مميز
EN عربي

الفتوى رقم #5455644

التاريخ: 02/05/2020
المفتي:

توضيح شبهة في حديث ما يقطع الصلاة

التصنيف: علوم الحديث الشريف

السؤال

 السلام عليكم .... في حديث ما يقطع الصلاة ... الذي رواه ابو هريرة رضي الله عنه ... اعترضت أمنا عائشة رضي الله عنها وقالت أتشبهونا بالكلب والحمار ... وهنا اشكالان الأول : أليس أبو هريرة عدل وضابط فلابد أن ماقاله لم يكن من عنده فكيف تعترض السيدة عائشة ولا تقبل التشبيه .... والاشكال الثاني : كيف نجمع بين قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المذكور واقراره بفعل زوجته عائشة عندما مرت بين يديه 

وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته, وبعد؛ فإنَّ المسألةَ تَتَعَلَّقُ بنظرةِ اجتهاديةٍ صَدَرَتْ مِنْ سيدنا أبي هريرة رضي الله تعالى عنه في جملة ما نقل عنه من الاجتهادات الفقهية وهي معلومة مسطورة في كتب الفقه والكثير من كُتْبِ الحديث, فهو مِن فُقَهاءِ الصحابةِ أهلِ الاجتهادِ, فَالْمُجْتَهدُ يَسْتَدْرِكُ عليه المجتهدُ, وعليه؛ فليس قولُ السيدةِ عائشةَ رضي اللهُ تعالى عنها إلا استدراكاً على أبي هريرة رضي الله تعالى عنه في نَظْرَتِه الاجتهادية, وذلك بِحُكْمِ ما تَحْفَظُه من دليلٍ عايَشَتْهُ مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم, وهو يقومُ الليلَ كما ورد عنها فيما أخرجه البيهقي في السنن أنها قالت: كنتُ أنامُ بين يدي رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قِبْلَتِهِ, فإذا سَجَدَ غَمَزَني فَقَبَضْتُ رجلي, فإذا قام بَسَطْتُها..) أورده السيوطي في كتابه عين الإصابة في استدراك عائشة على الصحابة قائلاً: وأَصْلُهُ في الصحيح, وقد ذكر فيه استدراكَ السيدةِ عائشةَ رضي الله تعالى عنها على الصحابة الكرام في الكثير من نظراتهم الاجتهادية وما ذكر عنهم من أحكام كابن عباس وابن عمر وغيرهما من فقهاء الصحابة وهو مظهر من مظاهر الاختلاف الذي أجيز لأهل النظر أن يقفوا عند رؤيتهم من خلاله  

وعليه؛ فلا يُقالُ: اعْتَرَضَتْ بِقَدْرِ ما يُقال: اسْتَدْركَتْ بِحُكْمِ نَظْرَتِها الاجتهادية بما تَحْفَظُهُ مِنْ دليل, ثم إنَّ حكم أبي هريرة لا علاقة له بالعدالة والضبط ذلك أن الصحابة مِنْ حيث شَرَفُ الصحبة وقبولُ النَّقل عن المصطفى صلى الله عليه وسلم والرواية عنه كلُّهم عدول يؤْخَذُ عنهم ما رَوَوْهُ مِنْ غَيرِ تَرُدُّدٍ, أما اجْتهاداتُهم, فَيُؤْخَذُ منها ويُتْرَكُ لكنْ مِنْ قِبَلِ مَنْ بَلَغَ مَبْلَغَهُمْ في رُتْبَةِ الاجتهادِ ومعرفةِ الروايةِ والدراية وقواعدِ النُّصوص.

فَلِلْعَديدِ مِنَ الصحابةِ الكرامِ اجتهاداتٌ كثيرةٌ وقد اخْتلَفُوا في الكثير مِنْ الأحكام عَبْرَ نظرَتِهم الاجتهادية في الدليل من الكتاب أو السنة

من هنا وجدنا فُسحةُ القَوْلِ عند الأَئِمَّةِ الْمُجْتَهدين, فَجُمْهورُ الفقهاءِ سَلَفاً وخَلَفاً _إلا الحنابلة في مُرورِ الكلبِ_ على قولِ السيِّدَةِ عائشةَ بِعَدَمِ قَطْعِ الصلاةِ مُؤوِّلِين النصوصَ _التي ظاهرُها القطعُ للصلاةِ_ بالنَّقْصِ لِشَغْلِ القَلْبِ باْلُمُرورِ بين يدي المصلي, وذلك لِلنُّصوصِ الكثيرة التي تُشيرُ إلى عدمِ بُطْلانِ الصلاةِ التي منها؛ ما سَلَفَ مِنْ قولِ عائشةَ رضي اللهُ تعالى عنها ومنها؛ قولُه صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبوداود ومالك والدارقطني: (لا يَقْطَعُ الصلاةَ شيءٌ...) الحديث ومنها ما رواه مُسْلمٌ والأربعةُ عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: أقبلتُ راكباً على حمار وأنا يومئذٍ قد ناهَزْتُ الاحتلام ورسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصلِّي بالناسِ بمنىً إلى غيرِ جِدارٍ, فمَرَرْتُ بين يدي بعضِ الصفِّ, فنزلْتُ, فأَرْسَلْتُ الأتانُ _الحِمارة_ تَرْتَعُ, ودخَلْتُ في الصفِّ فلم يُنْكِرْ عليَّ ذلك أحدٌ وفي رواية مسلم والترمذي؛ (فمرَّتِ الأتانُ بين أيديهم, فلم تقطع صلاتهم)

ختاماً؛ لعلي أطلت في التفصيل, ولكنْ أردت به زوالَ الإشكال, فأَرجو أن يكون قد تَحَقَّقَ مع الرجاء بالدعاء.