مميز
EN عربي
الخطيب: A MARTYR SCHOLAR: IMAM MUHAMMAD SAEED RAMADAN AL-BOUTI
التاريخ: 29/11/1991

من كانت الدنيا همه جعل الله فقره نصب عينيه

الحمد لله ثم الحمد لله الحمد حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده، يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك، سبحانك اللهم لا أحصي ثناءاً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله خير نبي أرسله، أرسله الله إلى العالم كله بشيراً ونذيراً. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد صلاةً وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين، وأوصيكم أيها المسلمون ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى.

أما بعدُ فيا عبادَ الله:

هل لي أن ألفتَ نظركم إلى حديثٍ عن رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ اتّخذتهُ منذُ سنواتٍ طويلة، بل اتّخذتهُ منذُ فجرِ شبابي شعاراً وأساساً ودستوراً لحياتي. ولقد رأيتُ من خلالِ ما قد عاهدتُ اللهَ عزَّ وجلَّ عليهِ من اتّخاذي لهذا الحديثِ النّبويِّ العظيمِ دستوراً ومنهجاً لحياتي، رأيتُ من وراءِ ذلكَ ثماراً عظيمة، بل رأيتُ مصداقَ كلامِ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في كلِّ ما قالَ ووعد، لعلَّ من الخيرِ أن ألفتَ نظركم إلى هذا الحديث. فمن شاءَ منكم أن يجعلَ هو الآخرُ منهُ دستوراً لحياتهِ فعل، ولا شكَّ أنّهُ سيرى ما قد رأيت. ومن شاءَ أن يرتابَ فلهُ أن يفعلَ ما يشاء.

يقولُ المصطفى صلّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "من كانتِ الدّنيا همّهُ شتّتَ اللهُ شمله، وجعلَ فقرهُ نُصبَ عينيه، ولم يأتهِ من الدّنيا ما كُتِبَ له. ومن كانتِ الآخرةُ همّهُ جمعَ اللهُ شمله، وجعلَ غناهُ في قلبه، وأتتهُ الدّنيا وهي راغمة". والحديثُ أيُّها الإخوةُ مرويٌّ بطرقٍ شتّى، فهو مرويٌّ من حديثِ زيدِ بنِ ثابت، وعبدِ اللهِ بنِ عُمر، وعبدِ اللهِ بنِ مسعود، وقد رواهُ الإمامُ أحمد، ورواهُ ابنُ ماجه، ورواهُ الحاكمُ في مستدركهِ بألفاظٍ متقاربة، مختلفة، ولكنَّ المعنى واحد .. هكذا يقولُ سيِّدُنا رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "من كانتِ الدُّنيا همَّهُ شتّتَ اللهُ شمله". وفي روايةٍ: "أفشى اللهُ ضيعته، وجعلَ فقرهُ نصبَ عينيه، ولم يأتهِ من الدّنيا إلا ما كُتبَ له. ومن جعلَ الآخرةَ همّهُ جمعَ اللهُ شمله"، وفي روايةٍ: "كفاهُ اللهُ همَّ الدّنيا والآخرة، وجعلَ غناهُ في قلبه، وأتتهُ الدّنيا وهي راغمة".

