
العلّامة الشهيد محمد سعيد رمضان البوطي


كلاَّ لما يقضِ ما أمره
كلاَّ لما يقضِ ما أمره
خطبة الإمام الشهيد البوطي
تاريخ الخطبة: 10/08/2001
الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده، يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك، سبحانك اللهم لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، وصفيه وخليله، خير نبيٍ أرسله، أرسله الله إلى العالم كله بشيراً ونذيراً، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد؛ صلاة وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين، وأوصيكم أيها المسلمون ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى.
أما بعد فيا عباد الله
إنه لعجيب شأن ابن آدم مع الله سبحانه وتعالى، أكرمه الله سبحانه وتعالى ومتَّعه بسلسلة كبيرة وكثيرة من المكرمات والتقدير والتبجيل، فماذا كانت العاقبة؟ كانت النتيجة كما قال الله عز وجل عنه: ﴿كَلاّ لَمّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ﴾ [عبس: 80/23]؛ خلقه الله سبحانه وتعالى بيديه، كما قال عز وجل، ونفخ فيه من روح منسوبة إلى ذاته العليّة، كما قال سبحانه وتعالى. وأسجد له ملائكته أجمعين، كما تعرفون وتقرؤون في كتاب الله سبحانه وتعالى، وسخر له ما في السماوات وما في الأرض، كما قال: ﴿سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً﴾ [لقمان: 31/20]، وأعلن عن تكريمه عز وجل له في بيان صريح قاطع فقال: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً﴾ [الإسراء: 17/70]. ثم إن الله عز وجل اختصه بأنه شرفه بخطابه، فوجّه إليه خطابه وحياً عن طريق الرسل والأنبياء، شرّفه بتعاليمه وشرعه، ثم إن الله عز وجل بعد هذا كله أهاب بابن آدم هذا أن لا يُعْرِضَ عن إلهه الذي خلقه فسوّاه فصوّره كما شاء، أهاب به أن يظل ذاكراً له، كما قال الله عز وجل: ﴿كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ، فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ﴾ [البقرة: 2/151-152]، كل هذه السلسلة ذات حلقات عظيمة وجليلة من تكريم الله عز وجل لهذا الإنسان، فماذا كانت عاقبة ذلك من حياة ابن آدم، وقد متّعه الله بعقل، ومتعه الله عز وجل بإدراك ووعي، وعى به هذه المكرمات التي مُتِّعَ بها، وعى به خطاب الله الذي شرفه به، وعى به هذه العمليات التي أرسلها الله سبحانه وتعالى إليه حماية وإسعاداً، ماذا كانت عاقبة ذلك؟ كانت عاقبة ذلك أن هذا الإنسان إلا من رحم ربك أعرض عن الله عز وجل وألقى هذه المكرمات كلها وراءه ظهرياً وعانق أهواءه وشهواته وعانق ملاذه بل عانق يومه الذي هو مدبر عنه وتارك له ثم إنه لم يكتف بهذا إلى أنه اتخذ من الشيطان سيداً له بدلاً من الله سبحانه وتعالى، اتخذ من الشيطان الذي طرده الله من أجله والذي حاقت به لعنة الله عز وجل بسبب هذا الإنسان وبسبب تكريم الله عز وجل لهذا الإنسان كانت عاقبة ذلك أن اتجه الإنسان إلى هذا الشيطان يتخذه ولياً له ويعرض عن الإله الذي اصطفاه والذي متعه والذي طرد عدوه من أجله. وصدق الله القائل: ﴿أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظّالِمِينَ بَدَلاً﴾ [الكهف: 18/50] أليس عجيباً أن تكون هذه سيرة ابن آدم إلا من رحم ربك، قتل الإنسان ما أكفره، صدق الله القائل: ﴿قُتِلَ الإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ ، مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ، مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ، ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ ، ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ ، ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ ، كَلاّ لَمّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ﴾ [عبس: 80/17-22]. على الرغم من كل هذه السلسلة من التكريمات ومن مظاهر التبجيل والاصطفاء لما يقض ما أمره، انظروا أيها الإخوة إلى هذه العاقبة المخجلة نحن أبناء آدم الذي خلقه الله عز وجل بيديه وأسجد له الملائكة كما قلت لكم ونفخ فيه من روحه سخر الله لنا واستخدم لنا هذه الدنيا التي من حولنا، كل ذلك استخدمه الله عز وجل لنا، ما النتيجة، ما العاقبة التي نراها اليوم، ننظر إلى هذا الذي استخدم الله عز وجل له سماءه وأرضه وإذا هو إلا من رحم ربك معرض عن الله غارق في شهواته وأهوائه، وننظر إلى الخدم الذي سخرهم الله عز وجل للإنسان وإذا هم الذاكرون الله، وإذا هم المسبحون لله، وإذا هم المرتبطون بالله عز وجل لايعرضون عنه قط، ياعجباً السيد المخدوم يعرض عن مولاه يعرض عن من كرمه، والخادم يكون مثالاً لذكر الله ومثالاً لتسبيح الله، وصدق الله القائل: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾ [الإسراء: 17/44] وصدق الله القائل: ﴿كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ﴾ [النور: 24/41] عجيب شأن ابن آدم هذا أيها الإخوة، عجيب شأن ابن آدم الذي يصغي إلى هذه المظاهر من تكريم الله له ثم يصغي بعد ذلك إلى التحذير وإلى التأنيب المتكررين في كتاب الله عز وجل من مثل قوله: ﴿وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾ [الكهف: 18/28]، أجل ومن مثل قوله عز وجل: ﴿الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً﴾ [الكهف: 18/101]، ومن مثل قول مولانا جل جلاله: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمَى﴾ [طه: 20/124] على الرغم من كل هذه التحذيرات، على الرغم من كل هذه التنبيهات يظل الإنسان مثالاً لقسوة القلب، للإعراض عن الرب سبحانه وتعالى وتظل المسخرات التي لم تكلف المسخرات لابن آدم من شجر ودواب ونجم وحيوان وطيور وأنعام، كل ذل يظل مثالاً لتسبيح الله عز وجل، ومثالاً لذكر الله سبحانه وتعالى. إنه لأمر عجيب، وخطر أن يكون الإنسان المكرم عند اله مثال الإعراض عن الله سبحانه وتعالى.
أيها الإخوة ينبغي أن تعلموا أنها حقيقة علمية حقيقة علمية ودينية والعلم يسجد في هذا للدين، لا يقولنا قائل:كيف تسبح الجمادات لمولاها وخالقها وهي جمادات؟ لا يقولن قائل: كيف تسبح الحيوانات العجماوات وتذكر ربها سبحانه وتعالى وهي حيوانات عجماوات غير مكلفة ؟ هذا من قصور عقل من يقول هذا الكلام، خلق الله سبحانه وتعالى المخلوقات متنوعة وجعل لكل صنف من هذه المخلوقات وسيلة لذكره، فجعل وسيلة الذكر لابن آدم عقله وقلبه، وجعل مثل ذلك وسائل لا نعرفها لذكر الشجر والحجر. الخالق الأجل سبحانه وتعالى خلق للحيوانات أيضاً وسيلة لذكره سبحانه وتعالى. فلا تتوهم أن وسيلة الذكر، ذكر الله عز وجل وتسبحيه محصورة في هذه الأداة التي متعك الله بها. هذا غباء أداتك أنت العقل والفؤاد، أما أداة الحيوانات، أداة الجمادات فشيء آخر.
