لماذا الركوع مرة والسجود مرتين

قبل كلّ شيء ينبغي أن لا يفوتنا شأن الالتزام بالأمور التعبدية وأن أي صورة من العبادة في صلاة أو صوم أو زكاة أو حج إنما تُجسد معنى العبودية الخالصة لله تعالى يقول سبحانه: (يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون) الحج /77. وقال صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي) هذا هو الأصل في الأمور التعبدية. ومع ذلك فلا شك في أن حكمة التشريع كامنة في كل أمر أو نهي أو حكم. فلو أمعنا النظر في صورة الركوع لوجدنا أن معناه الشرعي إنما هو الإنحناء بالظهر والرأس جميعاً بتسوية الرأس بالعجز وهو صورة الكمال من السنة. وأما معناه اللغوي فهو مطلق الإنحناء والميل. وأما السجود فإنه لا يتحقق إلا بوضع الجبهة لذا كان صورة الكمال فيه عبر سجدة ثانية بالعود بعد جلسة خفيفة بينهما. هذا؛ وقد قال بعض أهل العلم بأن الركوع مقدمة لتمام الخضوع للمولى بالسجود بعده، فكانت السجدة الثانية تأكيداً على كمال ذلك الخضوع. يقول الإمام الشرنبلالي في مراقي الفلاح: لما أمر الله بني آدم بالسجود عند أخذ الميثاق ورفع المسلمون رؤوسهم ونظروا الكفار لم يسجدوا خرُّوا سجداً ثانياً شكراً لنعمة التوفيق وامتثال الأمر.\ وقال بعض علماء الأزهر: شرع السجود مكرراً إشارة إلى الكونين فالسجدة الأولى تشير إلى أنا خلقنا من الأرض، والثانية تشير إلى أنا سنعود إليها، يدل على ذلك قوله تعالى: (منها خلقناكم وفيها نعيدكم...) وفي تكراره إرغام للشيطان وإحراج له فإنه أمر بسجدة واحدة فأبى فنحن نسجد سجدتين زيادةً في التعظيم وقطعاً لطماعية الشيطان. وهذا والله تعالى أعلى وأعلم.