مميز
EN عربي
الخطيب:
التاريخ: 31/01/2014

خطبة الدكتور توفيق: خطبة الاستسقاء


خطبة الاستسقاء
31-1-2014
د. محمد توفيق رمضان البوطي
استغفر الله الحي القيوم وأسأله التوبة، أستغفر الله الحي القيوم وأسأله التوبة، أستغفر الله الحي القيوم وأسأله التوبة، أستغفر الله الحي القيوم وأسأله التوبة، أستغفر الله الحي القيوم وأساله التوبة، أستغفر الله الحي القيوم وأساله التوبة، استغفر الله الحي القيوم وأسأله التوبة، استغفر الله الحي القيوم وأسأله التوبة.
الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله وصفيه وخليله، خير نبي أرسله، اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد صلاة وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين، وأوصيكم ونفسي المذنبة أولاً بتقوى الله تعالى، وأحثكم على طاعته، أما بعد فيا أيها المسلمون:
ما من باب أجدر بأن نقف عليه ونلقي على أعتابه حاجتنا، وآلامنا ومصيبتنا إلا باب الله عزَّ وجل، نحن الفقراء وهو الغني، ونحن الضعفاء وهو القوي، ونحن العبيد وهو رب السموات والأرض قد ابتلانا بالنعم، وجدير بمن أوتي النعم أن يشكر، وابتلانا بالشدائد، وجدير بمن ابتلي بالشدائد أن يرتمي على أعتاب ربه أن يرفع عنه الشدة التي نزلت به، وأن يلتجئ إليه ويتوب إليه )وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ( عندما نجد الشدائد قد حاقت بنا، والضيق والكرب قد نزل بنا، فلنبحث عن سبب ذلك في أوضاعنا، وفي أحوالنا، وفي ظروفنا وفي بيوتنا وفي تصرفاتنا، لنبحث عن مدى تقصيرنا في الواجبات التي أمرنا الله عزَّ وجل بنا، نبحث عن الحقوق التي ضيعناها، نبحث عن الحدود التي انتهكناها، نبحث عن أي شيء مما يمكن أن يكون مخالفة لهدي الله ولشرعه، ولاشك أن سياط التأديب رحمة بالعبد إذا استيقظ بعدها، وأنها تنبيه للإنسان أن يعود إلى ربه، فقسا ليزدجروا، ومن يكو راحماً فليقسو أحياناً ، على من يرحم ، تأتي سياط التأديب لتذكرنا بأن لنا رباً سنقف بين يديه ، وأننا لم نشكر النعم التي أولانا إياها ، وأننا ضيعنا الحدود والأوامر التي أمرنا بها ، فليس لنا إلا أن نلتجئ إليه ونعود إلى رشدنا ونتوب إلى الالتزام بحدود ربنا سبحانه وتعالى ، ربنا سبحانه وتعالى حذر من أولئك الذين قست قلوبهم فنبهوا فلم ينتبهوا ، وذكروا فلم يتذكروا ، ووعظوا فلم يتعظوا ، فقال :) فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ #وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ(
أيها المسلمون: المصائب التي حلت بنا كثيرة، وخطيرة، ولعل من أشدها حالة الجفاف التي ذر قرنها، وأنذرت بعظيم الخطر أن يحيق بهذه الأمة بهذه البلاد التي ألفت البركة، ولقد مرت بنا سنوات شدة، فأرشدنا إلى صلاة الاستسقاء، فرفع الناس الأكف إلى الله عزَّ وجل، فأغاثهم وسقاهم، وعاد عليهم بالفضل والرحمة والعطاء، بعد شدة أذاقهم طعمها بعد سنوات، أو فترة ما.