أيها الإخوة كل قد علم صلاته وتسبيحه في كل صباح ما بين بزوغ الفجر وإشراقة الشمس، تتلاقى طيور كثيرة وتنحط متفرقة على أغصان شجرة كبيرة تحت غرفتي وتبدأ تبلاوة وردها في ترنيمة جماعية لا يتحرك طير من مكانه من الغصن الذي انحط عليه إلى أن تشرق الشمس ويعلو النهار، وعندئذ تتفرق هذه الطيور كل إلى شأنها. وظيفة أراقبها، ولا تقل كيف هذا شأن الله عز وجل، ولكن قل كيف أكون أنا أمام هذه الحيوانات مثالا الإعراض عن الله، وتكون هذه الحيوانات مثالا الإقبال على الله مثال الديمونة على ذكر الله سبحانه وتعالى. وهكذا ينبغي أن نسأل بل الجمادات كل الجمادات لها لسان على قدر ما شاء الله عز وجل لها أن تتمتع به ولها لغتها التي متعها الله سبحانه وتعالى بها، فهي بهذه اللغة تعلو إلى بارئها دائماً في الذكر والتسبيح، ألم تقرؤوا أو تسمعوا الحديث الصحيح الذي يرويه البخاري في صحيحه عن حنين الجذع الذي كان يستند إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيباً في أيام الجمعة ثم أن امرأة استأذنته فأوصت بإنشاء منبر له فوضع المنبر في مكان ذلك الجذع وأقسي الجذع إلى مكان بعيد قسي، فلما وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر الذي أقيم بديلاً عن الجذع سمع كل من في المسجد أزيز أو حنيناً ينبعث من داخل بل من جوف ذلك الجماد الذي نسميه جماداً إلى أن نزل المصطفى صلى الله عليه وسلم واتجه إلى الجذع فعانقه ومسه بيده إلى أن هدأ وسكن وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجذع فأعيد إلى المكان الذي كان يخطب فيه ودفن تحت المنبر.
هذا مثال أيها الإخوة يجسد لكم معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم بل كلام الله عز وجل: ﴿كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَه﴾ ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾. أعود فأقول نعم لقد كرمنا الله عز وجل تكريماً يقتضي أن يذوب الإنسان نشوة وخجلاً من الله عز وجل، ولكنَّ في كتاب الله آية تُدخل وخزات من العتاب الإلهي على قلب الإنسان وكيانه لو أن الإنسان وعى ولو أنه تمتع بما تتمتع به الجمادات من إحساس تجاه بارئها الأعظم جل جلاله، يقول الله عز وجل: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ﴾ [الحج: 22/18]. سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. ألا ترون أيها الإخوة كيف عمم بيان الله عز وجل فحكم أن كل هذه المخلوقات تسجد لله سجود ذكر سجود تسبيح، أجل كلها بدون استثناء حتى إذا وصل إلى الإنسان، الإنسان الذي اختصه الله بهذا التكريم، الإنسان الذي جعل الله من تلك المخلوقات خادماً له، الإنسان الذي متعه الله بما متعه به من خصائص، لما وصل إلى الإنسان قط وكثير من الناس، لم يقل وكل من الناس وكثير من الناس، وكثير حق عليه العذاب. ما قصة ابن آدم هذا أيها الإخوة - قصته أنه وجد نفسه أمام جاذبين اثنين، جاذب الروح الهابطة إليه من عند الله جاذب الفطرة التي نحن إلى بارئها ومولاها، جاذب الخطاب الإلهي الذي يكلمه صباح مساء يدعوه ويحذره يتحبب إليه، أما الجاذب الثاني: فهو جاذب الشهوات، جاذب الأهواء، جاذب الشيطان الذي يوسوس لابن آدم ويجري منه مجرى الدم كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان من الناس من انحط إلى الأدنى أعرض عن الجانب العلوي، وتمرغ في وحل من شهواته وأهوائه، وكان من الناس من استجاب للجاذب العلوي وأسأل الله أن يجعلني وإياكم من هذا