مميز
EN عربي
الخطيب: A MARTYR SCHOLAR: IMAM MUHAMMAD SAEED RAMADAN AL-BOUTI
التاريخ: 16/01/2009

لا تكرهوا الفتن ... فإن فيها حصاد المنافقين

‏‏الجمعة‏، 19‏ محرم‏، 1430 الموافق ‏16‏/01‏/2009


الحمد لله ثم الحمد لله الحمد لله حمداً يوافي نعمه ويكافئُ مَزيده، يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلالِ وجهك ولعظيم سلطانك، سبحانك اللّهم لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسِك، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدهُ لا شريك له وأشهدُ أنّ سيّدنا ونبينا محمداً عبدُه ورسولُه وصفيّه وخليله خيرُ نبيٍ أرسلَه، أرسله اللهُ إلى العالم كلِّه بشيراً ونذيراً، اللّهم صلِّ وسلِّم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيّدنا محمد  صلاةً وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين، وأوصيكم أيها المسلمون ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى.


أمّا بعدُ فيا عباد الله ..


ورد عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بسند ضعيف أنه قال: )لا تكرهوا الفتن فإن فيها حصاد المنافقين[. ومعنى هذا الكلام النبوي أن المسلمين عندما يكونوا في أمن وطمأنينة وعندما تكون الفتن بعيدة عنهم ينبغي أن يستعيذوا بالله منها كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن إذا وقعت الفتنة فليعلم المسلم أن لله عز وجل في ذلك حكمة وأنها في الظاهر فتنة وابتلاء ولكنها في الباطن منحة ونعمة من النعم الخفية، هذه النعمة الخفية يشير إليها المصطفى صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث إذ يقول: فإن فيها حصاد المنافقين، أي إن المنافقين عندما يكونون في ظلٍّ من الأمن والطمأنينة ورغد العيش فإن نفاقهم يختفي ولا يستبين لأنهم لا يُكلَّفون بمغرمٍ إسلامي يدفعونه وإنما هي المغانم يقتطفونها مع إخوانهم المسلمين الصادقين ولكن إذا انتابت المجتمعَ الإسلامي هِزَّةٌ وتسرب إليها زلزالُ فتنة فعندئذٍ يختفي غطاء النفاق ويتجلى ما هو مستكن في القلوب فهذا هو المعنى الذي أراده المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله: فإن فيها حصاد المنافقين.


قلتُ لكم إن الحديث مرويٌّ بطرق ضعيفة ولكن بيان الله عز وجل في محكم تبيانه يدعم هذا الحديث ويقويه. هنالك آيات كثيرة يبين الله سبحانه وتعالى فيها الحكمة من الفتن التي يبعثها بين الحين والآخر في حياة المجتمعات الإسلامية، إنه يقول مثلاً: )وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ، وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لَاتَّبَعْنَاكُمْ[ [آل عمران: 166-167]، لاحظوا كيف أن البيان الإلهي يوضح لنا الحكمة من الابتلاء أو الفتنة التي أصابت المسلمين ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين ظهرانيهم، ما الحكمة؟ أجاب البيان الإلهي عن ذلك )وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ، وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا[ أي ليستبين علم الله الخفي السابق حقيقة ساطعة واضحة للناس جميعاً، وتأملوا في قوله عز وجل: )مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ[ [آل عمران: 179]، وتأملوا في قوله عز وجل: )إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا[ [آل عمران: 120]  وانظروا إلى قوله سبحانه وتعالى: )هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ، وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ، وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ[ [آل عمران: 138-141].


أرأيتم كيف أن البيان الإلهي جاء تبياناً لسنة من سُنَنِ الله في الكون عبَّرَ عنها المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله: لا تكرهوا الفتن، أي بعد وقوعها، فإن فيها حصادَ المنافقين. وإنكم لترون مصداق كلام رسول الله بل مصداق كلام الله سبحانه وتعالى في الآيات التي تلوتُها على مسامعكم في هذا المنعطف الخطير الذي تمر به أمتنا الإسلامية.


عبادَ الله ما رأيت مظهراً من مظاهر النفاق تفوح رائحته النتنة كالمظهر التالي؛ عندما يستعلن الذين يبينون للناس مظاهر إسلامهم ويمضغون شعاراته وكلماته في كل مناسبة عندما يجدون عدواً لله ولرسوله ولعباد الله المؤمنين قد استشرى طغيانه واتجه بالطغيان الذي يشبه هذا الطغيانَ الهمجي الذي نراه اليوم يكون موقفهم هو الانحياز إلى العدو، يكون موقفهم دعم هذا العدو إن بالكلام وإن بالفعل وإن بالسكوت، والساكت على ظلم الظالم إنما يعتبر سكوته لوناً من أخطر ألوان الدعم له.


