مميز
EN عربي
الخطيب: A MARTYR SCHOLAR: IMAM MUHAMMAD SAEED RAMADAN AL-BOUTI
التاريخ: 13/04/2001

الحب داء ودواء

الحب داء ودواء


خطبة الإمام الشهيد البوطي


تاريخ الخطبة: 13/04/2001


 


الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده، يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك، سبحانك اللهم لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، وصفيه وخليله، خير نبيٍ أرسله، أرسله الله إلى العالم كله بشيراً ونذيراً، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد؛ صلاة وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين، وأوصيكم أيها المسلمون ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى‏.‏


أما بعد فيا عباد الله‏


هل سمعتم بعقار هو داء ودواء للإنسان بآن واحد‏؟‏ لعلكم لم تسمعوا بوجود مثل هذا العقار‏،‏ ولكن الله سبحانه وتعالى خلق في الواقع ونفس الأمر هذا العقار‏،‏ إن استعمله الإنسان على وجه كان دواء من أفضل الأدوية للفرد وللمجتمع والأمم‏،‏ وإن استعمله الإنسان على وجه آخر كان داء وبيلاً من أخطر الأدواء لكل من الفرد والمجتمع‏؛‏ إنه الحب‏.‏


الحب داء ودواء بآن واحد‏،‏ فإذا اتجه فؤاد الإنسان بالحب إلى ما حذره الله سبحانه وتعالى منه إلى الدنيا بكل أصنافها ومعانيها‏،‏ إلى الشهوات وإلى الأهواء‏،‏ إلى العصبية المتمثلة في حب الذات‏،‏ فإن الحب يصبح في هذه الحالة داء مهلكاً‏،‏ وإن اتجه الإنسان بهذا العقار بالحب إلى الأعلى إلى الله سبحانه وتعالى‏،‏ ففاض قلبه حباً للإله الذي بَرَأه‏،‏ صوّره‏،‏ رزقه‏،‏ أكرمه‏،‏ ونعَّمه‏،‏ كان له هذا الحب دواء لكل المصائب‏،‏ كان حبه هذا دواء لكل المشكلات الفردية أي الشخصية والاجتماعية المتنوعة‏.‏


ولقد تحدث بيان الله سبحانه وتعالى أيها الإخوة عن هذا العقار عندما يكون داء حذّر منه أيما تحذير‏،‏ وتحدث عنه عندما يكون دواء‏،‏ دعا إليه ونبه إلى أهميته‏،‏ قال وهو يتحدث عنه عندما يكون داء مهلكاً قال‏:‏ ﴿‏إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ‏﴾‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 9‏/‏24‏]‏‏.‏ أرأيتم كيف نبه البيان الإلهي إلى الحب عندما يتحول بيد كثير من الناس إلى داء وبيل مهلك‏،‏ ثم انظروا إلى قوله عز وجل في مكان آخر وهو يتحدث عن الحب عندما يكون دواء بل عندما يكون دواء لابديل عنه‏:‏ ‏﴿‏يا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ‏﴾ ‏[‏المائدة‏:‏ 5‏/‏54‏]‏‏.‏ نحن نقرأ كتاب الله عز وجل‏،‏ أو من المفروض أننا نقرأ كتاب الله سبحانه وتعالى‏،‏ ولكن أحسِب أننا لا نقف على هذا الذي ينبهنا إليه بيان الله عز وجل‏،‏ عقار خطير وخطير في حياة الأمة الإسلامية‏،‏ هو داء ودواء‏.‏ داء إن استعمله بالطريقة التي حذر الله عز وجل منها كما سمعتم‏،‏ ودواء إن استعمله بالطريقة الأخرى التي أمر بها الله سبحانه وتعالى‏.‏


نحن نعاني أيها الإخوة اليوم من مشكلات كثيرة‏،‏ لا أريد أن أستعرضها وأن أذكر لكم عناوينها‏،‏ نقوم ونقعد بالحديث عنها ونعتصر عقولنا وأفكارنا بحثاً عن السبل التي يمكن أن تحلها أو أن تتغلب عليها‏،‏ نعقد لذلك ‏ـ‏ كما قلت لكم بالأمس ‏ـ‏ الندوات والمؤتمرات‏،‏ ونكتب في ذلك المقالات والمحاضرات‏،‏ ولكننا لا نجد من يعرّج على هذا الذي يقوله الله سبحانه وتعالى‏.‏ لتمنيت لو أن هؤلاء الذين أنظر إليهم مشرِّقين ومغرِّبين يقومون ويقعدون بالحديث عن آلامنا ومصائبنا ومشكلاتنا التي توضعت فيما بيننا‏،‏ لتمنيت أن لو التفتوا إلى هذا الذي يذكرهم به بيان الله يحدثهم عن كتاب الله عز وجل‏،‏ إنما الحديث كله حول تشقيقات فكرية‏،‏ وحول خطة تنطّعيّة‏،‏ وحول سباق للنجاح في أفكار تُطرح ورُؤى تلتمع وتتألق‏،‏ ثم نعود كما بدأنا ومشكلاتنا تزداد تفاقماً وتزداد تكاثراً‏.‏


وبكلمة مختصرة وببيان موجز بسيط أقول‏:‏ علاج مشكلاتنا كلها أن يفيض قلب المؤمنين بحب الله عز وجل‏،‏ محبة الله سبحانه وتعالى هي التي تُنهي الخصام وتعيد جماعة المسلمين إلى الود والوفاق‏،‏ محبة الله سبحانه وتعالى هي التي تخلّص هذه الأمة من براثن الفقر الذي انحط عليها‏،‏ وتسمو بها إلى صعيد الغنى كما شاء الله سبحانه وتعالى لها من قبل‏.‏ محبة الله عز وجل هي التي تُكسِبها القوة وتمتعها بالمناعة وتجعلها تتغلب على الخصوم والأعداء سواء جاؤوا عن يمين أو عن يسار محبة الله سبحانه وتعالى هي التي تجعل في لسان الإنسان إذ يدعو إلى الله قبساً وهاجاً من التأثير يسري إلى أفئدة السامعين أياً كانوا ومن أي الفئات وجدوا‏.‏ محبة الله سبحانه وتعالى هي التي تقرب البعيد‏،‏ وهي التي تُلَيِّن الحديد‏،‏ وهي التي تقضي على التضاريس والمنعرجات الكثيرة التي يراها السالك في الطريق‏،‏ محبة الله هي العلاج‏.‏ ولا داعي إلى تشقيق الكلام الزائد‏،‏ ولا داعي إلى اختراع الخِطط التي تُعْتَصر لها الأفكار ليل ونهار‏.‏


الدواء هذا الذي قاله الله‏:‏ ‏﴿‏يا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ‏﴾‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 5‏/‏54‏]‏‏.‏ وصف هؤلاء الناس لم يصفهم بأفكار تلتمع فيها فلسفة الإيمان‏،‏ نحن أيضاً نتمتع بهذه الأفكار لم تُجْدِنا شيئاً عندما كانت القلوب فارغة عن محبة الله عز وجل وإنما قال‏:‏ ‏﴿‏فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ‏﴾‏ لما هيمن الحب على أفئدتهم لله لا لغير الله عز وجل وصفهم بنتائج ذلك ‏﴿‏أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ‏﴾‏ يتفقون ولا يختلفون ولا يتهارجون ‏﴿‏أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ‏﴾ يتغلبون عليهم ليس هنالك من ينتقص لهم حقاً أو يقضي لهم على مُمْتَلَك من الممتلكات ‏﴿يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ‏﴾‏ يجاهدون حق الجهاد‏،‏ هذا هو الدواء أيها الإخوة‏،‏ ومن أجل هذا يقول الله سبحانه وتعالى‏:‏‏ ﴿‏وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ‏﴾ ‏[‏البقرة‏:‏2‏/‏165‏]‏ هذا هو الداء ثم قال‏:‏ ﴿‏ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ‏﴾‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 2‏/‏165‏]‏ وهذا هو الدواء‏،‏ في هذه الآية جمع بيان الله عز وجل بين وجهي هذا العُقار‏،‏ لفت نظرنا إليه عندما يكون داء ونبّهنا إليه عندما يكون دواء‏،‏ فما أنتم فاعلون ياعباد الله‏؟‏


