مميز
EN عربي
الخطيب: A MARTYR SCHOLAR: IMAM MUHAMMAD SAEED RAMADAN AL-BOUTI
التاريخ: 07/06/2002

التمسك الصحيح بالدين يثمر الوقاية من الفساد ومن ثَمَّ الكوارث

التمسك الصحيح بالدين يثمر الوقاية من الفساد ومن ثَمَّ الكوارث


خطبة الإمام الشهيد البوطي


تاريخ الخطبة: 07/06/2000


 


الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده، يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك، سبحانك اللهم لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، وصفيه وخليله، خير نبيٍ أرسله، أرسله الله إلى العالم كله بشيراً ونذيراً، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد؛ صلاة وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين، وأوصيكم أيها المسلمون ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى‏.‏


أما بعد فيا عباد الله‏


إنكم لتعلمون أن الله سبحانه وتعالى عندما شرّف عباده بمخاطبته لهم ألزمهم بهذا الدين الذي كلفهم به، ولقد تحولت علاقة كثير من الناس في هذا العصر بالدين الذي شرفنا الله عز وجل به، إلى علاقة تقليدية، هذا إن تحققت هذه العلاقة وكان لها وجود، وأنا أريد أن أعود بالنظر إلى واقعنا هذا، لماذا تحولت علاقة أكثر المسلمين قادةً أولاً وشعوباً ثانياً بهذا الدين إلى علاقة تقليدية تكاد تكون ميتة؟!..


كثيرون هم الذين يتصورون أن مرد هذا الدين إلى فائدة تعود إلى الله عز وجل، وينبعث من هذا الوهم جدل كبير وأوهام كثيرة تنحط في أذهانهم، يقول قائلهم: من الذي يحوج الله عز وجل إلى أن يلزمنا بهذا الدين الذي أمرنا به؟ أفحقاً أن الله عز وجل إنما كلفنا بما كلفنا به من هذا الدين من أجل فائدة تعود إلى ذاته العلية؟


تعالوا نُجِبْ عن هذا الكلام ونتبين تفصيل هذا الأمر


يقول الله عز وجل في محكم تبيانه: ﴿يا أَيُّها النّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ فاطر: 35/15] هذا بيان من الله عز وجل لنا يوضح لكل عاقل أن المخلوق هو الفقير وأن الخالق غني، غني دائماً، ولكن لماذا خاطبنا بهذا الدين؟ ولماذا أمرنا به؟ تعالوا نتبين الجواب عن هذا السؤال أيضاً، يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً﴾ [المائدة: 5/3] أي اخترته لكم، أحببته لكم لأنه هو الذي يصلحكم ولأن سعادتكم مرهونة باتباعه. وانظروا إلى هذا المعنى كيف يتكرر ويتأكد في قوله سبحانه: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [البقرة: 2/132]، ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ﴾ أي أنه عندما اختار هذا الدين فإنما اختاره لصالحكم، ولحاجتكم إليه، بل انظروا إلى هذا المعنى كيف يزداد بياناً وتأكداً في قوله سبحانه وتعالى: ﴿قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [المائدة: 5/15-16]، إذن فمرد الفائدة الكامنة في هذا الدين الذي شرفنا الله به إلينا نحن لا إلى الله عز وجل، حسناً.


والسؤال الذي يرد بعد هذا، ما الفائدة التي نجنيها من وراء الالتزام بضوابط هذا الدين؟!، سؤال يطرحه كثير من الناس اليوم كما، قلت لكم على مستوى القيادات في العالم الإسلامي وعلى مستوى كثير من الشعوب، ما الضرورة التي تدعونا إلى الدين؟


تعالوا نفتح ملف الجواب عن هذا السؤال بالقدر الذي يتسنى لنا اختصاره:


أيها الإخوة، إن الله عز وجل عندما خلق هذه الخليقة، الإنسان، شاء عز وجل أن يجعله خليفة في هذه الأرض، ونقرأ مضمون هذا المعنى في قوله سبحانه: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها﴾ [هود: 11/61]، أنشأكم من الأرض وكلفكم بأن تعمروها، العمران الحضاري المتكامل، ولا يتم هذا العمران إلا بقوة وإلا بعلم وإلا بنظام وإلا بشرعة وبمنهاج، ومن هنا يولد المجتمع وتنشأ الحضارة ويتكامل العمران، كيف يستطيع هذا المخلوق أن ينجز هذه المهمة؟ لا بدّ أن يجهزه الله إذن بقدرات، يستعين بها لعمارة هذا الكون هذا العمران الحضاري المتكامل، لا بدّ أن يجهزه بقدرة، إذن ينبغي أن يكون قديراً لا بدّ أن يجهزه بعلم، لا بدّ أن يكون عالماً بصيراً، إذن لا بدّ أن يجهزه بعقل وفكر وتدبير، ولا بدّ أن يجهزه بدوافع التحيز والامتلاك والشعور بالأنانية وتعلقه بالمال وذخره، ذلك لأن هذه الشرائط كلها لا بدّ من وجودها كأجهزة يستعين بها الإنسان لأداء المهمة التي كلفه الله عز وجل بها، القدرات: العقل والفكر المدبر، العلوم المختلفة، الشعور بالأنا، رغبة التملك والتحيز للأشياء، هذه كلها أمورٌ لا بدّ له منها لينهض بهذه المهمة التي كلفه الله بها.


