مميز
EN عربي

السلاسل: القرآن والحياة

التاريخ: 08/01/1978

المدرس: A MARTYR SCHOLAR: IMAM MUHAMMAD SAEED RAMADAN AL-BOUTI

2- الحلقة الثانية: الإسلام بين النظرية والتطبيق

التصنيف: علوم القرآن الكريم

كثيرون هم الذين يتصورون أنَّ الإسلام جميل جداً فيما يَرسُم ويُشرِّع في الكتب، ولكنَّهُ على صعيدِ التطبيقِ يتبخَّر، هذا التصور خاطئ، فإنَّا إذا أردنا أن نتصوَّر بُعد الشُّقة بين المبادئ الإسلامية وبين الواقع الإنساني، لم نجد شقةً أبعد بين هذين الطريفين من العصر الذي بعث فيه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ومع ذلك استطاع الإسلام أن يتحقق في المجتمع العربي، كيف استطاع الإسلام أن ينزل من مستوى المثالية النظرية إلى التطبيق؟


السبيل هو الدخول في بوابة اليقين بأنَّ الإسلام مصدره رب العالمين، وأنَّ الإنسان عبدٌ مملوكٌ لله عزَّ وجلَّ، وأنَّ هذه الحياة الدنيا فعلاً متاع، بهذا المدخل حطم الأقدمون التحديات، لم تعد النظم الاقتصادية التي كانت تخضعهم للربا تحول بينهم وبين التحول إلى نظامٍ اقتصاديٍّ جديدٍ، لم تعد أخلاقياتهم الجاهلية حاجزاً يمنعهم عن الانتقال إلى أخلاقياتٍ جديدةٍ.


نحن اليوم فعلاً نعاني من تحدياتٍ، ولعلَّ هذه التحديات هي التي تجعل كثيراً منَّا يتصوَّر أنَّ الإسلامَ شيءٌ مثاليٌ ضبابيٌ لا يمكن إخضاعه للواقع، فالمسلم اليوم يجد نفسه واقعاً في تيار الحضارة الغربية، يعود إلى مبادئ الإسلام الأخلاقية فيجد أن بينها وبين هذا التيار تناقضاتٍ، النظم الاقتصادية التي ساقتها هذه التيارات الحضارية بعيدةٌ عن النظم الاقتصادية الإسلامية، ينظر إلى التقنية الجديدة ثم يعود إلى التنظيم الذي أقامه الله بين الرجل والمرأة، فيقول هذا لا يتفق مع هذه السياسة التقنية الجديدة التي لا بدَّ أن نخضع أنفسنا لها.


فالذي ينقصنا الآن هو الدخول في البوابة التي دخل فيها أولئك المسلمون السابقون، ولو أنَّك نظرتَ إلى كثيرٍ من هؤلاء الناس الذين يتأففون من مثالية الإسلام، لرأيت يقينهم الاعتقادي مضطرباً.
لكن ما ينبغي أنَّ نتصور أنَّ معنى المثالية العصمة، فالإسلام يهدف إلى مجتمعٍ رخيِّ إنسانيٍ متعاونٍ سليمٍ يسير إلى أهدافه التي رسمها لنا الله، مع العلم بأنَّ هذا المجتمع ستظلُّ فيه الذنوب والعيوب؛ ذلك لأنَّ الإنسان كان خطاءً في حكم الله عزَّ وجلَّ، فمجتمع الصحابة كان مثالياً، لكن كان فيه مخطئون، وكان فيه تفاوتٌ بين المستقيمين.



تحميل



تشغيل

صوتي