مميز
EN عربي
الخطيب: A MARTYR SCHOLAR: IMAM MUHAMMAD SAEED RAMADAN AL-BOUTI
التاريخ: 16/11/2012

نصر سورية منوط بتجديد البيعة مع الله

تاريخ الخطبة


‏‏‏الجمعة‏، 02‏ محرم‏، 1434 الموافق ‏16‏/11‏/2012‏

نصر سورية منوط بتجديد البيعة مع الله

الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده، يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك. سبحانك اللهم لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله. خير نبي أرسله. أرسله الله إلى العالم كلِّهِ بشيراً ونذيراً. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد صلاةً وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين. وأوصيكم أيها المسلمون ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى. أما بعد فيا عباد الله:

تتبعت الكثير من حديث التاريخ عن الحروب الغابرة أسباب اشتعالها بين الدول والفئات والجماعات فلم أجد في تلك الأسباب ما يتجاوز الأسباب التالية، إما أن يكون السبب استعادة لحق مسلوب أو استعادة لأرض مغتصبة أو كبحاً لجماح ظلم أو انتصاراً لنفس ضد بغي أدبي ولساني، ثم إن هذه الحرب تضع أوزارها وتنتهي عن طريق الاحتكام إلى حكم أو أكثر من حكم عن طريق مصالحة، عن طريق وصول كل ذي غرض إلى غرضه وهكذا تبدأ الحروب لهذه الأسباب التي لا أعلم مزيداً عليها ثم إنها تخمد وتنتهي بهذه الوسيلة التي ذكرتها لكم، أما هذه الحرب المعلنة على سوريا من قبل معظم دول العالم البعيدة منها والقريبة فإنه لطراز من الحرب غريب عجيب أزعم أن التاريخ لا عهد له بمثله قط. سوريا لم تستلب لدولة من الدول، لجماعة من الجماعات حقاً، لم تغتصب لها إرثاً، سوريا لم تسئ إلى إي جماعة من الناس أو دولة من الدول أي إساءة مادية أو أدبية، سوريا لم تخرج على القانون الدولي في يومٍ ما بشكلٍ من الأشكال قط، إذاً لماذا هذه الحرب المستعرة عليها، لا من جهة واحدة بل من كل الجهات قريبها وبعيدها؟! سبب هذه الحرب يا عباد الله في وجود هذه الدولة ذاتها، فالذنب الذي استأهل أن تُعْلَنُ عليها هذه الحرب المستعرة وجودها، وجودها هو الذنب الذي يستحق هذه الحرب التي بدأ سعيرها منذ ما يقارب السنتين، ومن ثم من أجل أن يتحقق الهدف المرسوم من وراء هذه الحرب المعلنة وهو تحويل وجود هذه الدولة إلى عدم فلقد غدت المحرمات المعروفة في شرعة الله عز وجل مباحة للمعلنين لهذه الحرب، ولقد أصبحت الأمور الممنوعة في مصطلح القانون الدولي أصبحت كلها جائزة لأن الهدف أقدس من الشرائع والقوانين كلها، والهدف هو تحويل وجود هذه الدولة إلى عدم، ولا تسأل من الذي قرر هذا ولماذا، المهم أن السبب الخفي الذي يكمن وراء هذه الحرب المعلنة إنما هو القضاء على وجود وكينونة هذه الدولة. ولقد تأملت يا عباد الله في طبيعة هذه الحرب ملياً وطويلاً فأيقنت أنها في الحقيقة حرب على الله سبحانه وتعالى، هي حرب على الله عز وجل من خلال صفاته التي يتعامل بها مع عباده، من خلال المبادئ والأحكام التي يواجههم ويخاطبهم بها، وهل يتجلى الله سبحانه وتعالى على عباده في الدنيا إلا من خلال صفاته، إلا من خلال المبادئ والأحكام التي يأخذهم بها، إنها حرب معلنة على الله عز وجل كما أقول لكم. يقول الله سبحانه وتعالى:

(وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ) [آل عمران: 103].

فيجيب القائمون بهذه الحرب: لا بل نعتصم بحبل أمريكا

ويقول لهم الله عز وجل: (وَلاَ تَفَرَّقُواْ) [آل عمران: 103]

(وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) [الأنفال: 46].

يأتي الجواب من قادة هذه الحرب ومنفذيها: لا، بل نتبع خطط طلائع الدجال، نتبع الخطة المرسومة من المسيحيين المتصهينين، هذا قرارنا.

ويقول الله سبحانه وتعالى لهم:

(وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) [النساء: 93].