الفريق استجاب للجاذب العلوي استجاب للفطرة، استجاب لهذا التحبب الذي يذكره الله عز وجل في الحديث القدسي الذي يرويه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه الشيخان: ﴿أنا عند حسن ظني عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإذا ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإذا ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير من ملأه وإن تقرب إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً وإن تقرب إلى ذراعاً تقربت إليه باعاً وإن أتاني يمشي أتيته هرولة في الناس﴾. من استجابوا لهذا التحبب فكان سيرهم إلى الله صدى لهذا الكلام الرباني الذي يتحبب الله من خلاله على عباده اسمعوا لهذا الذي يقوله المصطفى صلى الله عليه وسلم فيما يرويه مسلم والترمذي: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سائراً في طريق على مقربة من مكة فرأى جبلاً يسمى جندان قال: سيروا هذان جندان ثم قال: صدق المفرِّدون، قيل: ما المفردون يا رسول الله. قال: المستهترون بذكر الله، المولعون بذكر الله يأتون يوم القيامة وقد حط الذكر عنهم أثقالهم، يأتون يوم القيامة خفافاً فأحط الذكر عنهم أثقالهم، أسأل الله عز وجل أن يجعلنا من هؤلاء في هذا العصر الذي تبين لكل عالم لكل متدبر ولكل متأمل أن أدواء هذه الأمة الإسلامية تتلاقى مجتمعة في واد واحد لا ثاني له إلا هو الإعراض القلبي عن الله، وإنما كان الإعراض القلبي عن الله بسبب خلو القلب عن ذكر الله سبحانه وتعالى تفرع عن هذا الداء دواء كثيرة متنوعة لامجال لسردها الآن وهذا معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ﴿إلا انبئكم بأفضل أعمالكم وأزكاها عند مليككم وخير لكم من أن تنفقوا الورق والذهب وأن تلقوا عدوكم فيضربوا أعناقهم وتضربوا أعناقكم. قالوا: بلى يا رسول الله. قال: ذكر الله﴾ وقد انبئتكم أن هذا الحديث يعني أن ذكر الله هو مصدر هذه الخصائل الحميدة كلها وليس معنى ذلك أن ذكر الله بديل أي أن الذين يجاهدون في سبيل الله حقاً لا يستطيعون أن يسيروا إلى نهاية الجهاد إلا في مراحل من ذكر الله سبحانه وتعالى، بذكرهم الله يقضون على التضاريس والحواجز التي تحول بينهم وبين الجهاد في السبيل الله، أرأيتم إلى هؤلاء الذين تسمعون أنباء استشهادهم في سبيل الله سبحانه وتعالى، لا والله إني لأعلم أنهم لا يتجهون إلى هذه الغاية إلا وقد هانت عليهم الدنيا ورخصت في موازني إيمانهم بالله هذه الحياة ما الذي رخصها ما الذي هون الحياة عليهم، إكثارهم لذكر الله عز وجل. أيها الإخوة جربوا كلما اظداد الإنسان ذكر الله بقلبه، لا أقول بلسان غافل تصغر الدنيا أمامه بكل ما فيها ويضئل الغد الذي هو مقبل إليه أمامه وهكذا تهون الخطوب كلها أمامه، هؤلاء الذين يقومون بعملياتهم الاستشهادية ولا أقول كما يقول خدام إسرائيل من حكام العرب وغيرهم عملياتهم الانتحارية كذَّبوا هي عمليات استشهادية يتقربون بها إلى الله يركلونها بإقدامهم زينة هذه الحياة الدنيا، لو كانت عملياتهم انتحارية إذن لكانت طلائع الصحابة الذين كانوا يغامرون ويدخلون حصون الأعداء وقد علموا أنهم مقتولون إذن لكانوا منتحرين أيها الإخوة. ذكر الله عز وجل هي البوابة التي نصطلح بها مع الله هي المدخل الذي يعيدنا إلى رحاب الله، ذكر الله عز وجل هو الكأس الذي يذيقنا نشوة حب الله عز وجل لذة عبوديتنا لله سبحانه وتعالى.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم