مميز
EN عربي

السلاسل: القرآن والحياة

التاريخ: 03/04/1978

المدرس: A MARTYR SCHOLAR: IMAM MUHAMMAD SAEED RAMADAN AL-BOUTI

13- الحلقة الثالثة عشرة: الطيبات من الرزق

التصنيف: علوم القرآن الكريم

العمود الفقري في موضوع التنعم بزينة الحياة الدنيا يتمثَّل في قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾.


ولقد اتفق علماء الشريعة الإسلامية على أنَّ كل ما قد خلقه الله سبحانه وتعالى من النعم مباحٌ في الأصل بمقتضى هذه الآية ولقوله تعالى: ﴿هُوَ ٱلَّذِى خَلَقَ لَكُم مَّا فِى ٱلْأَرْضِ جَمِيعًا﴾ (لكم) واللام: لام الامتنان، أو لام الاختصاص، وليست لامَ الملك.


هنالك عوارض تجعل من المباح مكروهاً أو محرماً، وتجعل التنعم بكثيرٍ من زينة الحياة الدنيا داخلاً في معنى التبذير الذي حرمه الله عزَّ وجلَّ بصريح قوله: ﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ﴾.


العلماء قالوا: كل ما يدفع الإنسانَ إلى أسباب التنعم في الملبس أو المأكل أو المسكن لدافعٍ من الرَّغبة الذاتية في التنعم فهو مباحٌ، حتى إذا تحوَّل هذا الدَّافع إلى دافعٍ ثانٍ كأن يرى الناس يتمتعون بأثاثٍ ورياشٍ فاخرٍ فيندفع إلى أن ينافسهم في ذلك؛ ليتفوَّق عليهم في هذه المظاهر، فيصير هذا التمتع محرَّماً؛ وقد دخل هذا في معنىً من معاني الكبر، ذلك لأنَّ هذا الإنسان لم يعد يستفيد من هذه النعم للفائدة التي خلقها الله عزَّ وجلَّ من الضرورات أو الحاجيات أو التحسينيات.


لا حرج قطُّ في أن يضع على مائدته أصنافاً شهيِّةً مختلفةً وإن كان يعلم أنَّ من حوله فقراء لا يملكون ربع هذا الطعام؛ بشرطٍ واحدٍ؛ هو أن يجعل من ماله نصياً لأولئك الفقراء المعدمين أو الذين لا يجدون هذه المآكل، إضافةً إلى مال الزكاة، وإن امتنع عن أداء ما سوى الزكاة يصبح مكروهاً.
قوله تعالى: ﴿لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا﴾  كلمة ﴿وَرِيشًا﴾ تعبيرٌ عمَّا زاد عن الحاجة الأساسية في الملبس والمسكن، ممَّا يدخل في معنى الجمال الذي أباح الله عزَّ وجلَّ بصريح هذه الآية، وبصريح قول رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في الحديث الصحيح المتفق عليه: (ألا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر فقال أحد الصحابة يا رسول الله إن أحدنا يحب أن يكون ثوبه جميلاً ونعله جميلاً قال الله جميل يحب الجمال) فقد أوضح لنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّ هذا لا يدخل في معنى الكبر الذي حذر منه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.



تحميل



تشغيل

صوتي