مميز
EN عربي

الفتوى رقم #13748

التاريخ: 14/06/2011
المفتي: A MARTYR SCHOLAR: IMAM MUHAMMAD SAEED RAMADAN AL-BOUTI

أي المواقف أولى بالاتباع في هذه الأيام

التصنيف: الرقائق والأذكار والسلوك

السؤال

((ملاحظة: أسئل الله أن يكون سؤالي بحثاً عن الحق وليس مراء, ولكنه والله يؤلمني أفكار طلاب العالم من حولي واختلافهم وإسائتهم الأدب في حق أكثر من عالم من أهل الفضل الذين ما أرادوا إلا رضا الله)) فضيلة الدكتور: في ظل تفرق كلمة العلماء عن حكم واحد, يجد المرء نفسه محتاراً تائهاً, فلا يدري في أي سرداب يسير, نحن نريد الخير ولكن لا نعرف الطريق, بعض الناس يقولون اتبع رأي الشيخ فلان فهو من الأولياء وعنده كشف ويعلم الغيب, وآخر يقول لا لا هذا العالم يمشي في السرداب الصحيح اتبعه عسى الفرج في رأيه. وقد رأينا رأيَّ العلماء: حيث نفر من العلماء اتخذوا موقفاً مشدداً من المظاهرات. وفريقٌ آخر كانت لهجته في منتصف الطريق, كقول أحد العلماء : المظاهرات حقكم ولكني لا أفتي بخروجكم لأني لا أتحمل دم أي مسلم. وقول آخر إن أردتم الخروج لا تخروجوا تحت اسمي. والفريقان هما من أهل العلم والفضل في هذا البلد كأمثالكم و الشيخ كريم راجح والشيخ أسامة والشيخ سارية هل الخلاف هنا فقهي.... أم هو خلاف كما في خلاف الصحابة في فتنة مقتل سيدنا عثمان. أم هو نوع من التوجه الفكري كسلفي أو صوفي أو شيوعي أو إخواني, أو غير ذلك. وماذا يترتب على ذلك. هل يأثم المتظاهرين وهل يأثم من يضربون ويسلمون المتظاهرين للأمن من أهالي الأحياء كما حصل في أكثر من موضع وهل يجوز التشهير بمن سُموا العواينية. وهل يأثم العلماء لعدم اجتماع كلمتهم؟ حيث هناك حديث عن تشبث كل عالم برأيه وما نتج عن ذلك من انقسام في صفوف المسلمين. وهل يجوز لمسلم إن رأى مسلماً يؤذى ويهان ألا ينصره. ومالطريق لنصرة أخوتنا الذين يقتلون أو يحاصرون, هل هي الكلمة أم الدعاء أم هي غير ذلك. ومن لم ينصرهم هل هو آثم. وهل ما نحن فيه هو فتنة أم هو كخروج العز بن عبد السلام في الشام على والي الشام آنئذٍ ,و في أي من الحالات السابقة هو الحل وكيف؟
أنقل إلى كل منكما جواب رسول الله صلى الله عليه وسلم المتضمن الإجابة عن هذا السؤال والمخرج من هذه الفتنة، وهو قوله في خطبة في حجة الوداع: "وقد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب الله وسنة رسوله" إن المسلمين، وفي مقدمتهم علماء المسلمين، لو استجابوا لوصية رسول الله هذه، لما اختلفوا ولما ضلوا". كتاب الله يأمر أمراً جازماً المسلمين، بسدّ الذرائع الموصلة إلى ارتكاب محرم. فقال: "ولاتسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم" حرّم على المؤمنين سبّ الأصنام إذا جرّ المشركين إلى سب الله، مع العلم بأن سب الأصنام في أصله مباح، فكيف إن تسبب عن مثل هذا المباح قتل البرآء واصطدام الأحقاد والنزوات؟ قرر العلماء إعتماداً على هذا النص وأمثاله في كتاب الله أن من تذرع بفعل مباح في أصله إلى قتل بريئ اعتبر في حكم الشريعة الإسلامية قاتلاً، وتحمل مسؤولية هذا الجرم كاملاً عند الله عز وجل. ومن المعلوم أن معظم أعمال التخريب التي تمت والأرواح التي أزهقت في الشوارع، إنما تم التذرع إليها والتسبب لها بالمسيرات المهيجة والهتافات الإستفزازية والتصرفات الهوجاء المثيرة لغضب الأخرين. ومن ثم فإن المتذرعين والمتسببين يتحملون (قضائياً في دار الدنيا، وعقاباً لهم يوم القيامة) نتائج أعمالهم الذرائعية. وهذا حكم شرعي ثابت لا نعلم خلافاً فيه، وإذا كان فيمن يعُدون من العلماء من يخالف بسلوكه أو بتعليماته هذا الحق الثابت، فهو إما لجهله أو لإيثاره رضى دهماء الناس على رضى الله والالتزام بشرعه. وأقول لمن يعبر عن حيرته عندما يرى اختلاف أهل العلم أمام مثل هذه الفتنة: إن كنت بصيراً بوصايا القرآن ووصايا رسول الله أمام مثل هذه الحال، فلك في اتباع كتاب الله ورسوله ما يحلّ مشكلتك ويريح بالك، وإن كنت جاهلاً بوصايا كتاب الله ورسوله، فحسبك إذن أن تستجيب لأمره الصادر إليك وإلى أمثالك: "إذا رأيت شحاً مطاعاً وهوى متبعاً ودنياً مؤثرة واعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بخاصة نفسك ودع عنك أمر العامة"(ابن ماجه وأحمد و والنسائي الترمذي وقال هذا حديث حسن غريب) وأقول لمن يتهم هذه النصيحة النبوية بالسلبية والفرار من الواجب: إن النبي صلى الله عليه وسلم لو خصّ بهذه الوصية واحداً أو ثلة من أصحابه أو همس بها في آذانهم لأشبه أن يكون الأمر كما يقولون. ولكنها وصية عامة أوصى بها المسلمين جميعاً عندما تهتاج مثل هذه الفتن، فما الذي تتصوره لو أنهم جميعاً انقادوا لوصية رسول الله واعتزلوا هياج الشوارع ومسيراته، وعكف كل منهم على تربية أهله وأولاده التربية المثلى؟! إذن لانقشعت الغمّة وسكن الضجيج ولا نكشف تجار الفتنة وعملاء الخطط الخارجية الآثمة. بقي أن تعلم، وأن نعلم نحن الذين يشار إلينا على أننا علماء الدين، أن لكل مقام مقالاً يناسبه. فإذا رأيتُني أقف أمام عوام الناس وفئاتهم، فيجب أن أذكرهم بواجباتهم المنوطة في أعناقهم وأن أدعوهم إلى التوبة من أوزارهم المتنوعة الكثيرة التي يتورطون فيها. وإذا رأيتُني لمناسبة ما أقف أمام المسؤولين أو ثلة منهم أو القيادة العليا فيهم، فيجب أن أذكرهم هم بواجباتهم وأن أحذرهم من المعاصي التي يتورطون فيها، وأن أدعوهم إلى تحكيم الدين وإصلاح الحال. والعجيب أن فينا من يعكس هذا الأمر، فلا يطيب له أن يتحدث عن تقصير المسؤولين وأن يذكر بمعاصيهم وأخطائهم، إلا عندما يرى نفسه يخاطب دهماء الناس وعامتهم، وهو يعلم أن الناس الذين يخاطبهم ليسوا هم المسؤولين عن تلك المعاصي والأخطاء، وأن القادة والمسؤولين غائبون ولا علم لهم بهذا الذي يصفهم به، ويدعوهم إليه.. ولعل الفرصة إن واتته في لقاء مع القادة والمسؤولين لمناسبة ما، لا يتذكر من كل ما كان يغتابهم به أمام دهماء الناس شيئاً. اللهم طهر قلوبنا من أهوائنا ومصالحنا الدنيوية المهيمنة عليها، وطهرها من سائر الأغيار واجعلها أوعية لحبك وتعظيمك وأكرمنا بنعمة الصدق في معاملتك والإخلاص لك في سيرنا إليك ملاحظة الجواب مكرر لعدة أسئلة من نفس النوع