مميز
EN عربي
الخطيب: A MARTYR SCHOLAR: IMAM MUHAMMAD SAEED RAMADAN AL-BOUTI
التاريخ: 02/09/2011

ضمانة الله سبحانه وتعالى لكنانته الشام هذه

تاريخ الخطبة


‏الجمعة‏، 04‏ شوال‏، 1432 الموافق ‏02‏/09‏/2011

ضمانة الله سبحانه وتعالى لكنانته الشام هذه

الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده، يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك. سبحانك اللهم لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله. خير نبي أرسله. أرسله الله إلى العالم كلِّهِ بشيراً ونذيراً. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد صلاةً وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين. وأوصيكم أيها المسلمون ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى. أما بعد فيا عباد الله:

تعالوا نفتتح حديثنا اليوم بطائفة من آي كتاب الله سبحانه وتعالى ذات التعلق بالموضوع، تعالوا نتدبر هذه الآيات البينات من كتاب الله عز وجل، يقول سبحانه وتعالى في محكم تبيانه:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ) [المائدة : 54].

يقول الله سبحانه وتعالى:

(إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً)

[التوبة : 39].

ويقول ربنا سبحانه وتعالى عن أعدائه وأعداء دينه:

(يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) [الصف : 8].

ويقول في مكان آخر:

(يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) [التوبة : 32].

هذا عن ضمانة الله سبحانه وتعالى لبقاء دينه هو الأعز وهو الأغلب والأقوى، فماذا عن ضمانة الله سبحانه وتعالى لكنانته الشام هذه؟

يقول الله عز وجل عن سيدنا إبراهيم خليل الرحمن ولوط:

(وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ) [الأنبياء : 71].

هي الشام، وأول معنى من معاني البركة ازدهار هذا الدين العظيم فيها ورسوخ جذور هذا الدين في تربة هذه الأرض.

ويقول المصطفى r فيما صحَّ عنه: (بينا أنا نائم إذ رأيت كأن عمود الكتاب استلب من تحت رأسي فأتبعته بصري فإذا هو نور ساطع في الشام، ألا إن الإيمان عندما تكون الفتن في الشام).

لعل هذه الآيات وما تبعها من أحاديث رسول الله كافية في هذا الصدد الذي نريد أن نفصل القول فيه جهد الاستطاعة.

عباد الله: على الرغم من هذا البيان المكرر المؤكد في كتاب الله سبحانه وتعالى فإن قوى الشر كانت ولا تزال تعمل جاهدة وتبذل كل ما في الوسع وتنفق كل ما يمكن من مال للقضاء على هذا الإسلام وخنقه واجتثاثه من جذوره، والوقت لا يتسع للإصغاء إلى ما ورد في الوثائق الكثيرة التي كلها تحت الأيدي ولكنكم ترون وتعلمون أن هذه الجهود الكثيرة التي بُذِلَتْ وأن الأموال الكثيرة التي أُنْفِقَتْ وأن المتابعة الدائمة على هذا الهدف كل ذلك لم يأت بطائل وبقي الإسلام راسخاً في تربته وبقيت شمسه تتألق وبقي ألقها يسري إلى شرق العالم وغربه كما تعلمون، ولكن الذي يلفت النظر أن التركيز في هذه الآونة الأخيرة إنما يتم على هذه الأرض المباركة، يتم على الشام بكيفية مسعورة عجيبة، هنالك مساعٍ غريبة في كيفيتها المسعورة، غريبة في سرعتها العجيبة تسعى لاجتثاث الإسلام من هذه الأرض التي أعلن البيان الإلهي أنها أرض مباركة بهذا الدين، ونستطيع أن نتبين تفصيلاً لا أريد أن أدخل في غماره كله الآن في اللقاء الذي تم في اليوم الرابع من الشهر السابع الماضي في بلدة لا نريد أن نذكر اسمها، ضم هذا اللقاء ممثلين عن الموساد الإسرائيلي وضم ممثلين عن المخابرات المركزية الأمريكية وكان الحديث في هذا اللقاء حول مصير المستقبل السوري الذي ينبغي العمل عليه، كان أول ما تم في هذا اللقاء بالإجماع ضرورة حماية أمن إسرائيل وضرورة تأجيج التصادم في هذه البلدة المباركة في سورية وضرورة تأسيس ما يسمى بالمجلس الثوري الانتقالي لسورية واختيار الغليون رئيساً لهذا المجلس، وتم تطبيق ذلك، تم إيجاد هذا المجلس واستيلاده وتم اختيار هذا الغليون رئيساً له منذ أيام، فمن هو هذا الغليون وما هي معتقداته التي يريد أن يعمل عليها غداً حتى اقتضى الأمر أن يكون هو المختار في ذلك اللقاء؟ سأحدثكم عن طائفة من معتقداته التي يبذل جهده الجهيد لتنفيذها، ولسوف أقرؤها كما هي لكي لا أزيد كلمة أو أنقص كلمة، يقول أولاً: لا أجد أي مبررٍ لعدم الوقوف بقوة وشدة في مواجهة التيارات الإسلامية إذا ما أراد الواحد منا النهوض بحال وطنه ومجتمعه والتوجه به إلى طور الحداثة، ويقول ثانياً: التراث، الدين كل ذلك لا يملك مفاتيح تحسين شروط حياة الإنسان على الأرض وإنما هو جزء من تفكير الإنسان الخاص به، إلى ما وراء ذلك.