جدير بنا أيها المسلمون ونحن نتفيأ بقايا نعمة الله عزَّ وجل أن لا نضيعها وأن نحافظ عليها، لأننا إذا ضيعناها فقدناها فلم تعد، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "فإنها إذا ذهبت لا تعود" عندما نقول هذا الكلام نوجه هذا الكلام إلى الفقراء والأغنياء، إلى الضعفاء والأقوياء، إلى الرجال وإلى النساء، إلى الأمراء وإلى الرعية، إلى المدنيين والعسكريين، إلى كل طوائف هذه الأمة وكل فئات هذا الشعب نقول للجميع: علينا أن نعود إلى ربنا، أن يعود الجميع إلى ربهم عزَّ وجل، وأن يلتزموا حدوده، ويقفوا عند أوامره ويجتنبوا نواهيه، ويندموا على ما كان منهم من تقصير، ويعلنوا التوبة النصوح لله عزَّ وجل. وقد أشرت قبل قليل إلى أن شروط التوبة أربعة، الشرط الأول أن نقلع عن المعصية، أما أن يستمر في المعصية فلا قيمة لاستغفاره؛ بل إن استغفاره ليتطلب منه الاستغفار؛ لأنه أشبه بالاستهزاء منه بالاستغفار، الشرط الثاني الإقلاع عن الذنب، وكلنا يعلم في نفسه مدى التقصير، وأنا أشدكم تقصيراً وأكثركم معصية، لذلك فإني وأنتم كلنا نبسط الأكف إلى الله قائلين: يا رب تبنا إليك، يا رب ظلمنا أنفسنا واعترفنا بذنوبنا، قصرنا في واجباتنا، وارتكبنا ما نهيتنا عنه، وقصرنا فيما أمرتنا به، ولا ملجأ لنا منك إلا إليك، وأنت القائل )فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ( كلنا بكل أطياف هذه الأمة وكل فئاتها يجب أن نراجع أنفسنا، ويجب أن نتبصر مواطئ أقدامنا، ويجب أن نعود إلى رشدنا وأن نعود إلى ربنا. وجدير بنا إذا صدقنا في التوبة لله عزَّ وجل أن نصلح ما كان فاسداً من حياتنا، وأن نصطلح مع ربنا سبحانه وتعالى، ونجعل من هذا المجلس ومن هذا المقام منعطفاً في حياتنا، وعهداً بيننا وبين ربنا تعالى أن نصلح ما فسد، وأن نقوم ما اعوج. وأن نعود إلى الله عزَّ وجل عودة صادقة، ونتوب إليه توبة نصوحاً، ليست المصيبة أن تعصي، فكل ابن آدم خطاء. ولكن المصيبة كل المصيبة أن تصر مستكبراً مستخفاً دون أن تفكر بالتوبة، ودون أن تفكر بالاستنابة، إن المستكبر سيحجب عن الله عزَّ وجل، ويتبلد حسه، فيلقى الله عزَّ وجل وهو عليه ساخط، يلقى الله سبحانه وتعالى وهو عليه غضبان، بل لا مصير له إلا قي قعر جهنم.
اليوم عمل ولا حساب، ولكن غداً حساب ولا عمل، اليوم الفرصة لا تزال متاحة، ولكن إذا أغمضت عينيك، وجاء ملك الموت إليك فلا سبيل إلى التوبة بعدئذ، لا سبيل للاستغفار بعدئذ ونداء المرء عندئذ ) رَبِّ ارْجِعُونِ # لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ( لا ينجيه. اليوم هي الفرصة، أما غداً فحساب ولا عمل، الاستدراك بعد إذٍ لا سبيل إليه )رَبِّ ارْجِعُونِ # لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا(
أيها المسلمون: تعالوا نطرق باب الإنابة والتوبة والندم، الندم الصادق على ما كنا قد فرطنا وقصرنا، فإنني وإياكم جدير بنا أن تستيقظ منا القلوب، وأن تثوب بنا المشاعر إلى رب كريم غفور رحيم، يعطي ولا يمنع، ويغدق في العطاء لمن تعرض لعطائه، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " كلكم يدخل الجنة إلا من أبى. قالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى" لذلك لنجعل من هذا المجلس عهداً بيننا وبين ربنا سبحانه وتعالى عسى أن يسعفنا رب العزة جلَّ شأنه بأمطار ونعم وخير وفير بإذنه سبحانه وتعالى، وعسى أن يتجاوز عنا معاصينا حتى نلقاه وهو راض عنا، إنه سميع قريب.


تشغيل

صوتي