مميز
EN عربي

الفتوى رقم #3458

التاريخ: 18/11/2021
المفتي:

حكم قضاء الصلاة التي لم أخشع فيها

التصنيف: فقه العبادات

السؤال

السلام عليكم أريد أن أسأل عن قضاء الصلوات التي لم أخشع فيها. هل يجب عليَّ قضاء الصلوات التي لم أخشع فيها سابقاً؟ وأريد أن أسأل عن قضاء الصلاة في نفس اليوم. هل أستطيع مثلاً قضاء صلاة العصر مع فرض صلاة المغرب في نفس اليوم أم أنه يجب علي أن أقضيها في اليوم التالي في نفس موعد صلاة العصر مثلاً ؟ 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد، فإنَّهُ لا يجبُ عند الفُقهاء قضاءُ الصلوات التي لم يَخْشَعِ العبدُ فيها لأنَّهُ بتمامِ أركانِها وواجِباتِها وسُنَنِها قد سَقَطَتِ العُهْدَةُ مِنَ الوُجهةِ الفقهية، وذلك رحمة من الله بعباده رفعاً للحرج، وإلا لَلَزِمَ على أكثرنا الإعادةُ مَرَّاتٍ ومَرات، فَكُلُّنا ذاكَ المصلي الْمُبْتَلَى بالشرودِ والغفلةِ فنسأل الله تعالى دوام الستر والعفو، ومِنْ واضِحِ الأدلةِ مَشْروعيَّةُ سجودِ السَّهو أنَّهُ عُدَّ جابراً للنقص الحِسِّيِّ الحادث في الصلاة وهو محصورٌ بالسَّهوِ عن واجبٍ مِنْ واجباتِها أو تأخيره، وهو ما اصطلح عليه بسنَّةِ الأبعاض عند ساداتِنا الشافعية، وبيان الله تعالى واضحُ السَّتْرِ والرَّحمة إذ يقول: (الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ) أي: ولم يقلْ في صلاتِهِمْ ساهون، فلو قالها لَمَا نَجا مِنَّا أَحَدٌ اللَّهمَّ إلا خاصة الخلق من أنبياء وأولياء، لكن مع هذا ينبغي التَّخَشُّعُ قَدْرَ الإْمكانِ، فهو مسنون وجوهر مطلوب لروح الصلاة ونورها، ومصدرُ تعرُّفٍ على الله تعالى بها، وعليه؛ فإنَّ الخشوع لم يَكُنْ شَرْطَ صحة رحمة من الله تعالى بالعباد، لكنه شرط كمال  فهو من أَهَمِّ مَدْاخِلِ كمالاتِها، ومعارجِ ارتقاءِ العبودية الخالِصَةِ لصاحِبِها، وكلَّما جَمَعَ قلبَهُ على شهودِ المعبودِ _أي: أنه بين يدي مولاه فلا يَلْتَفِتْ إلى سواه_ كلَّما تَوَسَّعَتْ دائرة الخشوع والأدب معه كأنَّه يراه، وذلك مَبْدأُ مقامِ الإحسانِ الذي هو كما قال سيد الخاشعين: (أنْ تَعبُدَ اللهَ كأنَّك تراهُ، فَإِنْ لم تَكُنْ تراهُ، فإنَّه يراك).

بقي مَسألةُ قضاء الفوائت ألا فلنعلم أنَّ بابَ وقتِهِ مَفتوح لا يُحَدُّ، فَلا يُشْترَطَ ُأنْ يكونَ قضاءُ الفائتة مع جِنْسِها في وقتِها كالعصر مع وقت العصر القادم مثلا، بل يجبُ تَعْجِيلُ القضاءِ، وعلى المثال الذي ذكرت أنَّ مَنْ فاتَهُ عَصْرُ يومِهِ مثلا، ثم دخلَ وقتُ المغربِ وجبَ عليه تعجيلُ قضائه في وقتِ المغرب، بل وقبل أداءِ وقتيَّةِ المغربِ إذا كان صاحبَ ترتيب، أي: ليس في ذمَّتِه فوائتُ كثيرةٌ، بل قليلة، والتي قدِّرتْ بخمس صلوات فأقل، فعليه ترتيب قضاء عصرِ يومه مع صلاة المغرب أي العصر أولاً، ثم المغرب .  

هذا؛ ويُستثنى مِنَ الوقت جوازاً ثلاثةُ أوقاتٍ فلا يَصِحُّ فيها قضاءُ شيء من الفرائض، وتكرهُ فيها النافلةُ تحريماً، والأوقات هي: عند طلوعِ الشمسِ إلى أنْ تَرْتَفِعَ أي: بعد انتهاء وقت الفجر إلى أنْ تَشِعَّ مُصْفَرَّةً لا تَتَمَكَّنُ العينُ مِنَ النَّظرِ إليها، وقُدِّرَ هذا الوقت المكروه بحوالي خمسة عشر دقيقة، وعند استواءِ الشمسِ في كَبِدِ السماءِ إلى أنْ تَميلَ قليلاً جِهَةَ الغَرْبِ وقُدِّرَ هذا الوقت المكروه بِخَمْسِ دقائق قبل الظهر، وعند اصفرار الشمس آخِرَ جزءٍ مِنْ أجزاءِ العصرِ إلى أنْ تَغْرُبَ كُلِّياً، وقُدِّرَ هذا الوقتُ المكروهُ بحوالي خمسٍ وعِشْرين دقيقة قبل وقت المغرب. وما سواها من أجزاء الوقت من ليل أو نهار، فجائزٌ فيه القضاء، بل يطلب تعجيل القضاء خشيةَ فواتِ العمُر بفُجاءة الأجل. اللهم وارحمنا واغفر لنا وأدخلنا ساحة رحماتك يا أكرمَ الأكرمِين.