العلّامة الشهيد محمد سعيد رمضان البوطي
منهج الحضارة الانسانية في القرآن
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد، فإن حديث الحضارة الإسلامية يعد في مقدمة البحوث التي حفلت بها المؤلفات والمقالات المعاصرة، بقطع النظر عن مؤلفيها وكاتبيها مسلمين كانوا أم غير مسلمين.
ولكن الذي يلفت النظر أن جل هذه البحوث بل أكاد أقول كلها إنما يتناول من حديث الحضارة الإسلامية منجزاتها وآثارها، فهي بحوث وصفية لا يرى القارئ من خلالها إلا مشاهد وصوراً للحضارة الإسلامية التي انبسطت خلال ربع قرن على ثلاثة أرباع المعمورة آنذاك، ثم امتدت على أعقاب ذلك بالتأثير والانتشار، حتى شملت معظم العالم، تتمثل في علوم وفلسفة وطب وعمران وفنون مختلفة.. تعرض هذه الصور طبعاً ضمن هالة من الثناء والاشادة والإعجاب.
وفي يقيني أن هذه الطريقة في الحديث عن الحضارة الإسلامية، من شأنها أن تحدث مشكلة عويصة ومركبة في أذهان القراء، تشغلهم عن الصحو إلى مشاعر الاعجاب بروعة تلك المشاهد. إذا ما من إنسان يطمح إلى المعرفة إلا ويتصرف بكليته إلى التساؤل عن العوامل التي إليها مرد نشأة تلك الحضارة الإنسانية العظيمة في تلك المدة القصيرة، ثم إلى التساؤل عن أسباب اختفاء تلك العوامل من حياة هذه الأمة حتى آل الأمر بها إلى نقيض ذلك الماضي الحضاري المشرق !..
وإني لأذكر كيف أن أسئلة من جهات شتى وجهت إلى الكاتبة الألمانية " سيغريد هونكة " تعليقاً على كتابها "شمس الله تسطع على الغرب " كلها يتضمن استفساراً ملحاً عن عوامل سطوع تلك الشمس الحضارية العظمى دون توقع، ثم عن عوامل غروبها دون توقع أيضاً ؟ !.. ولقد رأينا كيف تخبطت في الإجابة على هذه الأسئلة في محاضرة سطحية وجيزة لها، إذ لم تكن قد شغلت بالها بأكثر من استعراض ورصف لتلك المنجزات، ماثلة كما هي، في حديث تاريخي روائي لا أكثر. وإنا لنشكر لها ولا ريب على إخلاصها فيما عرضت ورصفت.
v كما تجدون في البحث النقاط التالية:
كيف يعرف القرآن الإنسان على الهيئة التركيبية لمجموع البنيان الكوني؟
أولاً : من هو الإنسان في القرآن ؟
ثانياً: ما هي الحياة الإنسانية في القرآن؟
لقراءة البحث من خلال الضغط على الملف أدناه