وهكذا – أيها الإخوة – فإن مشروع هذا الحكم اللاديني الملحد هو الذي تدعو المعارضة السورية اليوم إلى الجهاد والاستشهاد في سبيله.

الذي أريد أن أقوله في أول تعليق لي على هذا الذي ذكرته لكم: هل يتأتى تطبيق هذا الحلم الذي تطاول عمره والذي تمثل في العمل بكل الوسائل على اجتثاث الإسلام من بلاد الإسلام، لم يجد أي وسيلة للنجاح بل وجد نقيض ذلك، ولكأن مساعي الذي فعلوا ذلك تأتي مصداق قول الشاعر:

كناطح صخرة يوماً ليوهنها فلم يضرها وأوهن قرنه الوعر

لكن هل يتأتى تطبيق هذا الحلم على أرض الشام؟

يا عباد الله: إن الشام لفظت الخبث ونبذته بعيداً بعيدا عندما نبذت وطردت آخر صليبي أراد أن يجوس خلال هذه الديار وأراد أن يظلم الإسلام والمسلمين، ولقد حاول كثيرون من بعد أن يجددوا عهد الصليبية بألقاب أخرى وبوسائل أخرى فلم يتأت لأحد منهم شيء من ذلك وبقي الإسلام يتألق بكتابه وسنته والراكعين والساجدين في مساجده، بقي كل ذلك يتألق على أرفع الذرى، ومن هنا فأنا أقول لكل خفافيش الكون: لا يمكن للإسلام الذي بارك الله عز وجل هذه الأرض بسببه، لا يمكن للإسلام الذي أثنى رسول الله r على الشام بسببه، لا يمكن للإسلام الذي نصح المستنصحين والمستشيرين له في المكان الأفضل الذي يمكن أن يقيموا فيه عندما تدلهم الخطوب، يقول لهم جميعاً: عليكم بالشام فإنها خيرة الله من أرضه يختار لها خيرته من عباده، أقول يا عباد الله بل كلنا نقول ولا معنى هنا للتواضع – التواضع الذليل – نحن أولئك الذين قال عنهم رسول الله r: يجتبي الله عز وجل له الخيرة من عباده، نعم وإننا لنحمد الله عز وجل، نحن الذين شرفنا الله عز وجل بحراسة بركة الشام، نحن الذين شرفنا الله سبحانه وتعالى بحراسة دين الشام، نحن الذين شرفنا الله عز وجل بحراسة البركة، هذه الكلمة القرآنية، التي توج الله عز وجل بها أرض الشام، نحن الذين سنكون حراساً لهذا الدين، فليفكر الغليون والغلايين الذين معه ما طاب لهم التفكير، وليحاولوا ما شاؤوا أن يحاولوا، إنه حلم داعب أفكار الكثيرين والكثيرين من حولهم، داعب يوماً أفكار تاتشر، داعب أفكار كثيرين من قبلها ومن بعدها، مات المفكرون واختنقت الأفكار وازدهر الإسلام في ربوعه، هذه الحقيقة ينبغي أن نعلمها، وليعلم ذلك الذي اختير رئيساً لما سمي بالمجلس الثوري، ليعلم ذلك الغليون والغلايين الذين معه أن ديننا لا يمكن إلا أن يزداد ازدهاراً على أرض الشام. أرض الشام! ولماذا اختير أرض الشام؟ لأنهم يعلمون الصلة الوثقى بين الإسلام وأرض الشام.

