مميز
EN عربي
الخطيب:
التاريخ: 03/04/2015

خطبة د. توفيق البوطي: واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا


واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا
د. محمد توفيق رمضان البوطي
أما بعد فيا أيها المسلمون يقول الله جلَّ شأنه في كتابه الكريم )إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ( ويقول سبحانه:)وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ( ويقول سبحانه: )وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُون( وقال سبحانه: )وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا( روى الشيخان عن النبي r أنه قال:" المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه و من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة" وروى الشيخان عن النبي r أنه قال:"لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث أيام" وقال النبي r فيما رواه مسلم:"من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه" وروى أيضاً عن عبد الله بن مسعود أن النبي r قال:" سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر" وقال:"إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما "
أيها المسلمون، لا يخفى على أحد منا ما آل إليه حال الأمة من تمزق وتشتت وفرقة، وكأن الله عزَّ وجل لم يقل لنا: ولا تنازعوا فتفشلوا، وكأن الله سبحانه وتعالى أباح لنا دماء بعضنا، إنها فتنة تنفث بأعاصيرها في الأمة فتمزقها شذر مذر، وتعمل مبضع الكراهية فيما بينها، ولو أننا تأملنا: من المستفيد من هذه الحالة؟ لوجدنا أن أمم العدوان والكفر هي وحدها المستفيدة، وبالأخص دولة العصابات الصهيونية، هي وحدها المستفيدة، نوفر لها بنزاعاتنا وخصوماتنا أجواء الأمن والطمأنينة، بينما هي تقتّل أبناء أمتنا وتعمل فيهم القتل والتدمير، تسلبهم بيوتهم وتقتّل أولادهم ونساءهم وتتربع على عرش الطمأنينة آمنة راضية، انظروا إلى حال بيت المقدس كيف يتهدده التدمير بين لحظة وأخرى، وانظروا إلى أهل الضفة وفلسطينيي الأرض المغتصبة وإلى فلسطينيي غزة، انظروا إلى حال القنيطرة، انظروا إلى حال تلك المناطق التي قدمناها بفرقتنا رخيصة للعدو، وها نحن ننحني لعاصفتهم لكي يمرروا المزيد من المكاسب لأنفسهم بينما نخسر المزيد نحن من وجودنا ومن حقوقنا.
أيها المسلمون، العدو ينهش من أرضنا ويدمر ممتلكات أبناء أمتنا، والله تعالى يقول: )وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ( فرصة النصر نضيعها يوماً بعد يوم، نلتقي على قتال بعضنا، حبذا لو أننا التقينا على قتال عدونا، حبذا لو أننا جمعنا الكلمة يوم صبت قوى الاغتصاب والعدوان على أهلنا في غزة نيران الفتك والتدمير، لم تتحرك أمتنا من أجل غزة، ولم تتحرك من أجل بيت المقدس، ولم تتحرك من أجل عدوان يهدد أرضاً هنا أو هناك، ولكن تحركنا جميعاً من أجل أن نقتتل فيما بيننا؛ على مستوى البلد الواحد وعلى مستوى الرقعة الإسلامية أو العربية كلها، لو أن ضمير المسلمين استفاق لأولئك الأطفال والرجال والنساء الذين يحرّقون في بورما، أو هنا وهناك ونحن نرى الظلم والبغي والعدوان، لكن حماستنا انطلقت لنعمل يد التدمير والقتل وسفك الدماء فيما بيننا نحن أنفسنا، ألم يأمرنا بوحدة الكلمة فقال تبارك وتعالى )وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ ( فقلنا: بل نفترق ولا نعتصم، وقد يسوغ البعض هذا الذي نراه وتحترق قلوبنا بسببه بأن الطرف الآخر كفرة، لا أدري لو أن وصف الكفر قد صدق عليهم كما يدعون، ترى لماذا لا يُعملون مبضع القتل إذن في الكفار جميعاً، ولماذا كانوا برداً وسلاماً على اليهود المغتصبين القتلة المجرمين الذين ينتهكون حرمة مقدساتنا، بينما تُصب حممهم على إخوانهم وأطفالهم ونسائهم وأبريائهم، لقد تجلى التضامن العربي في أجلى صوره وفي أجلى مظاهره عندما تصب الحمم على عربي أو على مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، لخلاف سياسي بينهم؛ لا بل .. ليس هناك خلاف سياسي بينهم، بل تلبية لأوامر خارجية وخدمة لأهداف يهودية، نقتتل طاعة لهم، ونقتتل تلبية لمطامعهم، نحن على مستوى الأسرة أصبح بعضنا يكره بعضا.
النبي r يقول: "من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه" لكن الفتاوى الآن بأنه حل دمه وماله، الفتاوى الآن أننا يجوز أن نقتتل. أقول أيها المسلمون: أياً كان المعتدي فإن غضب الله عزَّ وجل يحيق به، وأي طرف أشعل نار الفتنة سيحترق بها. أما نحن، فإننا ننأى بأنفسنا عن أن نكون طرفاً في قتال مسلم لأخيه المسلم؛ بل أن نكون طرفاً في أن نحرض أو أن نلغ في دم المسلمين وقد تنزهت أيدينا عن دمائهم، كيف يكفرونهم؟ تكفير أمة تقول لا إله إلا الله ..كيف يمكن أن أصف بصفة عامة كيف أطلق وصف التكفير لأمة بكاملها! هذا الأمر غير مقبول من حيث العقل ومن حيث المنطق ومن حيث المبادئ العامة في الشريعة الإسلامية. ما ينبغي أن ننطلق من أهواء ولا من مخططات، ينبغي أن ننطلق من قواعد شرعية، من كلام رسول الله r، من كلام ربنا سبحانه وتعالى، أما أن نعطي البرنامج الأمريكي والإسرائيلي عباءة إسلامية فذلك هو أخبث أنواع الشذوذ وأسوأ أنواع الضلال. أرادوا منهم فنفذوا، ذلك شأنك، أما أن تعطي تنفيذك هذا صفة دينية هذا من تحريف كتاب الله، ومن تشويه دين الله، تماماً كمن يدمر المسجد ويقول الله أكبر، ويقتل العالم ويقول الله أكبر، ويستبيح الأعراض ويقول الله أكبر، أتريد أن تشوه أعظم شعار نعتز به ينادى به للصلاة وللدين؟
رأينا الفتنة التي طافت ببلادنا ولا تزال تطوف كيف يُقتل المسلم.. بأي مسوغ؟ لأنه صوفي، لأنه أشعري، لأن يتوسل، هو لم يسأله ولم ينهه، إنما جاء ففجر نفسه أمامه لكي يتخلص منه؛ تطبيقاً لأوامر جاءته من دوائر معينة، رسمها برنارد ليفي وعصابته وكنا الأمناء على تنفيذ مخططه.
أقول لكل طيف من أطياف أمتنا ولكل فريق من فرقاء أمتنا إن أي إسهام في تمزيق الصف المسلم معصية لله كبيرة لاسيما في هذا العصر، سواء تمثل ذلك في غلو من هذا الطرف أو غلو من هذا الطرف، إنه خدمة لأعداء الله، أما نحن فعلينا أن نعتزل ذلك كله، وعلينا أن نكون الطرف الذي يعود إلى نفسه فيصحح نفسه، ويقوم اعوجاجه ويتوب إلى ربه ثم يضرع إلى الله، يا رب اهدِ قومي، يا رب رُدّنا إلى دينك، يا رب أخمد نار الفتنة، واجعل كيد من يكيد لهذه الأمة في نحره ومكر ما يمكر بها عائداً إليه، أما نحن فعلينا أن نصحح عقولنا بتعلم ديننا وتعلم مبادئ شريعتنا لكي لا يضللنا مضلل ولكي لا يحرفنا عن جادة الله منحرف، أن نعود إلى المنهج العلمي إلى ما ائتمننا عليه رسول الله r عندما قال:" سباب المسلم فسوق وقتاله كفر" مساجد تدمر لأنها تخ


تشغيل

صوتي