هذه الأجهزة التي متع الله الإنسان بها لكي يستعين بها؛ لإنشاء المجتمع ولإقامة النظام ولإقامة الحضارة الإنسانية المثلى، هذه الوسائل أسلحة خطيرة كل منها ذو حدين اثنين، ولذلك عبر البيان الإلهي عنها بالأمانة، لن تجد أخطر من هذه الأمانة التي استودعها الإنسان ﴿إِنّا عَرَضْنا الأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَها الإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً﴾ [الأحزاب: 33/72]، هل تعلمون ما هي الأمانة أيها الإخوة؟ هي القدرة التي متعك الله بها، هو العلوم التي جاءت ثمرة عقلك وتفكيرك هو رغبة التحيز والامتلاك، الشعور بالأنا، هذه هي الأمانات التي استودعها الله عندك، وأنت بحاجة ماسة إليها لتستعين بها في عمارة هذا الكوكب الأرضي ولتنجز قوله: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها﴾ [هود: 11/61].


ما الذي يضمن أن لا تجعل من هذه القدرة سلاحاً للفتك وللظلم وللقضاء على أندادك؟ ما الذي يضمن أن لا تجعل من العقل والتفكير اللذين متعك الله عز وجل بها أداة للتحايل والغش والإفساد والسرقة والغصب والنهب؟ ما الذي يضمن؟ ما الذي يضمن وقد أورثك الله مفاتيح العلوم أن لا تجعل من هذه العلوم أداة مسخرة لأنانيتك، أداة مسخرة لركل العالم كله من طريق مصالحك؟ ما الذي يضمن؟ ما الذي يضمن وقد غرس الله عز وجل بين جوانحك شيئاً من الشح من أجل أن تمتلك به المال، غرس بين جوانحك شيئاً من الأنانية من أجل أن تحيز به الرغائب التي كلفك الله بجمعها؟ ما الذي يمنع من أن تجعل هذه الأنانية غذاء لكبرياء تحطم بها أندادك وأمثالك من الناس؟ ما الضمانة؟ هذا معنى أن هذه الصفات أمانات استودعنا الله إياها، وأنها أسلحة ذات حدين. أجيبوني أيها الإخوة ما الضمانة؟ هل الفلسفة وعلومها هي الضمانة أن يسيِّر الإنسان هذه الأجهزة في الطريق المفيد؟ لا تستطيع الفلسفة أن تفعل هذا. هل علوم الاجتماع، هل القوانين، هل النصائح التي تسري من الناس بعضهم لبعض هي الضمانة أن لا تسكرنا هذه الصفات أو هذه الأمانات أو هذه الأجهزة والأسلحة لكي لا نستعملها من الحد المهلك، والحد الفتّاك والمردي؟ لا الفلسفات تفيد، ولا العلوم الاجتماعية تفيد، ولا القوانين والعقلانية الإنسانية شيء منها لا يفيد أبداً، وقد جربت المجتمعات القديمة هذا فلم يستطيعوا أن يجعلوا من هذه العلوم وهذه الأنظمة لجاماً لضبط هذه الأمانة التي شرفنا الله ومتعنا بها، إذن ما الضمانة؟


