مميز
EN عربي
الخطيب:
التاريخ: 16/04/2021

خطبة الدكتور محمد توفيق رمضان البوطي بتاريخ 16 / 4/ 2021

أيّها المسلمون؛ يقول ربّنا جلّ شأنه في كتابه الكريم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) ثم قال بعد ذلك: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) ويقول النبي ﷺ فيما رواه البخاري في حديثٍ قدسيٍ يرويه عن الله تعالى: "قالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له، إلَّا الصِّيَامَ؛ فإنَّه لي، وأَنَا أجْزِي به، والصِّيَامُ جُنَّةٌ، وإذَا كانَ يَوْمُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فلا يَرْفُثْ ولَا يَصْخَبْ، فإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ" ويقول :ﷺ "مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْل فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ" أي: ليس له ثوابٌ في صيامه وتركه للطعام والشراب.


أيّها المسلمون؛ شهر رمضان شهر الصيام، شهر القيام، شهر التعبد، شهر التهجد، شهر البذل والعطاء، شهر الانتصارات والإنجازات، شهر العمل والجد، شهر التراحم والتعاطف والتواصل وإصلاح ذات البين. والشيء الأبرز في هذا الشهر هو الصيام. والصيام فيما يبدو إمساكٌ عن الطعام والشراب وبقية المفطرات ولكن حقيقة الصيام صيامٌ عن كل ما نهى الله سبحانه وتعالى عنه. فنحن صائمون مذ كلفنا وصائمون إلى أن نلقى وجه الله U!


إنما يأتي هذا الشهر ليمدنا بعونٍ من الله U ورقابةٍ وإخلاصٍ وصبرٍ وإرادةٍ على أن نلتزم بصيامنا عن بقية المحرمات التي نهانا الله U عنها. الطعام والشراب والمعاشرة الزوجية مباحات في أصلها، لكن الله U أمرنا في هذا الشهر بالإمساك عن هذه المباحات فإذا كنا نمسك في هذا الشهر عن المباحات، فأجدر بنا أن تصوم جوارحنا عن المحرمات؛ عن النظر إلى الحرام، سواء على الشاشة أو في الشارع، وعن اللغو الحرام من كذبٍ وشتمٍ وغيبةٍ ونميمةٍ وغير ذلك، عن أي محرم من المحرمات، عن أن نمد أيدينا إلى المال الحرام، عن أن ندخل في جوفنا مالاً حراماً.


كل ذلك هو مقتضيات هذا الصوم، فهل صمنا؟! هذا هو الصيام الحقيقي! الصيام عن الطعام والشراب دورةٌ تدريبية لكي نلتزم بالصيام الأساس وهو الإمساك عن كل ما حرم الله U من المحرمات.


لذلك أوصي نفسي وإياكم أن نكون في هذا الشهر أشد التزاماً بأوامر الله واجتناباً لنواهيه وتحققاً من معاني الصوم حتى تشرق أنوار المحبة في قلوبنا وليتحقق وصف التقى. ألم يقل الله U: (وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ* الذين ينفِقُونَ في السَّرَّاء والضَّرَّاء والكاظمين الغيظ والعافين عن النَّاس واللّه يُحبُّ المحسنين) نعم، وربنا تبارك وتعالى يوصينا بالصوم ويقول: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}. أسأل الله أن يرزقني وإياكم صفة التقى حتى نكون من الذين أكرمهم الله تعالى بجوائز المتقين.


أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم فيا فوز المستغفرين.


 

تحميل



تشغيل

مشاهدة