ما رأيت نفاقاً تبرز حقيقته وتنتشر رائحته كالنفاق الذي تظهر دلائله في هذا الأمر، إنها مخالفة حادة لأمر الله سبحانه وتعالى القائل: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ[ [الممتحنة: 1]، وقد تلوت عليكم آيات كثيرة كلها تحذير للمسلمين الصادقين من أن يعرضوا عن الانتصار لإخوانهم المسلمين ثم يتجهوا بالانتصار إن باللسان أو باليد أو بالصمت لأعداء الله سبحانه وتعالى وأعداء عباده المسلمين، وقد صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال فيما رواه الحاكم في مستدركه من حديث عبد الله بن عباس: )من أعان ظالماً ليدحض بباطله حقاً فقد برئت منه ذمةُ الله ورسوله[، وقد المصطفى صلى الله عليه وسلم المعنى ذاتَه بألفاظ أخرى في حديث آخر من أعان ظالماً سُلِّطَ عليه. آيات بيِّنات من كتاب الله عز وجل تحذر المسلمين من أن يعرضوا عن الانتصار لإخوانهم المسلمين عندما يحيق بهم البلاء وعندما تدور عليهم رحى الظلم يحذر الله عز وجل المسلمين من أن يعرضوا عن إخوانهم هؤلاء ثم يتجهوا بالدعم والانتصار لأعداء الله سبحانه وتعالى )لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ[ [المجادلة: 22].


عباد الله أنا لست أخشى من خلال هذا الطغيان المستشري الذي ترون أو الذي تسمعون، هذا الطغيان الذي لعل التاريخ الغابر لم يشهد له مثيلاً قط، هذا الطغيان الذي يتجه بالإفساد إلى الحرث والنسل ويتجه للقضاء على الحياة الآمنة البريئة المطمئنة دون حساب ودون توقف، نعم أنا لا أخشى على الإسلام من هذا الطغيان قط، لاشك أن هذا الطغيان سيعود وباله عليه ولاشك أن لله عز وجل في عباده سنناً تدل على أن الباطل له جولة ولكن جولته ستعود عليه بالوبال )فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ[ [الرعد: 17]  وإنما المراد بما ينفع الناس الحق الذي نزله الله سبحانه وتعالى على عباده في مختلف كتبه التي أنزلها عن طريق الرسل والأنبياء ولكن الذي أخشاه أن يتحول الحكم والأمر، أن يتحول العز الذي متع الله عز وجل هذه الأمة به إلى الآخرين، الذي أخشاه أن يحيق بنا قول الله عز وجل: )وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ[ [محمد: 38]، الذي أخشاه أن يحيق بنا قول الله سبحانه وتعالى: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه[ [المائدة: 54]، هذا هو الذي أخشاه.


عباد الله هل رأيتم في المجتمعات الإسلامية بَعُدَتْ أو قَرُبَتْ سواء كانت من المجتمعات الإسلامية أو التائهة الضالة أو الملحدة من لا يُقَدِّسُ الوحدة! من لا يعلم أن القوة إنما تنبع من مشرق الوحدة! وأن الضعف والهوان إنما يتبدى من مغرب الوحدة، من التفرق وأسبابه! إنكم لترون عندما تلتفتون إلى العالم الإسلامي والعربي بل إلى العوالم الأخرى إنكم لتجدون كيف أن المجتمعات كلها تنشد الوحدة وتتحرر من التفرق إلا مجتمعنا الإسلامي الذي دعاه الله سبحانه وتعالى إلى الاتفاق، هذا المجتمع الذي ناداه بيان الله قائلاً: )وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا[ [آل عمران: 103]، هذا المجتمع يُدْعَى إلى الوحدة فينبذها ويعشق التفرق والخصام، هذه الظاهرة هي الظاهرة المخيفة، أما الإسلام فالإسلام منصور في كل عهد وفي كل وقت ولكن الله عز وجل يُقَيِّضُ له في كل عصر جنودَه المخلصين له.


إنني أخشى، وهذا هو الذي يقضُّ المضجع وهذا هو الذي يخيف، أخشى أن يستلب الله عز وجل من هذه الأمة عز حضارتها ومجدها وسؤددها ثم يعطي الأمانة لأمم أخرى، أيها الإخوة والأمل لا يزال معقوداً، وربك هو الذي يهدي وهو الذي يوجه القلوب وهو الذي يقلبها كما يشاء.


