مميز
EN عربي
الخطيب:
التاريخ: 25/03/2016

خطبة د. توفيق البوطي: الحرية والإصلاح وهم حاكه المسيحين المتهودين


الحرية والإصلاح وهم حاكه المسيحين المتهودين
د. محمد توفيق رمضان البوطي
أما بعد فيا أيها المسلمون، يقول ربنا تبارك وتعالى في كتابه الكريم: ) إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (ويقول سبحانه: )وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (ويقول سبحانه في وصف المنافقين: )وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ(11)أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ (وقال في وصفهم ) يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (وروى ابن أبي شيبة في مصنفه عن أبي موسى الأشعري أنه قال: ألا أحدثكم حديثاً كان رسول الله r يحدثناه، قلنا: بلى، قال: قال رسول الله r:« لا تقوم الساعة حتى يكثر الهرج، قيل يا رسول الله وما الهرج، قال: القتل، قالنا أكثر مما نقتل اليوم؟ قال: ليس بقتلكم الكفار، ولكن بقتل الرجل جاره وأخاه وابن عمه، قال فأبلسنا حتى ما يبدي أحد منا عن واضحة، قال: قلنا ومعنا عقولنا يومئذ؟ قال: تنزع عقول أكثر أهل ذاك الزمان، ويخلف هنات من الناس يحسب أكثرهم أنهم على شيء وليسوا على شيء، والذي نفسي بيده لقد خشيت أن تدركني وإياكم الأمور، ولئن أدركتنا مالي ولكم منها مخرج إلا أن نخرج منها كما دخلنا» .
أيها المسلمون، قبل سنوات خمس بدأت في بلادنا فتنة عمياء أطلقت على نفسها اسم الحرية والإصلاح، ضمن برنامج بدأ في دول أخرى، وباسم الإصلاح دُمّرتْ أقطارٌ فهي اليوم في حالة بائسة جدا، وهل يخفى عليكم ما يجري في ليبيا وما يجري في اليمن؟ إنه الإصلاح بالمنطق الأمريكي الصهيوني، ولايزال القتل يستحر بأبناء تلك المناطق وبمناطقنا أيضاً، ولقد اتضح لكل ذي بصر وبصيرة أن هذه الفتنة الجائحة التي تقنعت باسم الإصلاح والحرية إنما كانت وراءها أصابع صهيونية، وهذا مما كان صاحب هذا المنبر، رحمه الله، والذي كلف بالخطبة في جامع بني أمية قد لفت الأنظار إليه منذ اليوم الأول، طبعاً اتضح أن الصهيونية ممثلة برموزها كانت وراء هذا المسلسل الذي قذف ببلادنا وبأبنائنا إلى المهالك، وقُسّمت الأمة إلى موالين ومعارضين، ليحترق هؤلاء بنار أولئك، ولتحترق الأمة بيد أبنائها، ترى ما علاقة الإصلاح والحرية بتدمير الوطن؟ ما علاقة الإصلاح والحرية بتنفيذ مخطط من نادت بالفوضى الخلاقة التي تشيع في البلاد حالة من الفوضى تضيع فيها الأوراق وتسفك فيها الدماء وتنتشر فيها الفتنة؟ ليس عجيباً أن يحرّك هذه الفتنة عدو صهيوني ليؤلّب الناس على بعضهم، فهذا شأنه، ومن قبلُ كان عبد الله بن أبي بن سلول رأس النفاق، وكان اليهود في المدينة المنورة يسعون إلى نشر الفتنة في المدينة المنورة بطريقة أو بأخرى. لكن الأمر العجب أن يقوم بعض منتسبي المساجد وأدعياء العلم بأن يصبحوا أدوات في إشعال هذه الفتنة وتأجيج نارها، كان رحمه الله، قد نادى وبأعلى صوته أبناء أمتنا أن يستيقظوا وأن يتنبهوا وأن يحذروا فتنة إذا انكسر بابها فلن يعود، وحذر وطالما حذر من أن يضرب بعضنا رقاب بعض، وأن