لقد حاولتُ أيّها النّاسُ أن أجمعَ همومي كلَّها على طريقٍ واحدٍ لسببينِ اثنين، السّببُ الأوّل: أنَّ ذلكَ أكثرُ تحقيقاً للرّاحةِ في حياةِ الإنسان، ففرقٌ كبيرٌ كبيرٌ بينَ أن يوزّعَ الإنسانُ همّهُ في طُرُقٍ وسُبُلٍ شتّى، وإذا هو مقسّمٌ مجزّءٌ بينَ هذهِ الهموم، يصبحُ ويمسي وقد تمزّقَ بينها. وبينَ أن يحصرَ اتّجاههُ وهمّهُ في طريقٍ واحد، وإذا هو قد ارتاحَ من تشابه الهمومِ وتسابقها على قلبه. وإذا كانَ هذا أمراً منطقيّاً فما هو الطّريقُ الأفضلُ الذي ينبغي أن نحصرَ همومنا فيه؟ ما هو السّبيلُ الأوحدُ الذي ينبغي للإنسانِ أن يصبَّ كلَّ اهتماماتهِ وكلَّ همومهِ فيهِ ويريحَ نفسهُ أمامَ السُّبُلِ الأخرى؟ لا شكَّ أنَّ الجوابَ واضحٌ لمن كانَ يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخِر، الطّريقُ الأوحدُ الذي ينبغي أن نصبَّ همومنا جميعاً فيه، والذي ينبغي أن نحصرَ أنشطتنا جميعاً له، والذي ينبغي أن نجمعَ أهدافنا وغاياتِنا كلَّها في سبيلهِ هو طريقُ مرضاةِ اللهِ عزَّ وجلّ، أو الطّريقُ الذي نحنُ بصددهِ شئنا أم أبينا في رحلتِنا الدّنيويّةِ هذهِ إلى الله. وهذا أيضاً أمرٌ منطقيٌّ لا يمكنُ أن يرتابَ فيهِ من آمنَ باللهِ واليومِ الآخر.

وإذا كانَ الأمرُ كذلكَ فمالَنا لا نجعلُ مبتغانا إن خرجنا إلى السّوقِ ابتغاءَ الرّزق، وإن خرجنا إلى المعاهدِ والجامعاتِ ابتغاءَ العلم، وإن ساهرنا إخواننا وأصدقاءنا وزملاءَنا ابتغاءَ التّآنسِ والصّداقة، وإن دعونا النّاسَ إلى اللهِ سبحانهُ وتعالى وإلى الخيرِ أو نهيناهم عنِ الشّرّ، لماذا لا نجعلُ هذهِ الأنشطةَ كلَّها تصبُّ في هذا الطّريق؟ لماذا لا نجعلُ غاياتِنا إن أمرنا النّاسَ أو نهيناهم إن تعلّمنا أو علّمنا، إن كدحنا في سبيلِ الرّزقِ أو أعطينا، لماذا لا نجعلُ همّنا خلالَ ذلكَ كلِّهِ مصبوغاً ومتّجهاً إلى الطّريقِ الذي نحنُ نسيرُ فيهِ فعلاً؟ وهو طريقُنا إلى الله، طريقُنا إلى الآخرة. هذا شيء.

شيءٌ آخر: ألسنا وقد آمنّا برسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم، ألم نعلم أنّهُ الصّادقُ المصدوق؟ وأنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ ما أرسلهُ رحمةً للعالمينَ إلا وهوَ صادقٌ فيما يقولُ وفيما يعد؟ فها هوَ ذا يقول: "من كانتِ الآخرةُ همّهُ جمعَ اللهُ شمله، وجعلَ غناهُ في قلبه، وأتتهُ الدّنيا راغمة". وصدقَ سيِّدُنا رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّم، ولكن ما معنى: "جمعَ اللهُ شمله"؟ كلٌّ منّا أيُّها الإخوة لهُ هموم، فهوَ يتّقي ألسنةَ النّاس، لا يحبُّ أن يتحدّثَ النّاسُ عنهُ بسوء، هذا همّ. وكلٌّ منّا يحاولُ أن يكونَ قد أقامهُ اللهُ سبحانهُ وتعالى في حياةٍ من الأمنِ والطّمأنينة، فهوَ لا يحبُّ أن يعيشَ في خطرٍ من أمنهِ على حياتهِ أو كرامته، وهذا همٌّ ثانٍ. وكلٌّ منّا يحبُّ أن يعيشَ كريمَ النّفس، أن يعيشَ مستوراً غيرَ مفضوحٍ في أيٍّ من أمورهِ الدّنيويّةِ أو الإنسانيّةِ أو الاجتماعيّةِ المختلفة، وهذا همٌّ ثالث. وكلٌّ منّا يفكِّرُ بمصيرهِ ومآله، يحبُّ إذا ارتحلَ عن هذهِ الدّنيا أن يلقى مأمنهُ في الآخرةِ أيضاً، وأن لا يُفاجَأَ بشقاءٍ لم يكن يتوقّعهُ أو بعذابٍ لم يكن ينتظر، وهذا همٌّ رابع. فماذا يقولُ سيِّدُنا رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّم؟

