مميز
EN عربي

السلاسل: تاريخ التشريع الإسلامي

التاريخ: 02/08/2010

المدرس: A MARTYR SCHOLAR: IMAM MUHAMMAD SAEED RAMADAN AL-BOUTI

18- الجانب العلمي في شخص الإمام الشافعي, موقف الإمام الشافعي من ( الخلافة - علم الكلام )

التصنيف: علم تاريخ التشريع

الدرس الثامن عشر: الجانب العلمي في شخص الإمام الشافعي, موقف الإمام الشافعي من الخلافة. موقف الإمام الشافعي من علم الكلام.كتاب الرسالة.


خلاصة الدرس 18 : تاريخ التشريع الإسلامي.

الإمام الشافعي كان يرى أن الإمام بعد الأئمة الأربعة يتبوأ بالخلافة وينبغي أن يدين الناس له بالولاء عن طريق البيعة أولاً طبعاً لكن لو هيمن على الحكم عن طريق القوة ودان له الأمر يرى الإمام الشافعي وجوب طاعة الأمة له وانقيادها وحين سئل عن ذلك قال: هذا هو السبيل الأوحد لدرء الفتنة مادامت القوة أصبحت بيده فلو وقفنا منه موقف الند لتحول الأمر بيننا إلى حروب لكن بشرط أن يكون قرشياً إن أمكن, فينبغي أن يكون الإمام عالما .. وعادلا.. وهناك شروط للخلافة إن توافرت فالبيعة جيدة, وهذا ما ذهب إليه جل علماء المسلمين أيضاً.

موقف الشافعي من علم الكلام؟

علم الكلام: هو العلم الذي يُستدل به على وجود الله ويراد إثبات العقائد الإيمانية فيه بواسطة الفلسفة والدلائل العقلية بعيداً عن دلالات النصوص ومستنداتها.

الإمام الشافعي كان يكره علم الكلام والخوض فيه وهو موقف أجل العلماء المحدثين في عصره، والسبب هو أن المعتزلة هم أول من ناقشوا في أمور العقائد بناءً على الفلسفة اليونانية التي ترجموها دون أن يستوعبوها

وقد لاقوا من الشافعي الكثير الزجر لأنهم قللوا من الاعتماد على النص بل قرروا الاعتماد على القرآن فقط ولهذا وقف في وجههم وقفةً يذكرها التاريخ له ولهذا سمي ( ناصر السنة )

هنا لا بد ان نقول أن علم الكلام ما دامت الحاجة غير موجودة إليه يصدق عليه ما قاله الإمام الشافعي, إذا وجدتني بين إخوة أستطيع من خلال الآيات القرآنية وعرضها أن أدخل في عقولهم مبادئ العقيدة الإسلامية كوجود الله وصفاته.. إذا يحرم علي أن أتجاوز هذا المنهج إلى هذه الأدلة العقلية الفلسفية.

أرأيت لو أن أناساً حمّلت عقولهم أوقاراً من الفلسفات الباطلة كطلاب قسم الفلسفة بكلية الآداب حسيت عقولهم بفلسفات إلحادية ثم جاؤوا يهرعون ويسألون عن موقف الدين من هذه الأمور وكيف السبيل للتخلص منها هنا ينبغي أن أضع هذه المسائل التي حشيت في عقوله في ميزان البحث وينبغي أن أكشف لهم عن بطلانها فهذا المرض دواؤه هذا العمل.. عند الحاجة إلى ذلك.

الإمام الشافعي في فترة عودته من بغداد إلى مكة أرسل إليه ( عبد الرحمن بن مهدي) يطلب منه أن يوافيه برسالة يبين فيها علاقة القرآن بالسنة وأصول البيان التي ينبغي أن يعتمد عليها في فهم نصوص القرآن وأن يتحدث عن الناسخ والمنسوخ والتنسيق بينهما وعلاقة القرآن بالسنة فيما يتعلق بالناسخ والمنسوخ, وأن يتحدث عن الاجتهاد وضوابطه.