أيها الإخوة يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه‏:‏ ﴿‏لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما﴾‏ ونحن نعلم ‏ـ‏ فيما عرفنا‏،‏ وفيما عرفتم‏،‏ وفيما عرف كل مؤمن ‏ـ‏ أوّليات الإيمان التي حفظناها غيباً‏،‏ عرفنا أن الإيمان هو الاعتقاد بوحدانية الله سبحانه وتعالى‏،‏ والإيمان بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر‏،‏ عرفنا ذلك لكننا لم نعلم بعد أن هذا الإيمان لا يجوز أن يبقى حبيساً في العقل‏،‏ يجب أن يتحول عاطفة إلى القلب‏،‏ فإن بقي العقل في واد حُبِس فهي إيمانه‏،‏ وبقي القلب في واد هيمنت عليه محبة الدنيا‏،‏ محبة الشهوات‏،‏ محبة الأهواء‏،‏ الرعونات‏،‏ الغرائز‏،‏ فلمن تكون القيادة فيما تتصورون‏؟‏ أفتكون القيادة للإيمان الذي حُبِس في طوايا الدماغ‏؟‏ لا‏.‏ القيادة تكون للقلب الذي تهتاج فيه العواطف‏.‏ منذ أقدم العصور وإلى أن تقوم الساعة عرف علماء هذا الشأن أن القيادة إنما تكون للقلب الذي يحب‏،‏ وفيمَ اتخذ الناس سبلاً للتربية في مجتمعاتهم ومدارسهم‏؟‏ لماذا‏؟‏ من أجل تطويع القلب لقرار العقل‏،‏ عندما لا تكون التربية حاكمة مهيمنة فإن القيادة إنما تكون للقلب لأنه مكمن الحب‏،‏ والحب هو الذي يقود‏،‏ مهمةُ التربية ووظيفتُها أن تجعل الفؤاد تابعاً للعقل‏،‏ فإذا غابت هذه التربية المثلى فلا تتصوروا أن قرار العقل يفيد شيئاً‏.‏


المسلمون اليوم والمؤمنون اليوم بفهومهم وقراراتهم العقلية يبلغون ملياراً وربع المليار‏،‏ ولكن أين هو الأثر الذي تراه للكم الكبير الذي نتمتع به‏؟‏ أين هو الأثر لهذا الكم الكبير يحل مشاكلنا‏،‏ ويقضي على ذلنا‏،‏ ويقضي على مهانتنا‏،‏ ويجعل هذه الخطط التي تتكاثر هنا وهنا وهناك‏،‏ وهذه الكتابات التي تمتلئ بها المكتبات تعطي ثمرة‏،‏ تعطي جدوى‏؟‏ لا نجد شيئاً‏.‏ لماذا‏؟‏ لأن هذا الكم الكبير إنما يعبّر عن إيمان عقلاني في أحسن الأحوال‏،‏ إن أسقطنا عن الاعتبار أولئك الذين يرتابون بحقائق الإيمان ويتشككون بأوليات الإسلام ويتبرمون من أحكام الله عز وجل‏.‏ إن حَسّناّ الظن وقلنا‏:‏ كلهم يعتنقون الإيمان فكراً في أعماق عقولهم‏،‏ هذا لا يكفي أيها الإخوة‏.‏ أين هو دور القلوب‏؟‏ أين هو دور الأفئدة عندما تقود الكيان بسياط الحب‏؟‏ هاهنا يكون العمل‏.‏ انظروا إلى أفئدة هذا المليار‏،‏ انظروا إلى أفئدة هذا الكم الكبير تجدون أن هذه الأفئدة قد تحولت إلى أوعية لحب الأغيار كما كان الربانيون يقولون ويحذِّرون‏.‏


دعك من الكلمات التي يتسابق إليها البلغاء‏،‏ دعك من الخطط التي تُرسم ويتباهى بها المخططون‏،‏ دعك من هذا‏،‏ تعالَ فانبُش طوايا القلوب تجد أن قلبي متجه إلى مال أجمعه‏،‏ إلى ثروة أدخره‏،‏ تجد أنني أبيت مسائي وأستيقظ صباحي على أحلام بشهرة أنسجها‏،‏ برئاسة أبتغيها وأصل إليها‏،‏ بتغلب على فئات هاهنا وهاهنا وضعت السبُلَ الكثيرة من أجل أن أتغلب عليها‏،‏ بالبحث عن أغذية من أجل تنيمة وتربية أنانيتي ومشاعري وعصبيتي الذاتية‏.‏ ماذا أحدثكم عن مصالح الإنسان الغريزية‏؟‏ هي كثيرة وكثيرة عندما تعودون إلى النظر إلى فؤادي ستجدون أن فؤادي مكان لاعتناق هذه الأشياء كلها‏.‏ إذن أنا عندما أتكلم عن الإسلام أوظف الإسلام لهذه المشاعر‏.‏ عندما أتحدث عن المشكلات وأقوم وأقعد بتدبيج الخطب‏،‏ ورسم الخطط‏،‏ وبيان المسائل‏؛‏ إنما أجعل من ذلك أداة للوصول إلى مغانمي التي أبتغيها‏،‏ أجعل من ذلك كله مطايا للبلوغ إلى شهواتي وأفكاري‏.‏