"من كانتِ الآخرةُ همّه"، أي من كانَ يبتغي في أنشطتهِ المختلفةِ رضى اللهِ عزَّ وجلَّ، وهذا معنى قولهِ عليهِ الصّلاةُ والسّلام: "من كانَتِ الآخرةُ همّه". "جمعَ اللهُ شمله". كفاهُ اللهُ سبحانهُ وتعالى همَّ النّاسِ فحجزَ ألسنتهم عنه، كفاهُ اللهُ سبحانهُ وتعالى الأخطارَ فأقامهُ في مأمنٍ من العيش، كفاهُ اللهُ سبحانهُ وتعالى الأخطارَ المقبلةَ التي هو آتٍ ومقبلٌ عليها من بعدِ الموتِ فنقلهُ من أمنٍ إلى آخر، وهذا معنى قولهِ عليهِ الصلاةُ والسّلام: "جمعَ اللهُ شمله".

ولقد فكّرتُ منذُ سنواتٍ طويلةٍ في هذا الذي يقولهُ سيِّدُنا رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وأنا أنظرُ إلى الحياةِ التي أقامنيَ اللهُ عليها منذُ نعومةِ أظفاري، أقامنيَ اللهُ عزَّ وجلَّ على سيرٍ في طلبِ العلم، على توجّهٍ إلى دراسةِ دينِ اللهِ عزَّ وجلَّ وشرعهِ وأنا لا أعي من معاني الدّنيا شيئاً، وأنا لا أعي من معنى إقامةِ الإنسانِ مقوِّماتِ سعادتهِ في مستقبلهِ الدّنيويِّ شيئاً، ولكنّهُ عهدٌ أخذهُ عليَّ والدي رحمهُ اللهُ عزَّ وجلَّ أحببتُ أن أوفّيهُ عهده. لكن ما الذي حصّنني وثبّتني على هذا النّهج؟ واللهِ الذي لا إلهَ إلا هو: هذا الذي قالهُ سيّدُنا رسولُ الله صلّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "من كانتِ الآخرةُ همّهُ جمعَ اللهُ شمله". وفي روايةٍ: "كفاهُ اللهُ همَّ الدّنيا والآخرة". فما ساعةٌ يوسُوس إليَّ فيها شيطانٌ من شياطينِ الجنّ، أو شيطانٌ من شياطينِ الإنس، إلّا وألجأُ إلى هذا الوعدِ النّبويِّ الذي قطعهُ سيِّدُنا رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ على نفسهِ لمن كانَ هذا شأنه.

وكنتُ أتعوّذُ من أن أنكبَّ على وجهي في طرقِ الدّنيا، وإذا بهمّيَ الواحدِ قد أصبحَ هموماً، وإذا بهذهِ الهمومِ تتفرّعُ وتتزايدُ كالماءِ الذي تسرّبَ بعدَ أن كانَ محصوراً بينَ دفّتين، تسرَّبَ هنا وهنا وهناكَ ثمَّ تبخّرَ ومضى، كنتُ أستعيذُ باللهِ سبحانهُ وتعالى من أن يتحوَّلَ همِّيَ الواحدُ إلى هذهِ الهمومِ الكثيرة، فماذا كانتِ العاقبة؟