فعكف الإمام الشافعي على الاستجابة لطلبه وأنجز له رسالة الرد التي طلبها منه ابن مهدي وكانت عبارة عن كتاب قرابة 600 صفحة ( الرسالة ) وهو أول مدونة في وضع القواعد الأساسية للاجتهاد لما يسمى بأصول الفقه ( قواعد تفسير النصوص) والواقع أن الحافز له لم يكن متمثلاً فقط في الرسالة بل هنالك حافز آخر، عندما أقام بالمدينة يحضر عند الإمام مالك كان يعد تلميذاً له وواحداً من أتباعه في المذهب فلما ذُهب به إلى بغداد وتذكروا الحكمة الإلهية حين وشي به إلى هارون الرشيد واتهامه بالتشيع .... ثم بقي هناك ووجد نفسه أمام فقه الإمام أبي حنيفة ومحمد الشيباني فتحول عن السياسة والولاية إلى عمله وهو دراسة العلم فلما أقام في بغداد , ولذلك لما أقام في بغداد تحول من تلميذ للإمام مالك إلى إنسان يعود ليضع أمامه على أساس من المقاييس العلمية التي أكرمه الله بها قانوناً يوفق به ما بين فقد أهل الحجاز وفقه أهل العراق, وتبين بذلك أن هناك خيراً كبيراً في اجتهادات أهل العراق والحجاز فأوجد بينهما صلحاً عن طريق وضع قانون يلتجأ إليه الطرفان في تفسير النصوص وفي أصول الاجتهاد عندما لا يوجد نص وهكذا تحول من تلميذ للإمام مالك إلى إنسان يناقشه ويناقش أهل الرأي ويضع لهؤلاء وهؤلاء منهجا في فهم الكتاب والسنة وفي الاجتهاد, فهذا هو الحافز الأول للإمام الشافعي ليعكف على إنشاء كتاب الرسالة ..

البحث الأول في هذا الكتاب هو: البيان وأنواعه التي يتمتع بها النص ودرجاته في القرآن, ثم إنه يتحدث عن النص بالقرآن عندما يكون عاماً هل يمكن أن يوجد ما يخصصه, وهذا العام هل يمكن أن يكون عاماً باللفظ لكنه خاص بالمعنى ... ثم تحدث عن علاقة القرآن السنة, فقد وجدت فئة من الزنادقة ينادون بأن المرجع الأوحد في الشريعة هو القرآن ولا داعي للسنة.

البحث الثاني: ذكر فيه الأدلة القاطعة على أن السنة جزء لا يتجزأ من كتاب الله عز وجل ومن لم يتمسك بالسنة لم يتمسك بالقرآن والأخذ بالقرآن لا يمكن أن يتم إلا بالأخذ بالسنة فشهد ذلك العصر أن الإمام الشافعي هو من أسكت أصحاب دعوة الاكتفاء بالقرآن – الزنادقة- ثم بين العلاقة بينهما هل تخصص السنة القرآن أم لا ثم تحدث عن النسخ وأوضح وجود ولا يقول بخلافه إلا جاهل ولا يمكن أن ينسخ القرآن إلا القرآن ولا ينسخ السنة إلا السنة ثم قال فإذا وجت قرآناً قد نسخ سنة فلا بد ان يكون مع القرآن سنةُ تؤيد تلك السنة وإن وجدت سنة قد نسخت قرآناً فلا بد أن تجد مع القرآن المنسوخ آيةً تدعم تلك السنة.

ثم تحدث عن الاجتهاد, وأنه لا يكون إلا على نص موجود في القرآن أوفي السنة أوعلى علةٍ توصلك بنص موجود فالاجتهاد بدون شيء يدور على محوره الاجتهاد مستحيلاً وباطلاً, وينتهي إلى أن الاجتهاد والقياس شيئاً واحداً فالاجتهاد يؤدي إلى القياس والقياس هو عملية اجتهادية... ثم تحدث عن الاستصلاح والاستحسان ...

ومعنى قول الإمام الشافعي في باب إبطال الاستحسان: من استحسن فقد شرّع , أي من استحسن إيجاد حكم شرعي لا دليل له ولم يعتمد فيه على الاجتهاد الذي ضبطه بضوابط من القرآن أو السنة فهذا مشرع ولا مشرع إلا الله.

والاستحسان عند الإمام ابي حنيفة: هو دليل علمي شرعي ينقدح في ذهن المجتهد تديق عبارته عنه.

وهناك أمثلة على ذلك – ما قصده الإمام أبي حنيفة- :

إذا شهد أربعة أشهاد على شخص بارتكاب الفاحشة فاختلفت أقوالهم في وصف الفاحشة , واتفقوا على ارتكاب الفاحشة مالحكم: قوله عليه السلام : " ادرؤوا الحدود بالشبهات ما استطعتم" قال الإمام أبي حنيفة بعدم قبول شهادة الأشهاد لاختلافهم, إذاً تعرضوا للحد ثمانين جلدة , فنتيجة هذا استصدم الحكم بحديث رسول الله عليه الصلاة والسلام: "ادرؤوا الحدود بالشبهات ما استطعتم", فقال الإمام أبي حنيفة بقبول شهادتهم في رفع الحد عنهم وفي الوقت ذاته لا نقيم الحد على المتهمين بسبب وقوع الشبهة .. وكان دليله بذلك الاستحسان وكان مصدره حديث النبي عليه الصلاة والسلام السابق.

إذا قوله عليه الصلاة والسلام: " ادرؤوا الحدود بالشبهات ما استطعتم" يفيد الشهود ويفيد المشهود عليه.

أما الإمام الشافعي فكان يرى للاستحسان معنى مخالف لما كان يراه أبي حنيفة رضي الله عنهما.

تحميل



تشغيل

صوتي
مشاهدة