بقي أن أتوجه إلى إخواننا الذين يرفعون لواء المعارضة، أعتقد ولا أقول أظن أن نياتهم سليمة وأن الدافع الذي يدفعهم إلى ما فعلوا ويفعلون إنما شيء يتفق مع الإنسانية، ولكن كثيراً ما يندفع الإنسان إلى هدف مقدس لكنه يجانب السبيل الصحيح، يجانب السبيل الذي ينبغي أن يسلكه، لقد كان الهدف – وهذا ما نأمل أن يكون – هدفاً إنسانياً نبيلاً ولكن السبل التائهة اجتذبتهم إليها، وما أظن إلا أنهم وقد علموا أن الذي يسيرهم هو هذا الذي ذكرته لكم، أن الذي يسيرهم هذا الذي اختارته الموساد الإسرائيلية والمخابرات الأمريكية رئيساً لهذا المجلس، ما أظن إلا أن إخواننا الذي كانوا ولا يزالون يرفعون لواء المعارضة بالأساليب التي يستعملون قد عرفوا الحقيقة الآن، إنني أهيب بهم كأخ غيورٍ عليهم بمقدار غيرتهم على أرض هذه الأمة وعلى دين هذه الأمة وعلى مصالح هذه الأمة، أهيب بهم أن يقطعوا الصلة ما بينهم وبين ذلك الذي يقود، أهيب بهم أن يقطعوا الصلة بينهم وبين ذلك القرار الذي اتخذ في ذلك المجلس بأمر من الموساد الإسرائيلي؛ ضرورة تأجيج الموقف التصادمي في سورية، أجل فإن الاستمرار في هذا الطريق إنما هو خدمة لهذا الإنسان، خدمة لهذا الشخص الذي وضعته إسرائيل وأمريكا رئيساً للمجلس الثوري السوري، نعم. ورب ضارة نافعة، ما أعتقد أن في الناس من يعتز بشرف أو ببقايا شرف، ما أعتقد أن في الناس الذين يعيشون فوق هذه الأرض من يعتزون بكرامة أو ببقايا كرامة، ما أعتقد أن فوق هذه الأرض من يعتزون بنسبة إيمانية عزيزة إلى الله، إلى القرآن، إلى السنة، إلى الدين، ما أعتقد أنهم سيظلون يسيرون وراء هذا المجلس ورئيسه الذي يعلن أنه لابد من الوقوف بقوة وبشدة في وجه كل المواقف الإسلامية، ويقول شيئاً آخر لم أقرأه، ما أظن أن فينا من يقول نعم: سأسير في ركاب هذا الإنسان. هذه كلمتي، وهذا أملي.

أما الشام فلسوف تحتضن دين الله سبحانه وتعالى، ولسوف نكون نحن جميعاً حراساً لهذا الدين، كيف ونحن الذين أثنى رسول الله r عليهم إذا قال: (يجتبي إليها خيرته من عباده). نحن هذه الخيرة، لا أقولها تكبراً ولكني أقولها اعتزازاً بهذه الشهادة شهدها لنا رسول الله r بها. أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا جنوداً لحماية دينه وأن يجعلنا نسير في طريق الجهاد الصحيح من أجل حماية الدين ورعايته، لا في طريق الجهاد الزائف من أجل اجتثاث الدين والقضاء عليه، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.



تشغيل

صوتي
مشاهدة