لقد كانتِ العاقبةُ ما وعدني بهِ سيّدُنا رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّم: لقد كفانيَ اللهُ سبحانهُ وتعالى كلَّ هم، ولا أريدُ أن أبيِّن، ولا أريدُ أن أخرجَ من الإجمالِ إلى التّفصيل. ولقد أقامنيَ اللهُ سبحانهُ وتعالى في خيرٍ ممّا كنتُ أتأمّلهُ وأرجوهُ من اللهِ سبحانهُ وتعالى لنفسي. وأنا لا أحبُّ الحديثَ عن الذّات، ولكنَّ الإنسانَ يُلجَأُ في بعضِ الأحيانِ من أجلِ تجسيدِ الحقائقِ لمن لم يكن يؤمنُ بها، ولمن كانَ في ريبةٍ منها، لا بدَّ من أن أجسِّدَ هذهِ الحقائقَ في شخص، في بيانِ واقع.

فإذا كانَ هذا هو الأمر، فلماذا لا نجعلُ جميعاً كلُّنا من هذا الحديثِ دستوراً لنا؟ ولماذا لا نتّقي الشِّقَّ الأوَّلَ منهُ لنتمسَّكَ منهُ بالشِّقِّ الثّاني؟ أفما رأيتم مصداقَ الشِّقِّ الأوّل: "من كانتِ الدّنيا همّهُ شتّتَ اللهُ شمله"، أو: "أفشى اللهُ ضيعته"؟ واللهِ ما أكثرَ ما رأيتُ ولا أزالُ أرى أناساً وجّهوا همومهم آناً إلى أن يكونوا متبوّئينَ أفئدةَ النّاسِ حبّاً، فهذا همّ. وجّهوا همّاً آخرَ إلى أن يكونوا في هذهِ الدّنيا من أغنى النّاسِ مالاً، وهذا همٌّ ثانٍ. وجّهوا همومهم إلى أن تكونَ لهم كلمةٌ نافذةٌ وشهرةٌ باسقة، وهذا همٌّ ثالث. وجّهوا همومهم إلى أن ينافسوا ويسابقوا زملاءَ وأندادَ لهم في هذهِ الحياةِ في أمورٍ دنيويّةٍ شتّى، وهذا همٌّ رابع.

إلامَ آلَ حالهم وها هم أولاءِ يعيشونَ وكلٌّ منهم مظهرٌ لصدقِ كلامِ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّم؟ إنَّ أحدهم كما قالَ المصطفى عليهِ الصّلاةُ والسّلامُ في روايةٍ أخرى لا يخرجُ من فقرٍ إلا إلى فقر، ولا يمارسُ من الدّنيا إلا كما يشربُ الإنسانُ الماءَ الملح؛ كلّما كرعَ منهُ كأساً كلّما ازدادَ ظمأً.

ولا ينتقلونَ من همٍّ واحدٍ إلّا إلى همومٍ شتّى، ولم يتحقّق لهم هدفٌ من الأهدافِ التي ابتغوها، فلا على أفئدةِ النّاسِ هيمنوا، ولا على الغنى الذي بحثوا عنهُ عثروا، ولا على الأمنِ والطّمأنينةِ اللّتينِ ابتغاها كلٌّ منهم هيمنوا وعثروا أيضاً. وبقيت همومهم ودنياهم غصصاً كما قالَ سيّدُنا رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّم.