ويأتي الجواب: هذا قرارك، أما قرارنا الذي التزمنا به وتعاهدنا عليه فهو أن نحيل الأرض إلى فوضى من الدماء وأن نجعل دماء الأزقة والميادين والساحات تتلاقى لتتماوج، هذا هو القرار الذي التزمنا بتنفيذه تجاه من خطط فالتزمنا بتخطيطه.

ويقول لهم الله عز وجل:

(إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ) [النساء: 58].

ويأتي الجواب من قادة هذه الحرب ومنفذيها: الأمانات، العدالة تلك هي شرعتك أما نحن فقد التزمنا تجاه من استأجرنا أن نقوم بكل ما يمكن أن يشفي الغليل وأن يبرد لظى الأحقاد، ولقد أخذنا الأجر على ذلك كله كاملاً فلا يتأتى لنا الرجوع عن ذلك قط، لابد أن نستبيح الدماء أياً كانت، لابد أن يستحر القتل ولابد أن يتحول وجود هذه الدولة إلى عدم من أجل إشفاء الغليل، من أجل إبراد لظى الأحقاد، ولقد أخذنا الأجر كاملاً غير منقوص، ويُذَكِّرَهُم الله سبحانه وتعالى بأن عتاد اليهود سيعودون إلى المسجد الأقصى فيعبثون ويدمرون ويتبرون ما علو تتبيراً كما قال الله عز وجل، ويهيب الله عز وجل بعباده جميعاً المؤمنين به أن ينهضوا لحماية المسجد الأقصى من براثن أعداء الله وأعداء هذا المسجد وقدسيته، يهيب الله عز وجل بهم، بكل من أعلن أنه مؤمن بالله وأنه عبدٌ لله عز وجل أن ينهض لتطهير المسجد الأقصى من هذا الدنس، وكلكم يقرأ فاتحة سورة الإسراء، وكلكم يقرأ قول الله عز وجل:

(إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [الممتحنة: 9].

وها أنتم ترون كيف أن أوغاد هذه الجماعة اليهود يطردون الناس من بيوتهم، يطردونهم من أوطانهم، يشردونهم شذر مذر بين سمع الدنيا وبصرها، والله عز وجل يهيب بعباده المؤمنين به أن ينهضوا فيجاهدوا في سبيل الله هؤلاء الشراذم، هؤلاء الذين لم يخافوا من وعيد الله عز وجل لهم وهم يقرؤون ويعترفون، وننظر وإذا بقادة هذه الحرب ومنفذيها يقولون لا، ليس لنا شأن بهؤلاء الذين تحالفنا معهم، وهل طلائع الدجال إلا منهم، هل طلائع الدجال إلا اليهود كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيح، أسمعتم أن تفخيخاً تم ببلدة من بلاد إسرائيل، أسمعتم أن عبوة تفجرت في ساحة من ساحات تل أبيب، لا، ليس هذا شأننا، الشأن الذي التزمنا به إنما هو العمل على إعدام هذه الدولة وتحويلها إلى أثرٍ بعد عين، أليس هذا الذي أقوله لكم يا عباد الله دليلاً قاطعاً على أن هذه الحرب المعلنة إنما هي في الحقيقة معلنة على الله من خلال صفاته التي يتعامل بها مع عباده ومن خلال هذه الأحكام التي تلوت عليكم طائفة منها، وأنا على يقين من أن الله تبارك وتعالى لو شاء أن يظهر لهؤلاء الناس بمظهر أي كائن تراه العين لاتجهوا إليه بالقتال ولاتهموه بالكفر ولما قصروا في إعلان الحرب عليه، هذه هي الحقيقة باختصار أقولها لكم. وأهم من بيانها - وأعتقد أن هذا البيان يدخل في البدهيات المعروفة في العالم أجمع - أهم من ذلك أن نتساءل ما العمل؟ كيف السبيل إلى أن نحمي هذه الأرض المقدسة من دنس هذا الظلم؟ كيف السبيل إلى أن نحصن هذه الدولة مما يراد لها؟ السبيل إلى ذلك تقرؤون دلائله في قوله عز وجل:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) [محمد:7].

