدرة على ذلك سلامةُ القلبِ التي تُتَرْجِمُ حُبَّ ما يُحِبُّه اللهُ تعالى. فاللهم؛ اجعلنا من أهل العفو والحب الخالص آمين.