الضمانة شيء واحد، أن أَعْلمَ نفسي عبداً مملوكاً لله هذا شيء؟ ومن ثم أن أَعْلَمَ أن الله رقيب عليّ، وأن هذا الإله الذي متعني بالقدرة وبالعلوم وبالإمكانات وبالعقل المفكر وبالشعور بالأنا، وبرغبة التحيز والامتلاك يراقبني، وأنه غداً سيحاسبني، إن أحسنت أثاب، وإن أسأت عاقب، عندما أستيقن هذه الحقيقة من خلال معرفتي هويتي عبداً مملوكاً لله، ومن خلال معرفتي خالقي قيوماً على السماوات والأرض وقيوماً عليّ، وعندما أعلم أنني سأقف بين يديه غداً من أجل فتح ملف الحساب هل أحسنت في بناء المجتمع الذي طلب مني أم هل أسأت، عندما أعلم هذه الحقيقة يتكون من معرفتي لهويتي من هذه لجام وأي لجام، يضبط العلم الذي أتمتع به، أن لا أوجهه لإيذاء الآخرين، يضبط القدرة التي أتمتع بها أن لا أستعملها في ظلم عباد الله، يضبط رغبة الامتلاك ورغبة الهيمنة على الأشياء أن لا أستعمل ذلك فيما يسخط الله وفيما يجرح ميزان العدالة التي أمرني الله عز وجل بها، ثم أصغي فأجد أن الله عز وجل قد خاطبني بشرائع، وجهني إلى نظام، وجهني إلى سلوك إن نفذت هذا النظام وهذه الشرائع فإن الله سبحانه وتعالى يضمن أن أوفق في بناء هذا المجتمع الذي طلبه مني، يضمن أن أوفق في بناء الحضارة والعمران الذي كلفني الله سبحانه وتعالى به، ها هنا تنبعث ضرورة التزام الإنسان بالدين، التزام الإنسان بالشرعة التي كلفه الله بها، التزام الإنسان بعبوديته التي هي هويته لله سبحانه وتعالى هو الذي يوجه هذه الصفات كلها إلى النهج القويم ويصرفها عن النهج المهلك والمردي.


هذه الحقيقة أيها الإخوة من الذي يجهلها، إن جهلتها ذكرك بها بيان الله عز وجل: ﴿قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ ، يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ﴾  [المائدة: 5/15-16] وانظروا إلى كلمة (سبل السلام) كم هي جامعة، السلام، كيف يتحقق رواقه، السلام لا يتحقق إلا بنسيج من الأمن الطمأنينة، العدالة الصدق في المعاملة، عدم الخيانة، عدم السرقة، عدم الغش، عدم الإفساد في الأرض، لا يتحقق السلم إلا بطمأنينة تأتي من نسيج هذه الأمور كلها، ومن أين تأتي هذه الطمأنينة؟ تأتي هذه الطمأنينة عندما أعلم أنني عبد وأضع عبوديتي لله موضع التنفيذ، وأنظر وأرمق رقابة الله عز وجل لي، فأسير في النهج القويم وأستعمل هذه الأجهزة وهذه الأمانات التي متعني بها فيما يصلح المجتمع وفيما يرضي الله عز وجل، وأنت تفعل ذلك والآخر يفعل ذلك، كلنا نتحرك تحت مظلة العبودية لله عز وجل، إذن هل تجد من يستعمل قوته لإهلاك المستضعفين؟ هل تجد من يستعمل علمه من أجل الهيمنة على العالم وركل حقوق الناس ومصالحهم بقدميه؟ هل تجد من يفسد؟ من يسرق؟ من يكلف بعمل فيغش المجتمع والأمة والدولة في العمل الذي كلف به؟ هل تجد من قد كلف بأمانة حملها فينتقص من أطراف هذه الأمانة ويجعل منها كنزاً يضعه في جيبه؟ عندما تكون رقابة الله سبحانه وتعالى مهيمنة على الإنسان فعّالة في حياته وعندما يعلم الإنسان أنه اليوم يتحرك فوق هذه الأرض وغداً يسير عبر نفق من باطنها إلى رب السماوات والأرض ليقف بين يديه فيحاسبه، هل يمكن لهذا الإنسان أن يعبث بحقوق العباد؟ هل يمكن لهذا الإنسان أن يغش أو أن يخدع أو أن يفسد أو أن يسرق أو أن ينهب في الظلمات؟ لا يمكن هذا بشكل من الأشكال، أرأيتم إلى ضرورة الدين الحق في حياة الإنسان، من هنا انبثقت ضرورة الدين أيها الإخوة.