تقرؤونه في قول الله عز وجل:

(وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ) [الحج: 40]

وينبغي بناءً على هذه الكلمات الربانية التي خاطبنا الله عز وجل من علياء ربوبيته لنا أن نتساءل بحق أنحن مؤمنون بأن هذا كلام الله؟ أوجه هذا السؤال لنفسي وإليكم وإلى كل من يسمعني من قادة هذه الأمة وما دونهم، أنحن موقنون بأن الذي يقول: (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ) هو رب العزة، هو قيوم السماوات والأرض، أفأنتم موقنون بأن الذي يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) إن كنا جميعاً نؤمن بذلك فالحل واضح، كيف يكون نصر العبد للرب؟ يكون باتباع أوامره، بتنفيذ شرائعه، بالسير على النهج الذي رسمه له، والذي ضمن الله له إن سار على هذا النهج أن يكرمه بعزة الدنيا وسعادة الآخرة، هذا هو السبيل. أما إن كنا في ريب من مصدر هذا الكلام، نقرؤه ونرمي دلالته وراء ظهورنا، دبر آذاننا فالمشكلة أخطر من هذه الحرب ذاتها. ولكني أتصور أن جل من شرفهم الله بالإقامة فوق هذه الأرض المقدسة أن هذا كلام ربنا سبحانه وتعالى: (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ). إذاً فتعالوا يا عباد الله، تعالوا وأنا أخاطبكم جميعاً ننتصر لدين الله، ذلك هو النصر لله عز وجل فيما تعبر عنه هذه الآية. نبدأ انتصارنا لدين الله بالتوبة، كلنا خطاؤون يا عباد الله وأنا أولكم، أعترف بأنني واحد من الخطائين، نتوب إلى الله جميعاً قادة، جيشاً، وزارة، إدارات، شعوباً على اختلاف الدراجات والفئات كلنا نهرع إلى الله عز وجل بالتوبة. تبنا وأعلنا السير على صراط الله عز وجل، نلتزم بشرائعه جهد الاستطاعة، نلتزم بالواجبات التي كلفنا بها ونأمر إخواننا بذلك، ننتهي عن المحرمات التي نهانا الله عز وجل عنها وننهى إخواننا عن ذلك، نُذَكِّرُ الناس بما قد أمر الله عز وجل به وبما قد نهى الله عز وجل عنه.

الأمر الثالث أن نتجلبب جميعاً على اختلاف مستوياتنا بجلباب العبودية، بجلباب الذل والانكسار، هل هو تكلف؟ لا، نحن فعلاً إن فعلنا ذلك أو لم نفعل نحن أذلاء، نحن عباد لله عز وجل، نحن لا يتأتى منا شيء، نحن لا حول لنا ولا قوة إلا بالله، هو الذي يطعمنا وهو الذي يسقينا وهو الذي يجعلنا نستسيغ الطعام وهو الذي يجعلنا نهنأ بالرقاد وهو الذي يوقظنا إذا أردنا أن نستيقظ، هو الذي يدير شؤوننا، هو الذي يرزقنا من سمائه وأرضه، إن أعلنا ذلنا أو لم نعلن نحن أذلاء يا إخوان، نحن عبيد الله لا يتأتى منا شيء ولكنا ينبغي أن نعلن عن هذه الحالة التي نحن مصطبغون بها، ينبغي أن نعلن عن ذلنا ومسكنتنا لله سبحانه وتعالى، إن نحن فعلنا ذلك وعدنا إلى الله على كل المستويات - أقول على كل المستويات الرسمية والشعبية - فلتعلموا أن نصر الله لا أقول قد أزف بل أقول لكم قد حل، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.

أما بعد فقصة وجيزة أرويها لكم أرجو وأسأل الله أن تكون لنا فيها عبرة وأي عبرة:

في لقاء رسمي قبل قريب من عام مع رجب أردوغان في تركيا في اسطنبول وأثناء المحادثة معه قرأ الحديث المعروف باللغة العربية بلكنته التركية وكان الحديث قبل ذلك وبعد ذلك باللغة التركية، قرأ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم المعروف: (المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص - هكذا يقول - يشد بعضه بعضاً) واستبشرت خيراً، وتيمنت بهذه الجلسة التي دار لسان أردوغان بهذا الحديث، وهو من محفوظاته أيام كان يدرس في الثانوية الشرعية أجل، وتوقف عنده، ثم ما علمت إلا من بعد أنه إنما تلا هذا الحديث مستهزئا به، ساخراً به، ولا أستطيع أن أقول هي سخرية أيضاً بقائله؟! عدت وأنا لا أعلم كيف أوفق بين هذا الذي ذَكَّرَنَا به إذ تلا علينا حديث رسول الله باللغة العربية وبين هذا النقيض الذي لا يزال ولا يزال يمعن فيه، أقول - ولعل كلامي يبلغه - فيم هذا التناقض، قل لي كيف نحلل هذا الموقف؟! أما مرشده القابع في أمريكا والصامت الذي لا يبدي حراكاً في كيانه ولا حركة بلسانه فأكله إلى الله.



تشغيل

صوتي
مشاهدة