مميز
EN عربي

الفتوى رقم #3620

التاريخ: 09/02/2022
المفتي:

التوفيق بين الخوف من الله وحسن الظن بالله

التصنيف: الرقائق والأذكار والسلوك

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..بارك الله بكم سيدي ونفع بكم البلاد والعباد.. أود سؤالكم عن أمر أرقني وأقلق مضجعي.. كيف يمكن للمرء أن يوفق بين خوفه من الله وعذابه وبين حسن الظن به سبحانه وتعالى.. فعندما قرأت كتاب عن الموت وسكراته الشديدة والمخيفة والقبر وعذاب أهل النار وما إلى هذه المعاني شعرت بخوف شديد ولم أعد أعرف ماذا سأفعل..خفت أن أكون من أهل النار وعذاب القبر والعياذ بالله..ولكن بنفس الوقت أنا محسنة الظن بالله أننا أمة على خير بإذن الله وسندخل الجنة برحمته تعالى وشفاعة حبيبنا صلوات ربي وسلامه عليه..لكني خائفة جداً ولا أستطيع التوفيق بين هذين الشعورين..جزاكم الله عنا كل خير

وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته، وبعد، فإنِّي لأَسْأَلُ اللهَ تعالى أنْ يجعلَ خوفَنا منه جلَّ وعزَّ بَريدَ الخشية لديه، وأنْ يجعلَ الخشيةَ باباً مِنْ أبوابِ الوصولِ إليه والتَّعَرُّف عليه وذوقِ حُبِّهِ الخالص سبحانه وتعالى، وأنْ نكون مِنَ الْمُتَدَبِّرين لقوله تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء) أي العلماء بالله تعالى، فَمَنْ خَشِيَ اللهَ اسْتَثْمَرَ خوفَهُ منه على حدِّ قوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ خافَ أَدْلَجَ، ومَنْ أَدْلَج بَلَغَ المنزلَ، ألا إنَّ سِلْعَةَ اللهِ غالِيَة ألا إنَّ سِلْعَةَ اللهِ الجنة)

هذا؛ والبِشارةُ لكِ هنا في طَيِّ سؤالِكِ أنَّك تخافين، وذلك عِلْمٌ باللهِ تعالى، ومَنْ شَعَرَ بتجلِّيَّات جلالِ اللهِ تعالى نَفَذَ إلى تجليَّاتِ جمالِهِ، وبذا يَتَوَجَّهُ إلى مقامِ الرجاءِ، والراجِي ربَّه بعد خوفِهِ مُتَعَرِّفٌ على ما يَنْبَغِي في حَقِّه، وهذا مقامُ تمكينٍ يجعلُ العبدَ خاشياً راجِياً، وتلك هي حالةُ الحبِّ التي تَشْغَلُ الْمُحِبَّ بالمحبوبِ ورضاه عن أيِّ شيءٍ سواه، وعندها يعيشُ أُنْسَ المحبوب، ثم يَغدُو همُّه الأَوْحَدُ أنْ لا يُحَرَمَ محبوبَهُ، وهنا يتبدَّلُ الحالُ إلى أَحْسَنِ الأحوال، ويَتَفَرَّدُ القصدُ، ويزولُ الهَمُّ ولِسانُ الحالِ منه  يقول:        ليس قصدي مِنَ الجِنانِ نعيماً      غيرَ   أني   أريدُها   كي   أراكا

فاطْمَئِنِّي بالاً طالما أنَّ الشَّوْقَ إلى اللهِ تعالى لا يَتَوَقَّفُ، ولعلَّ سؤالاً يَعْرِضُ نفسَه هنا ؛

كيف أعرف أنَّه يُحِبُّني ؟؟

والجواب؛ أنَّ طلبَ الرِّضى آية حُبِّنا له وأنَّ حُبَّنا له سبحانه دليلُ حُبِّه لنا لقوله سبحانه: (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) فَقَدَّمَ حُبَّهُ على حُبِّهم لذا قالوا: واللهِ ما أحْبَبْناه حتى أَحَبَّنا لذا، فاحمَدي اللهَ تعالى على هذه النِّعمة واسْتَثْمِريها في أسبابِ رضاهُ عنك عَبْرَ نورِ كتابِه وهَدْيِ حَبيبِه نبيِّه صلى الله عليه وسلم، واعلمي أنَّ مَدْخَلَ الأمانِ والاطمئان لذلك كلِّه حُبُّ سيِّدِ الأنامِ عليه الصلاة والسلام وآصرة الصلة بين قلبِكِ وقلبِه الشريف صلى الله عليه وسلم الْمُحَقَّق بكثرةِ الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم ذلك أنَّه عليه الصلاة والسلام قال: (مَنْ صلَّى عليَّ مَرةً صلى الله عليه بها عشرا)، ومعلوم أنَّ مَنْ صلى عليه مولاه لا يُمكِنُ أنْ يَشْقَى أبداً ذلك أنَّ الدَّاخِلَ في مِحرابِ الحَضْرَةِ الإلهية ويَدُهُ بِيَدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم لا يُرَدُّ.

فاللهم! صِلْ حَبْلَ وَصْلِنا بِحَبْلِ وصالِ سيِّد الرِّجالِ صلى الله عليه وسلم، ولا تَحْرِمْنا ذَوْقَ الشَّوقَ إليك بِحُبِّكَ الخالصِ في رحابِ حبيبكَ الأكرم صلى الله عليه وسلم. آمين