إذا علمنا ذلك فأنا أعجب، ولكل منكم أن يعجب من أناس يتبرمون بالدين! سواءٌ ترجموا تبرمهم هذا بالإعراض عنه علانية، وبالمكايدة له والعدوان له علانية أو ترجموا تبرمهم هذا به بارتباط تقليدي له رداً للانتقادات وإسكاتاً للألسن، أكثر الناس اليوم اتخذوا أحد هذين الموقفين من الدين الحق، إما أن تجد شريحة من الناس تعارض دين الله عز وجل علانية، وتوظف نفسها في رد حقائق الدين ومحاربته وعدوانه ولا تعلم في سبيل ماذا. وإما أن تجد نفسك أمام شريحة أخرى تنتسب إليه ولكن انتساباً تقليدياً، تنتمي إليه ولكن من أجل رد الانتقادات، أي انتساب هذا؟ لاحظوا وتأملوا، تصوروا أيها الإخوة، ما مدى صدق انتساب أكثر القادة المسلمين اليوم إلى دين الله عز وجل؟ ما هو مصداق تنفيذهم لأوامر الله؟ أين هو مصداق مراقبتهم لديّان السماوات والأرض؟ إن تأملتم وجدتم أنها علاقة تتمثل في خيط واهن جداً من الانتماء إلى الإسلام هوية شكلية، أمام هذا الواقع الذي لا أدري تفسيراً له، لا أدري نعم تفسيراً له لأنني لا أريد أن أكذب الذين يبحثون عن العدالة أنهم كاذبون في البحث عنه، لا أريد أن أكذب الذين يبحثون عن النصر أنهم كاذبون في البحث عن النصر، لا أريد أن أكذب الذين يتظاهرون بالسهر على أمن الأمة وطمأنينتها وعدالتها وأن لا يتسرب إليها الفساد وأسبابه، لا أريد أن أتصور أنهم كاذبون، إذا كنا صادقين في أننا نبحث عن العدل الحقيقي في المجتمع، نبحث عن الانتصارات الحقيقية، نبحث عن منهج يجعل كل واحد منا صادقاً في أداء الأمانة، صادقاً في القيام بمسؤولياته، لا يكذب لا يسرق لا ينهب، إذا كلف بعمل، إذا كلف بمهمة لا يجعل من هذه المهمة فرصة لملء جيوبه بالمال، ولزج مجتمعه في أتون الأخطار المهلكة، عندما نستهدف إلى هذا، لماذا لا نعود إلى ديننا عوداً حقيقياً؟ لماذا لا نرتقي فوق الانتماء التقليدي ونجعل من اتباعنا لدين الله عز وجل عهداً جديداً نبايع الله عز وجل على أن نربي نشأنا في ظلال هذا الدين، على أن نلتزم بأوامر هذا الدين، أنا أسمع جعجعة - كما يقول العرب - ولا أرى طحناً، في كل مناسبة أسمع من يقول عن ضرورة التمسك بالإسلام، وعن ضرورة الاعتزاز بالإسلام، وعن أن الإسلام هويتنا التي ما ينبغي أن نتجاوزها أو نستغني عنها، والإسلام لا يتحقق إلا بمسلمين، الإسلام كالشجرة لا يغني أن تتغزل بها؛ وأنت تنظر إليها من بعيد، لا بد من أن تتعهدها بالسقيا، لا بدّ أن تتعهدها بالرعاية، لا بدّ أن تتعهدها بالحماية، وإلا فتغزل بهذه الشجرة عن بُعد ما شئت، غداً ستذوي ثم إنها تيبس ثم إنها ستعود حطباً، الإسلام هكذا، عندما أعتز بالإسلام أين هو الغذاء الذي ينبغي أن أغذي به الإسلام في مجتمعي، على كل المستويات والصعد؟ أين هي العبادات التي ينبغي أن أنعش بها نفسيتي الإيمانية وعقيدتي الإسلامية؟ أين هو التبتل في محراب العبودية لله؟ أين هي الصلوات التي ينبغي أن تكون نوافذ في كل مؤسساتنا وفي كل ربوعنا العلمية والتربوية بيننا وبين الله سبحانه وتعالى؟ نعم عندما يتحقق الإسلام رقابة وهيمنة وصلة ما بين العبد وربه يزول الفساد، بكل أشكاله، وبكل أنواعه وتزول الكوارث، ولا يمكن لإنسان عهد إليه بأمر أن يخون أمته في إنجاز هذا الأمر على النهج المطلوب، لأنه إن مدّ يداً إلى الخيانة تذكر الله، وإن حاول أن يكذب تذكر الرقيب الأول والأوحد، من أجل هذا كان الدين الدواء الذي لا بديل عنه ومن أجل هذا كان الالتزام بأوامر الله سبحانه وتعالى السُّلَّم الأوحد الذي يرقى بالأمة فرداً ومجتمعاً إلى السعادة الحقيقية التي أحبها الله عز وجل لنا، الدين، هل الدين فائدة تعود إلى الله، معاذ الله، انظروا إلى هذا القول المحبب إلى النفس، انظروا إلى هذا القول الذي ينبض بأكبر من دليل على محبة الله لعباده ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً﴾ [المائدة: 5/3]، جعل الله من هذا الدين نعمة وأي نعمة، ارتضاه لنا، ولو وجد سبيلاً آخر لإسعادنا غير هذا الدين لاختاره لنا، ثم مع ذلك نتبرم بهذا الدين. عندما نزداد تبرماً وتبرماً بهذا الدين، وتبقى علاقتنا به علاقة تقليدية على هذا النحو الذي نرى، فحدثوا عن الكوارث التي نراها ولا حرج.


أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم


 


تحميل



تشغيل

صوتي