مميز
EN عربي

الفتوى رقم #3497

التاريخ: 11/07/2019
المفتي:

حكم الصمدية للاموات

التصنيف: علم السلوك والتزكية

السؤال

الرجاء معرفة أمر الصمدية التي نفعله للاموات في العصريه ماالدليل عليها من فعل مشايخنا والتابعين من قبلنا ؟ 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وآله وصحبه ومن والاه, وبعد؛ فإنَّ القضيةَ تتعلَّق بسؤالٍ أَشْمَل وأوضح ألا وهو ؛ (هل ينتفع الميت بعمل الحي)؟ والجواب نعم. ذلك أنَّ الأدلةَ أكثرُ مِنْ أنْ تُحصى وتُحصر أبرزُها صلاةُ الجنازة التي هي من عمل الغير وهي بالإجماع رحمة للميت وتقام من أجله وحكمها الفقهي فرض كفاية إذا قام به البعض سقطَ عن الباقين وإذا قَصَّروا أثمُوا جميعاً.

هذا؛ ومعلومٌ لدى العالم والجاهل مضمونُ الصلاةِ على الميت من تلاوة القرآن والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم, والدعاء له بالعفو والمغفرة والستر والقبول.

وعليه؛ فقراءةُ ما اصطلح عليه بالصمدية في عزاء النساء والتي هي سورة الإخلاص ثلاثاً مِنْ تلاوةِ القرآن المطلوبِ شرعاً في حال شريف, والتعزيةُ منه لأَنَّه عبادةٌ, ثم إنَّ مَدْخَلَ الضمان للجواز بإذن الله تعالى فيها بلا خلاف هو هبةُ الثوابِ إلى الميت بالدعاء في الختام, ومن المجمع عليه أنَّ الدعاء جائزٌ للأحياء والأموات ألا ترى معي إلى دعاء خطيب الجمعة وهو يدعو بألوان من المطالب الهادية للأحياء والأموات؟؟.  

هذا؛ والمأمولُ مِنَ الغَفور سبحانه القبولُ لأنَّ رحمتَه واسعة, ثم إنه لابد من لفت النظر إلى أمر هو مِنَ الأهمية بمكان, وهو أن شَغْلِ الْمعزِّي بتلاوة القرآن أفضل مِنْ سكوته وكلامِه المباح الذي قد يَجرُّ إلى المخالفة البَغيضة كالغيبة والنميمة لا سيما لدى النساء.

فإنْ ردَّ مُعاندٌ بأنَّ الميت لا ينتفع إلا بعمل نفسه لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث...إلخ) فالجواب يكمن في تنبيهه إلى قصور فهمه كلامَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم, ذلك أنَّ السيِّدَ الأكرمَ يُشيرُ إلى انقطاع العمل لا انقطاع الثواب, وإلا لما صلى على الأموات رحمة بهم, وقد علمنا أنها من عمل الغير وهي لنفع الميت.

فإنْ أَصَرَّ ذلك المعاندُ فأخبرْه أنَّ ظنَّنا بمولانا أرحمِ الراحمين القبول, فإن تمادى في إصراره أَخْبِرْهُ أنَّ رحمةَ الله تعالى أوسعُ من عناده. فإن أعرضَ فاستدرك عليه بسؤال فقهي وجيه: إذا كان الميت _بزعمك_ لا ينتفع بتلاوة القرآن حتى ولا بهبةِ الثوابِ دعاءً ترى هل ينتفع بها القارئ؟؟ لاسيما وأنَّ تلاوةَ سورةِ الإخلاصِ مرةً تعدلُ في الأجر ثلث القرآن, وثلاثاً تَعْدِلُ القرآنَ كلَّه كذا ورد في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وهو قولُه عليه الصلاة والسلام لأصحابه: (أيعجِزُ أحدُكم أنْ يَقْرأَ بثلث القرآنِ في ليلة) فَشَقَّ ذلك عليهم, وقالوا: أيُّنا يُطيقُ ذلك يا رسولَ الله؛ فقال صلى الله عليه وسلم: (قل هو الله أحد الله الصمد: ثلث القرآن)

وبعدُ, فإنْ كابرَ ذلك المعاند فلا يقابل إلا بقوله تعالى: (وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