ندمر وطناً هو لنا جميعاً. ولكن اتهم آنذاك من قبل أدوات الفتنة بأنه رجل السلطان، في الوقت الذي كانوا هم – وأعني أدعياء العلم ومنتسبي المساجد – كانوا ينافقون للسلطان ويتملقونه، بينما وقف وحده بالكلمة الطيبة ينصح ولاة الأمر والرعية في آن واحد، لم يدرِ كثير من الناس أن ما يجري من حملة تشويه وافتراء وكذب وتحريض ضد سلامة هذا الوطن وضد العالم الذي وقف في وجه تلك الفتنة أن وراء ذلك أصابع خارجية. أما وقد أصبنا جميعاً، فإن علينا أن نعود فنقرأ حساباتنا بدقة ونصحح المسار، لم ينفك دعاة الفتنة عن إشعال نارها والتحريض عليها، حتى نال شرف الشهادة وهو على منبر الدرس، في داخل المسجد وهو يتلو كتاب الله ومن حوله خيرة شباب دمشق يقتل معه العشرات من طلبة العلم من أبنائكم من أبناء هذه البلدة من صالحي هذه البلدة، ولما نُفّذت فتاواهم تبرؤوا منها وتنصلوا عنها، وكانوا قد أفتوا بالقتل والاجرام وسفك الدماء قبل ثلاثة أيام من استشهاده. هو نال شرف الشهادة، والهدف اسكات صوت الحق وإيقاف الدعوة إلى الله، كتم صوت الإسلام عن العالم، ولكن خسئوا. صوت الإسلام الله تولاه، ودعوة الحق الله ينصرها، ألم يقل الله عزَّ وجل )إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ( سلامة وطنكم هذا سلامة بلاد الشام مواجهة وبقاء وصمود ثبات بلاد الشام في وجه هذه الفتنة كفالة الله عزَّ وجل، أجل بكفالة الله تم ذلك، وستبقى هذه البلاد آمنة بإيمانها سليمة بعقيدتها وبإذن الله تعالى مهما تآمر المتآمرون ومهما تكالب الأعداء، ألم يقل النبي r:« إن الله تكفل لي بالشام وأهله» ألم يقل النبي r:« إن الملائكة باسطة أجنحتها على الشام» أخبر عن الشام وكانت الشام يوم أخبر عنها بذلك ترزح تحت هيمنة الطغيان الروماني. ولكنها كفالة الله، هذه من أدلة النبوة. إلام دعا رحمه الله؟ دعا إلى حقن الدماء وسلامة البلاد، والكف عن دعوة مآلها تمزيق هذا البلد وتحطيم قوته وخدمة أمن إسرائيل، أجل هدف الفتنة يتمثل في أمور طالما كررتها، الأمر الأول تدمير هذا البلد - أنا لا أسلسل الأفكار بحسب الزمن ولا بحسب الأهمية، ولكن بحسب المراحل – تدمير هذا البلد، الأمر الثاني: تشويه الإسلام، أرأيتم كيف عمدوا إلى تشويه الإسلام بممارسات تنسب إلى الإسلام زوراً وبهتاناً؟ وكيف خُلِقت تلك المجموعات التي جاءت من أقاصي الدنيا لتزج في هذه البلاد فتدمرها وتحرقها وتحرق أبناءها بيد أبنائها، أجل؛ هذا الهدف الثاني، يتجلى اليوم وهو يمشي في مراحل فيها مفاجآت غير متوقعة، ولكن تدل على مدى الحقد الذي يكنّونه لإسلامكم ولوطنكم، عندما سفكت دماء الآلاف في بلدنا حرّضوا على التمادي في القتل ولايزالون يحرضون، وعندما قتل العشرات في بلادهم على يد من هم صنعوهم ومن هم جندوهم ومن هم سلحوهم، ندّدوا بذلك، واحتجوا وبكوا وتباكوا. أنا أعني منتسبي العلم، أجل من الواضح أن ما يجري إذاً هو هذا الأمر الآخر، الهدف الثالث هو التخلص من تلك القطعان البشرية التي نسبت إلى الإسلام وليست من الإسلام في شيء، وأُلصقت بالإسلام وإنما هي صنعة أعداء الإسلام، لكن هم أناس لا يفهمون من الإسلام إلا اسمه ولا