وانظروا إلى المجتمع الذي من حولكم كيف تجدون‏؟‏ أن الإسلام يوظَّف اليوم لكل الأمور إلا لذاته‏،‏ يوظَّف الإسلام لكل القضايا الدنيوية التي تعشقتها نفوسنا‏؛‏ إلا أن تجد من ينساق بدافع من الحب الرباني عندما يكون دواء ‏،‏ لا الحب الهابط للدنيا عندما يكون داء‏،‏ قَلَّ أن تجد هذا‏،‏ وإن وجدت فهُم قِلة لا تغني ولا تفيد‏،‏ ولا تسدُّ شيئاً من هذا الفراغ المهلك‏.‏


ومن عجب أيها الإخوة أن أسمع عندما أقول كلاماً من هذا القبيل من يسأل كيف السبيل إلى محبة الله‏؟‏ هذا سؤال يُنْبِئ عن مرض وبيل متوضع هو أشد من السرطانات التي تفتك في الأجسام‏.‏ كان ينبغي أن تعرض سؤالاً يعبّر عن النقيض‏،‏ كيف السبيل إلى أن لا تحب الله‏؟‏ هكذا كان ينبغي أن يُطرَح سؤالك‏.‏ أنت يا ابن آدم أُهْبِطت إليك هذه الروح التي تؤدي وظيفتها في جسدك من الملأ الأعلى‏،‏ منسوبة إلى الله نسب تشريف ونسب تكريم ونسب تحدٍّ أن يعلم الناس حقائق هذه الروح‏،‏ والمفترض أن تكون روحك في كل عشية وصباح بل في كل لحظة من اللحظات تَحِنُّ إلى بارئها‏،‏ تشتاق إلى الملأ الأعلى الذي أهبِطت منه‏،‏ ثم تقول‏:‏ كيف السبيل إلى أن أحب الله‏؟‏‏!‏ المفروض وأنت تتقلب في غَدُوِّك ومسائك في كل لحظاتك المعيشية تتقلب في يَمٍّ لا شُطآن له من نِعَم الله عليك ﴿‏وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها‏﴾ ‏[‏إبراهيم‏:‏ 14‏/‏34‏]‏‏.‏ كان من المفروض وأنت تتقلب في يَمِّ هذه النعم أن تكون أسيراً لحب الله أن تكون مشاعرك مسحوقة مذابة بحب الله‏،‏ كان من المفروض أن لا ترى عيناك في ملكوت الله غير الله‏.‏ كان من المفروض إذا جاءتك الدنيا من أجل أن تتسرب إلى زاوية يسيرة من قلبك‏،‏ أن تُطْرَدَ ذات اليمين وذات الشمال‏.‏ هذا هو المفروض بك‏،‏ وتسأل كيف السبيل إلى أن أحب الله‏؟‏‏!‏‏.‏


أيها الإخوة داؤنا معروف وها نحن نقوم ونقعد بالحديث عنه كل يوم‏.‏ ولكنّ الدواء الذي هو أقرب إلينا من حبل الوريد‏،‏ وهو الدواء الناجح لم نتنبه إليه بعد‏.‏ على الرغم من أن أعيننا ينبغي أن تراه‏،‏ ومشاعرنا ينبغي أن تَتَقَرَّاه‏،‏ ومع ذلك فنحن نبحث هاهنا وهاهنا‏،‏ ونلقي بأنظارنا إلى الآفاق البعيدة‏،‏ كيف نَحُلُّ مشكلاتنا‏؟‏ عُدْ إلى قلبك وفتش عن واقعه أهو منسجم مع حقائق إيمانك بالله أم لا تعلم الدواء‏،‏ الدواء كلمة من حرفين اثنين‏:‏ الحب‏.‏ ولكن لا الحب الهابط‏،‏ هذا هو الداء‏،‏ الحب الصاعد هذا هو الدواء‏.‏


أسأل الله عز وجل أن يوقظ أمتنا إلى هذا الدواء‏،‏ وأسأل الله عز وجل أن يلهم قادتنا أن يتجرعوا هذا العقار وأن يجعلوا منه الدواء لمشكلاتهم‏،‏ وأسأل الله عز وجل أن يجعل الأداة التي تحرك الدعاة إلى الله‏،‏ النار التي تحركهم داعين إلى الله نار هذا الشوق نار هذا الحب‏. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم

تحميل



تشغيل

صوتي