وإذا كانت هذهِ حقيقةً نراها ونلمسُها، فلماذا لا نجعلُ همومنا كلَّها لماذا لا نضفرُها ونصبُّها في همٍّ واحد؟ لماذا لا نجعلُ همّنا متّجهاً إلى هدفٍ واحد؟ أن يرضى عنّا مالكُنا الذي بيدهِ أمرُنا، وبيدهِ رزقُنا، وبيدهِ أفئدةُ النّاسِ لتتوجّهَ إلينا بالحبِّ أو لتتوجّهَ إلينا بالبُغض، بيدهِ المالُ وبيدهِ الغنى وبيدهِ الفقر. لماذا لا نتّجهُ إلى هذا الينبوعِ فنخلصُ معَ اللهِ سبحانهُ وتعالى دينه ونتّجهُ في سلوكنا إلى مرضاته ننفِّذُ أوامرهُ وننتهي عن نواهيهِ ولا نبالي في ذلكَ بشيء؟ تخشى خلالَ ذلكَ دنياك؟ تخشى خلالَ ذلكَ عاقبةَ أمرك؟ تخشى خلالَ ذلكَ أن يتحوَّلَ رصيدُ حُبِّ النّاسِ لكَ إلى رصيدِ كُره؟ كلُّ هذا يضمنهُ لكَ ربُّك، كلُّ هذا يضمنهُ لكَ خالقُكَ ومولاك.

توجّه إلى اللهِ سبحانهُ وتعالى ومارسِ السّبيلَ الذي يجعلُكَ محبوباً عندَ ربِّك، يكتبِ اللهُ سبحانهُ وتعالى لكَ القبولَ بينَ عبادهِ في الأرض. اتّجه إلى اللهِ سبحانهُ وتعالى لتنالَ مرضاته، يكتبِ اللهُ سبحانهُ وتعالى لكَ الرّغدَ من العيش. اتّجه إلى اللهِ سبحانهُ وتعالى لتكونَ قائماً على أوامرهِ حارساً لحدوده، يُقِمكَ اللهُ سبحانهُ وتعالى على حياةٍ مكلوءةٍ بعنايته، تنامُ قريرَ العينِ ملئَ عينيك، ليسَ هنالكَ همٌّ يشاغبُ عليكَ حياتك.

ولم يقل سيِّدُنا رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ هذا الكلامَ إلا وهوَ ظلٌّ أو شرعٌ لقولِ ربِّنا سبحانهُ وتعالى: ((من عملَ صالحاً من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمنٌ فلنحيينّهُ حياةً طيّبةً ولنجزينّهم أجرهم بأحسنِ ما كانوا يعملون)). ((فلنحيينّهم حياةً طيّبةً)) في الدّنيا، والحياةُ الطّيبةُ هي الضّمانةُ لكلِّ ما قالهُ سيِّدُنا رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّم، ((ولنجزينّهم أجرهم)) أي في الآخرةِ ((بأحسنِ ما كانوا يعملون)). فالأمنُ معكَ في دنياك، والأمنُ يلاحقُكَ في آخرتك، وغناكَ ملءُ قلبك، ثمَّ إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يأمرُ الدّنيا أن تكونَ طوعَ أمركَ وخادماً يطوفُ من حولك.

أليسَ هذا كلامَ سيِّدِنا رسولِ الله؟ إذاً: لماذا نعرضُ عن أوامرِ اللهِ في كثيرٍ ممّا أمرنا بهِ في بيوتِنا؟ في أهلينا؟ في أسواقِنا؟ في تجاراتِنا؟ في شؤوننا كلِّها؟ ونوزِّعُ أهدافنا هموماً هنا وهنا وهناك؟ من الضّامنُ لكَ أن تتحوَّلَ همومُكَ هذهِ إلى سعادةٍ تحقِّقُ لكَ آمالكَ بعدَ أن أعرضتَ عن اللهِ عزَّ وجلَّ الذي بيدهِ كلُّ شيء؟

هذا الحديثُ النّبويُّ العظيم، أتمنّى أن يتّخذَ منهُ كلُّ إنسانٍ مسلمٍ صادقٍ في إسلامهِ دستوراً لحياته، يتمسَّكُ بالشِّقِّ الثّاني منهُ ويتّقي الوقوعَ في الشِّقِّ الأوَّلِ منه، أقولُ قولي هذا وأستغفرُ اللهً العظيم، فاستغفروهُ يغفر لكم...

تحميل



تشغيل

صوتي