إننا لا نزال ننتظر، لا أقول من الدول والحكومات العربية والإسلامية بل من المؤسسات الإسلامية التي تنتمي أول ما تنتمي إلى الشعوب الإسلامية ولها وجود رسمي أيضاً في الوقت ذاته، أنتظر من هذه المؤسسات كما قلت بالأمس وقبل الأمس أن تعلن عن حكم الله عز وجل في هذا الذي يستشري اليوم على أرض غزة وفيما ينبغي أن يكون عليه حال المسلمين تجاه هذا العدو الأرعن الطاغي وفيما ينبغي أن يكون عليه حال المسلمين تجاه إخوانهم الذين يُقَتَّلُونَ ويُذَبَّحون وتستلب حقوقهم وتُهَدَّمُ عليهم دورهم بدون حساب. إننا ننتظر منظمة المؤتمر الإسلامي التي ينبثق عنها المجمع الفقهي ومهمته كانت ولا تزال تقديم الفتاوى، رابطة العالم الإسلامي التي ينبثق منها المجمع الفقهي، الجامع الأزهر، ولا أقول الجامعة التي تتمثل في كليات متناثرة هنا وهناك، أقول الجامع الأزهر المتمثل في مشيخته وفي إدارته، لا أزال بل لا يزال العالم الإسلامي ينتظر من هذه المؤسسات أن تعلن حكم الله سبحانه وتعالى في هذا الذي ذكرت، إن لم ننفِّذ فعلى أقل تقدير ينبغي نعلنها، ينبغي أن نعلن حكم الله عز وجل وليقل من يشاء أن يقول: ولكننا ضعاف لا نستطيع أن نطبق هذا الحكم. أما أن نروغ عما أمر الله عز وجل به سلوكاً ثم نغطي روغاننا بتبرير من السكوت عن بيان حكم الله والعالَم يطلب والعالَم ينتظر فهذا شيء مخيف ومرعب.


أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجمع أمتنا على ما يرضيه وأسأله عز وجل أن يهدينا جميعاً إلى سواء صراطه المستقيم، أما أنا بوصفي فرداً أقف على هذا المنبر الذي عُهِدَ إليَّ بالخطابة فيه بل بوصفي عالماً من علماء المسلمين كما يقولون فلسوف أقرأ عليكم في الخطبة الثانية نص الفتوى التي لم أجتهد فيها والله يعلم ولم أخترعها من عندي والله يعلم وإنما نقلتها كما هي من الشريعة الإسلامية الغراء قائمة على دعامة من كتاب الله وسنة رسول الله وإجماع علماء المسلمين، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.   


أما بعد فها أنا أتلو عليكم نص الحكم الذي أنقله إلى مسامعكم مأخوذاً من صريح كتاب الله وصريح سنة رسول الله وصريح ما أجمعت عليه الأمة فاسمعوا أيها الإخوة ولن أتزيد من عندي كلمة واحدة في هذا الأمر.   


هذا هو حكم الشريعة الإسلامية فيما ينبغي أن تكون عليه علاقة المسلمين مع إسرائيل وفي الموقف الذي يجب عليهم أن يجددوا مع إخوانهم أن يجددوا مع إخوانهم المحاصرين والمقاتلين بيد العدو الإسرائيلي في غزة، في الموقف الذي ينبغي أن يتخذوه من هذا العدوان.   


أولاً: يقول الله تعالى: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ[ [الممتحنة: 1]، ويقول عز وجل: )لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ[ [المجادلة: 22]، ويقول: )إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ[ [الممتحنة: 9]، وعليه فقد تم إجماع المسلمين على أنه تحرم على المسلمين موالاة العدو الإسرائيلي ويحرم مد يد أي نوعٍ من أنواع التعاون معهم بما في ذلك إقامة العلاقات الدبلوماسية، ولم نجد فيما قرره علماء المسلمين منذ صدر الإسلام في باب الجهاد أي خرق لهذا الإجماع، وكيف يجرؤ مسلم عالم بكتاب الله على خرق بيانه المحكم القاطع.   


ثانياً: يقول الله تعالى: )وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ[ [النساء: 75]، ويقول: )إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون[ [الحجرات: 10]، قال المفسرون المراد بالإصلاح رد غائلة البغي عنهم. ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم وغيره: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله. وعليه فقد تم إجماع المسلمين على أنه يجب على كل مسلم تقديم العون الممكن لإخوانهم الذين يقعون في أي نوعٍ من أنواع الضيم لاسيما ذاك الذي يتمثل في اعتداء أعداء الله على حياتهم وأوطانهم وسائر حقوقهم وهذا يعني أنه يجب على المسلمين جميعاً اليوم العمل بكل السبل الممكنة على رد غائلة العدوان الهمجي الضاري الذي يمارسه الطغيان الإسرائيلي دون توقف على إخواننا في غزة كما يجب عليهم العمل على رفع الحصار المضروب عليهم وفتح سائر المعابر المغلقة في وجوههم لاسيما معبر رفح الذي هو السبيل الطبيعي المفتوح بينهم وبين إخوانهم في مصر.


إن تجاهل المسلمين لهذا الواجب الإلهي الذي يصرح به كتاب الله عز وجل وإن إصرار أولئك الذين يتحدونه ويقررون المضي في مخالفته تقرباً من الطغاة الذين أعلنوا الحرب على الله وعلى عباده المؤمنين ينذر بغضب رباني وشيك وصدق الله القائل: )فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[ [النور: 63]. هذا واجب رباني أخرجته من عنقي وأسأل الله ألا يجعلني ممن قال: )وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ[  [آل عمران: 187]. أرجو من إخواننا في مشارق الأرض ومغاربها الذين يعلمون حكم الله ألا يلقوا هذا الأمر الرباني وراء ظهورهم، والفرصة لا تزال سانحة. 

تحميل



تشغيل

صوتي