علاقة لهم بالإسلام مطلقاً إلا من خلال انتسابهم إليه وحمل مظاهر منفرة من الإسلام ينسبونها إلى الإسلام. من العجيب أن يكون القتل في بلادكم تقرباً إلى الله وجهاداً وعملاً مبروراً، وأن يكون القتل في بلاد الغرب التي أشعلت النار وجندت هؤلاء يجب التنديد به والتباكي على قتلاه. نحن لا نرتضي الظلم والبغي والعدوان، سواء في بلادنا أو في بلاد غيرنا. ولا نرتضي سفك الدماء البريئة سواء في بلادنا أو في أي بقعة من بقاع الأرض، ولكن لا نرضى أن يسمى هذا في بلادنا جهاداً وفي بلادهم جريمة. هنا هو جريمة وهناك هو جريمة، يجب أن تضح المصطلحات، وأن توضع النقاط على الحروف. وأن يعرف أن الموضوع كله يكمن وراء هدف تشويه الإسلام بدأ من يوم الحادي عشر من أيلول، وما نسب إلى الإسلام من قبل بعض الحمقى بتوجيه من سادتهم وما يجري اليوم أيضاً استمراراً وامتداداً. ما المخرج؟ المخرج هو ما كان قد نادى به وصدح به ودعا إليه شهيد المحراب يوم قال ونادى هذه الأمة بأفرادها بقادتها بمدنييها بعسكريها بكل فئاتها بالتوبة إلى الله عزَّ وجل، وإغماد السلاح عن صدور بعضنا وتوجيهه إلى من يستحق القتل من أعدائنا إلى من يحتل المسجد الأقصى ويستبيح الحرمات ويقتل إخواننا الفلسطينيين هنا وهناك، أما أن نقتل بعضنا فهذا مما لا يجيزه الإسلام ولا يسمح به، أما أن ندمر وطننا وأن يقطع الماء والكهرباء عن أبناء المدن، وأن تدمر البنية التحتية للوطن، أن تدمر الجسور والأنفاق، أن تدمر خطوط إمداد النفط ومحطات توليدها، أن تدمر المشافي والمساجد هذا ليس جهاداً، هذه خدمة مجانية للعدو. ولقد كافأهم العدو على ذلك فداوى جرحاهم في مشافيه وزودهم بما يلزمهم من سلاح وعتاد وتموينات وغير ذلك، وهذا لم يعد أمراً خفياً و لا سراً مكتوماً، أصبح أمراً معلناً وواضحاً، والمتهم في ذلك كل من ينفخ في نار هذه الفتنة ولايزال ينفخ، وكل من يرتضي بسفك دم المسلم لأخيه، سفك دم الجار لجاره، سفك دم المسلم لأخيه المسلم. اتضحت الفتنة ومعالمها ولكن هل استيقظت العقول، نحن مطالبون بأن نتوب إلى الله أن نستغفر الله لأن الله يقول )وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ(. نادى رحمه الله كل فئات الأمة على اختلاف مراتبها ومستوياتها أن يعودوا إلى ربهم، وأن يصححوا مسارهم بما يرضي الله سبحانه وتعالى، فكل من لا يسعى في ذلك يرتضي لنفسه أن يكتوي بنار هذه الفتنة، ويرتضي لهذه الأمة أن تحترق بنارها. نحن مطمئنون بإذن الله تعالى بأن الفرج قريب وأن هذه البلاد ستبقى في ظل كفالة الله عزَّ وجل. ولكن سياط التأديب لابد أن تكوي ظهورنا؛ لأننا ينبغي أن نتوب إلى ربنا لتنبهنا إلى ضرورة التوبة والإنابة إلى الله، لتنبهنا إلى ضرورة العودة الراشدة إلى هدي الله عزَّ وجل، أن نكف عن ضرب بعضنا، أن نكف عن معصية الله في بيوتنا أن نكف عن ظلم بعضنا، أن نكف عن أكل أموال بعضنا بالباطل، ولكن هل من مستيقظ ؟ أسأل الله أن يردنا إلى دينه رداً جميلاً، وأن يفرج عن الأمة ما أصابها إنه سميع مجيب
أقول هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين
خطبة الجمعة 2016/03/25


تشغيل

صوتي