مميز
EN عربي
الخطيب:
التاريخ: 06/09/2013

خطبة الدكتور توفيق: وما النصر إلا من عند الله


وما النصر إلا من عند الله
د. محمد توفيق رمضان البوطي
يقول الله تعالى في كتابه الكريم : )وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ(
ويقول سبحانه : ) وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ(
ويقول سبحانه: ) لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ # ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (
وقال سبحانه : ) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ #فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ(
وقال سبحانه : ) ِإذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ َمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (
ويقول سبحانه :) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ(
وقال جلَّ شأنه: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ (
أيها المسلمون :
هذا الإعصار الذي ثار من حولنا يقتضيني أن أقف معه ثلاث مواقف
الوقفة الأولى: أن عدونا الأول الذي يهدد أمننا ويهدد استقرار بلادنا، ويهدد مصير أمتنا إنما هو المعصية، وليس أمريكا ولا فرنسا ولا ذلك العدو الجاثم في أرض فلسطين؛ إنما هو معاصينا، فإذا ما أردنا أن نتجاوز الخطر فما علينا إلا أن نتوب إلى ربنا؛ لأن أي مصيبة تصيب هذه الأمة إنما تنجم عن معاصيها، وإنما هي ثمرة لانحرافها عن نهج ربها، ألم يقل الله سبحانه: )وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ(
لذلك إذا نظرنا إلى حال الأمة أو إلى حال الفرد وما قد أصابه؛ فلينظر إلى واقع حياته وسلوكه وتصرفاته، وإلى صلته بربه، فليتحسس موطأ قدمه، ولينظر إلى موضع حاله مع ربه سبحانه وتعالى، فإن حالة الإنسان في كثير من الأحيان إنما تكون ناجمة عن سوء تصرفه وانحرافه عن نهج ربه، على أن المعصية قد ينعكس شؤمها على الأمة كلها بسبب ارتكاب قلة لها، فكيف إذا كانت الكثرة الكاثرة منها منحرفة عن نهج الله عز وجل!! ليس لنا عندئذٍ إلا أن نصدق في الالتجاء إلى الله والاعتصام بحبله، واللواذ ببابه، و أن نقول يا رب برئنا من المعاصي، وقد بذلنا مستطاعنا في النصح، إن علينا أن نصحح سلوكنا وأن نبدأ بأنفسنا، وليس ثمة منفعة أو فائدة من أن نلقي النصح إلى الآخرين ولا نلقي النصح على أنفسنا نحن )أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ( ) لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُون( المسألة تقتضي منا تصحيح المسار، تصحيح السلوك، تصحيح الصلة بالله جلَّ شأنه. هذه هي المسألة الأولى التي أريد أن أقف عندها.
المسلمون في غزوة أحد ومعهم رسول الله r أربعون منهم فقط هم الذين عصوا فيما أشار إليه بيان ربنا )وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ ۖ


تشغيل

صوتي