مميز
EN عربي

الفتوى رقم #215441

التاريخ: 02/05/2020
المفتي:

انصحوني بمنهجية تساعدني في طلب العلم

التصنيف: علم السلوك والتزكية

السؤال

 السلام عليكم ورحمه الله وبركاتوا اود بفائق الاحترام برنامج لطالب العلم من حيث عدد ساعات النوم واوقات النوم وعدد ساعات الدراسه انا متواجد في اوربا ولايوجد بالقرب مني مرشد اي رجل صالح التجئ اليه افيدوني بنصائح جزاكم الله خيرا 

وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته وبعد؛ فإنَّ حياةَ المؤمنِ في رحابِ بيانِ اللهِ تعالى وهدي خير الأنامِ سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام مُنْتَظِمَةٌ لا محالة, غَيْرَ أنَّ الأمرَ يتعلقُ بمبادئ المعرفة الدينية الأساس أي فيما يتعلق بالفروض العينية التي هي أركان الإسلام بعد الشهادتين مِنْ صلاةٍ وصيام وزكاةٍ وحَجٍّ, وأَهُّم مَفاتيحِ التوازنِ للعبدِ صلاتُه فإذا صَلَحَتْ صلَحَ منه كلَّ شيءٍ لأنها تطهر القلب وتزكي النفس, لذلك أَنْصَحُ ابتداءً بالاستقامةِ على الصلواتِ الخَمْسِ في أوقاتِها, فَبِها يَعْرِفُ العبدُ قيمةَ الوقتِ ونظامه ويدرك بركته, فمثلاً النوم في أول الليل بعد صلاة العشاء خَيْرٌ وأَفْضَلُ مِنَ النَّومِ في آخِرِهِ لأنَّه لَمَّا قال سبحانه: (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً) كانتِ العافيةُ لِلْمُلْتَزِمِ بالنَّومِ فيه تامةً, وهذا ما يُدْرِكُهُ تماماً كلُّ مؤمن ذاق طعم الإيمان لِيَجِدَ نفسَه في وقتِ السَّحَرِ نشيطاً ساميَ الرُّوحِ سليمَ الذِّهْنِ لِمَا يَسْتَقْبِلُه في يومِه ففي السَّحَرِ _أي قبل الفجر بيسير من الوقت_ نسائمُ الجنةِ يَسْتَرْوِحُ بها المؤمنُ لِنَفْسِه وهِمَّتِهِ بالصلاةِ فيه والاستغفارِ في محرابه بين يدي المتجلِّي على عُبّادِه كل ليلة بموكبه الجليل القائل كما في صحيح مسلم: (هل مِنْ سائلٍ فَيُعْطَى؟ هل مِنْ داعٍ فَيُسْتَجاب له؟ هل مِنْ مُسْتَغْفِرٍ يُغْفَرُ له؟ حتى يَنْفَجِرَ الفجر) والقائل سبحانه في كتابه الكريم: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) والقائل عز وجلَّ: (وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) ثم بانْبِثاقِ الفجرِ وصلاتِه تَبْدأُ نهارَكَ بهِمَّةٍ ناهِضَةٍ, وقد ثَبَتَ أنَّ هذا الوقت مِنْ أَبْرِكِ الأوقاتِ للأَذْكارِ, والدعاءِ, وتلاوةِ القرآن, والدراسة, وذلك لِصفاء الذِّهن وخلوِّه عن المشوِّشات, ونورِهِ بما تَقَدَّمَهُ مِنِ اسْتِنْزالِ الرحماتِ في وقتِها, وبهذا تكون الْهِمَّةُ النَّفْسِيَّةُ والجَسَدِيَّة للعملِ مُتكامِلَةً, وإنْ اسْتِطَعْتَ أن تَقيلَ _قَيْلُولَةً_ وَسَطِ النَّهارِ فافْعَلْ, ولا تَنْسَ أنْ تصلِّيَ باقي الصلوات في أوقاتِها لأنَّ الصلاةَ على وقتِها مِنْ أَحَبِّ الأعمالِ إلى اللهِ تعالى, ومع سُنَنِها الرواتب, ثم اخْتِمْ بدايةَ ليلك قبلَ النومِ بصلاةِ الوترِ فإنَّ بها خَتْمَ القَبُولِ والمغفرة, ثم اجْعَلْ لنفسِك ورداً دائما مِنْ تلاوةِ القرآنِ كَحَدٍّ أَدْنَى كلَّ يومٍ رُبْعَ جزءٍ, وَوِرْدا دائما مِنَ الاستغفارِ والصلاةِ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وذكرِ اللهِ بصيغةِ التوحيدِ لا إله إلا الله مائةَ مرةٍ صباحاً ومساءً مع الانتظام على أدعية الصباح والمساء التي وردت عن السيد الأكرم صلى الله عليه وسلم تجدُها في العديد مِنَ المواقع الْمُعْتَمَدة, ولا تَنْسَ خَتْمَ كلِّ عبادةٍ لا سيما الصلاة بالدعاءِ فإنَّه مُستجابٌ ببركةِ العبادة وهنالك وقتان احرصْ على الدعاء فيهما بافتقارٍ ورجاءٍ وتَبَتُّل؛ جوفَ الليلِ الأخيرِ ودُبُرَ كلِّ صلاة مَكتوبةٍ ففي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه لما سئل: أيُّ الدعاء أسمع؟ قال: (جوف الليل الأخير ودبر الصلوات المكتوبات)

ختاماً؛ وكلَّمَا أَشْكَلَ عليك شيءٌ مِنْ أَمْرِ دينِكَ ودنياك سَلْ أهلَ الاختصاص النَّاصحين عملاً ببيان الله تعالى: (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) وإنَّنا بخدمةِ كلِّ مسلمٍ مُسْتَعْلِمٍ مُسْتَبْصِرٍ رجاءَ دعوةٍ صالحةٍ منه في ظَهْرِ الغَيْبِ بارك الله تعالى بكَ وسَدَّدَ خُطاكَ وأعانَكَ على أَمْرِ دينِك وشؤونِ دنياك مع تمامِ العفوِ والعافية.